تكنولوجيا

مراجعة Far Cry 6

خاص | أحمد سامي

في العادة ما تعمل شركات صناعة الألعاب على تقديم أجزاء مميزة في سلاسلها المستمرة منذ فترة طويلة وحتى اللحظة.

وربما إحدى أشهر السلاسل حصراً في المجال هي سلسلة Far Cry، ولعبة Far Cry 6 هي آخر جزء في السلسلة حتى وقت كتابة هذه الكلمات، ومن المتوقع أن نرى المزيد في المستقبل.

لكن هل القصة جيدة هذه المرة؟ هل استطاعت شركة Ubisoft أن تنتشل نفسها من بركة الانتقادات السلبية التي تلقتها بخصوص الجزء الخامس بالفترة الأخيرة؟

الآن تنوعت الأفكار، تشابكت، وتصاعدت، وفي المنتصف تجد الكثير من الفنيّات الصغيرة التي تجعل العالم مثيراً بنسبة كبيرة عن الأجزاء الماضية.

لكن لن تكون اللعبة جيدة إلا إذا كانت لها شخصيتها الفردية المميزة، وأن تشعر بكونها ليست جزءاً من كل، بل هي الكل ذاته.. فلِمَ لا نغوص بعض الشيء في أعماق “يارا” لنبحث عن “كاستيو” وننقذ الأرض من أحد أعتى طغاة عالم الألعاب؟

أنت محارب (أو محاربة – حسب اختيارك في بداية اللعبة)، تسعى للوذ بالفرار من الأرض التي داهمها جنود “كاستيو” فجأة، وبات عليك الهرب بأي شيء حتى تنزح إلى الأمريكتين وتشرع في بدء حياة جديدة، محاولاً مواراة لهجتك الإسبانية المأخوذة رأساً من الجزر الكاريبية غير البعيدة عن الأراضي الأمريكية على الإطلاق.

في أحد الأيام تجلس على سطح المنزل مع الرفاق، حتى تجد قوات الطاغية الفاشي “كاستيو” قادمة تجاهك لتجبرك على العمل بالسخرة في مزارع نبات سام وقاتل باسم “فيفيرو”، يقولون إنه يشفي السرطان ويحسن من الأوضاع الاقتصادية للبلاد؛ لكنه في واقع الأمر ليس إلا وسيلة ضغط سياسي يستعملها الطاغية لعدم مجيء المجتمع الدولي فوق رأسه لانتهاك حقوق الإنسان في يارا.

لعبة Far Cry 6

عند محاولتك الفرار مع رفاقك، تنقلب الأحداث رأساً على عقب ويتم إغراق القارب خاصتكم برصاص سرعان ما غُرس في قاعدته، حتى تجد نفسك في الصباح التالي على شاطئ ليس بالبعيد عن يارا، والآن عليك التجول في الجزيرة والتعاون مع المقاومة بهدف إسقاط كاستيو، وفي المقابل ربما تحصل على قارب صغير يأخذك للأمريكتين وتترك كل هذا الدمار خلفك.

لكن… هل ستحصل على القارب فعلًا وتحقق حلمك؟ أم تصير البيدق المنقذ للكل؟

اللعبة مميزة على أكثر من صعيد، بداية من الشخصيات القوية التي لها تاريخ وتأثير في مسار الأحداث، مروراً بخيوط القصة التي تعمل على بناء نفسها بنفسها مع الحرص على فصل كل شيء عن بعضه بفترات لعب زمنية طويلة، وصولًا للصغائر الأخرى في عالم اللعبة؛ والتي تجعله نابضاً بالحياة بالرغم من فقر القصة في بعض المناطق.

الشخصيات محبوكة بشكل جيد فعلًا، لكن للأسف لن تتعامل إلا مع عدد محدود جداً منها على مدار القصة، على الأقل ذلك العدد هو الذي يظهر في المشاهد السينمائية المرتبطة بالمسار التقدمي للأحداث في الأساس، بينما الشخصيات الأخرى هزيلة بعض الشيء، بالرغم من وجود قابلية لتحسينها وجعل عدد ساعات اللعبة أطول بكثير بفضلها. وعلى ذكر ساعات اللعب، لنقل أنك ستأخذ حوالي 7 ساعات لإنهاء حوالي 20% من القصة فقط، فما هي المدة الإجمالية للعب في رأيك؟

أجل، القصة طويلة، وهذا طور القصة فقط، ليس طور “الإثارة” الذي فيه بالتأكيد سنضاعف مدة اللعب على أقل تقدير، وتكون فيه التحديات أصعب والذكاء الاصطناعي أقوى. وبالنسبة للذكاء الاصطناعي، فدائماً ما تجد أمامك كل شيء حياً، من أحصنة وخنازير وقشريات بحرية، وكل شيء في المنتصف.

لعبة Far Cry 6

الحيوانات تركبها، تأكلها، وتستخدم لحومها وجلودها للمقايضة بأشياء تساعدك على تحسين ترسانة أسلحتك؛ الترسانة التي تُحسن إما عن طريق عباقرة البناء في القصة، أو بنفسك عن طريق تجميع الأجزاء وتطويرها من خلال أي طاولة عمل بالقرب منك، وهذا يعطيك مساحة كبيرة جداً لاستكشاف أسلحة جديدة، وإحداث الدمار بكل طريقة تتخيلها، مهما كانت جامحة.

ونظراً لامتلاء عالم اللعبة بالحيوانات والسيارات والطائرات المحلقة في مجالات جوية محظورة، فإنك على الدوام في حركة تنقل مستمرة، وسلسة أيضاً. لكن هذا تأتي معه المشاكل، فالمكان الوحيد المسالم نوعًا ما هو مقر بداية الأحداث، وما يأتي بعده ما هو إلا تكتل من المقاطعات المكدسة بجنود الطاغية، وإنجاز المهام فيها بمثابة انتحار، لكنه انتحار جميل ومليء بالانفجارات من كل جانب.

ولتشويقك، في الـ 7 ساعات الأولى من اللعبة سوف تتعامل مع واحدة من أمتع مهمات عالم فار كراي منذ ظهوره للنور حصرًا، نقطة ومن أول السطر!

الجانب السلبي الوحيد لأسلوب اللعب هو المدة الطويلة بين الأجزاء المحورية للقصة. فالوصول للطاغية يحتاج إلى مجهود شاق في مختلف جوانب العالم، ويجب عليك إنجاز مهام جانبية كثيرة رغمًا عنك حتى تكتسب المهارة اللازمة للتعامل مع العدد المهول للجنود في كل مكان، لأن الذكاء الاصطناعي فعلًا لا يرحم، حتى في الطور الهادئ للعب.

هنا نأتي للجانب الذي سيزعج البعض، وفي الواقع، أنا ضمن هؤلاء البعض فعلًا.

الجرافيك ممتاز في معظم النواحي، هذا لا غبار عليه. الصخور بديعة، الحشائش مرضية جدًا، والسماء في مختلف أوقات اليوم تشعر وكأنها تقول لك: “هيا يا رجل، أنت لا ترى هذا الجمال حتى في أرض الواقع!”. حتى أن تصميمات الأسلحة بديعة وإبداعية لدرجة كونها تحفًا فنية حتى دون تطبيق أي نوع من أنواع الطلاء أو التحسينات الشكلية عليها؛ تجربة الجرافيك رائعة فعلًا، حتى على أقل إعدادات.

ولكن… من المثير للتساؤل هو ظهور الشرير الرئيس في القصة بجرافيك سيء، أليس كذلك؟

جميع الشخصيات محبوكة بقوة، الجرافيك الخاص بها ممتاز، خصوصًا تعبيرات الوجه. لكن عندما يأتي الأمر للشرير الأعظم “كاستيو”، فهذا غير موجود بالمرة. الفرق بين المشاهد السينمائية له وشكله في اللعبة ذاتها؛ مختلف اختلاف الأرض والسماء بكل ما تحمل الكلمة من معنى. إن العمل على وجهه سيء، جدًا. التعبيرات الوجهية مضبوطة، هذه نقطة إيجابية في حق فريق التطوير، لكن جودة مفردات الوجه ذاتها غير مرضية على الإطلاق، ولا تصرح بأي شيء إلا أنه تم إنجاز شخصية الشرير سريعًا حتى تظهر اللعبة للنور في الميعاد المحدد، للأسف.

لكن على كل حال، هل الجودة السيئة لشخصية واحدة قد تدمر تجربة اللعب بالكامل؟ بالطبع لا.

على عكس الجرافيك، فأن الصوتيات مذهلة، حتى أن بعض المقطوعات تعتبر أنغامًا من النعيم، والجحيم أيضًا. أثناء اللعبة، تقوم الموسيقى بدور مضخّة الأدرنالين، وكذلك حقنة المورفين؛ في البداية تدفعك نحو تفجير كل شيء وأي شيء حولك، في ثورة غضب عارمة، ثم عندما تهدأ الأمور، تأخذ بيدك إلى أقرب صخرة لتسند رأسك إليها وتفكر في جمال الكاريبي.

لعبة Far Cry 6

كما أن الميكساج الصوتي أيضًا مميز للغاية واحترافيّ. صوت خطوات الأقدم واضح جدًا، خصوصًا للأعداء، فآخر ما تريده هو أن يتسلل خلفك أحد الأعداء فجأة. لكن هذا من الناحية الأخرى لا يظهر في سماعات الحاسوب، فإذا كنت تنوي اللعب على أجهزة اللعب المنزلية المتصلة بسماعات خارجية؛ اجلب سماعة رأس للاستمتاع بكافة النوتات الموسيقية في المقطوعات الرائعة تلك.

وفي الختام، أنت دائمًا بيدق، من البر للبحر بيدق، فهل ستغير رتبتك في رقعة اللعب؟ أم تظل خانعًا وراضخًا للفاشية؟

الخلاصة: لعبة Far Cry 6 تأخذ السلسلة إلى مستوى آخر تمامًا، تقدم القصة الممتازة (مع بعض الزلّات البسيطة)، أسلوب اللعب القوي (مع بعض المهام الجانبية المزعجة)، والصوتيات لا غبار عليها، بالإضافة إلى الجرافيك المنصف لجميع الشخصيات، على حساب الشرير الأهم في القصة للأسف. بالمجمل إنها تجربة تستحق العيش، إنعاش ملحوظ للسلسلة، وربما تعتبر من أهم ألعاب 2021 حتى الآن.

التقييم النهائي : 8.5/10

[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر قبل صدورها في الأسواق]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى