مقالات مختارة

محاولة لجبر الخاطر

محمد احداش

ما أصعب الحياة في مجتمعنا على حر كريم عزيز النفس طاهر اليد حسن الخلق نقي السريرة يعاني من جهل الجاهل وكيد المعتدي وحسد الجافي وعدواة لا يدري سببها
ليسوا سواء، ليس كل مجتمعنا على حال واحد ، هناك بقية من خير ولكنهم في كرب شديد يوماً بيوم وساعة بساعة،بعض الأخوة الكرام حقاً في بلدنا بهذا الحال يؤذيهم الناس ،كل من جهته وكل حسب استطاعته، لااستطاعوا، وهؤلاء الكرام القليل عددهم ، بخلقهم الرفيع لايحسنون الرد الذي يناسب سوء أخلاق الناس، ويطمع في طيبتهم كل أحمق مأفون ،يجرب كل أرعن صبرهم ،ويختبر كل شرير طيبتهم ويفتش كل كذوب صدقهم ويمتحن كل خوان أثيم معدنهم، فيصبرون ويحتملون ويتناسون ويتغافلون، بل من طيبتهم يتجاوبون معهم، لايمكنهم غير ذلك لايحسنون مجاراة السفهاء ولا مبارازتهم ، بل أحدهم يغضب وله كل الحق في الغضب ويعزم على مكافأة السيئة بالسيئة فينحل عزمه إذ أنه لايحسن الخلق السيء ولا يقدر عليه ، يعيش بين الناس كمؤمن آل فرعون ، يكتم حاله،يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ويحسبهم الجاهل أنهم لايتأذون من حماقته من التصبر ويحسبهم الجاهل في عافية من التجلد والتجمل
يتهمونه بما هو بريء، يتهمونه بما فيهم ،يتهمونه بما ابتلوا به يتتبعون حاله فإن وجدوا شيئاً انظلقوا فرحين به متأولين له أبعد وأفحش تأويل ليبرروا تصفيته المعنوية فإن لم يجدوا وخاب بحثهم (خابوا وخسروا )افتروا أو بادروا إلى الطمس والتعمية عليه لعلهم يغلبون.

يعيش في قهر وقمع متصل بلا سجن مادي بل سجن معنوي يتنقل به يمسيه ويصبحه ولا ينفك عنه، أما السجانون فما أكثرهم وما أحقرهم،ألا سحقاً وبعداً ، ليس هناك فقط قمع وارهاب سياسي بل هناك قمع اجتماعي واقتصادي وفكري وهلم جرا، اذا تحدثوا تحدثوا بأدب وعلم واذا صمتوا صمتوا عن اقتدار ومعرفة ، ومن يستطيع الحديث في عصر ظهور الجهل المكعب المركب ، نحن في خلف كجلد الأجرب يُكذب المحدث وإن لم يكذب نحن في قوم سماعون للكذب وهم يعلمون أكالون للسحت وهم يتعالمون، إذا نبههم أحد إلى اعوجاجهم صاحوا به كأنه هو السبب في مصيبتهم.

أرثي لحالهم كيف يعيشون بين قوم ينكرونهم غربة في غربة في غربة مطبقة ، إذا أخرج فكره ومقالته لم يكد يراها، يعجبهم ما لايجدون ويجدون مالايعجبهم ،بعدت بيننا وبينهم الديار فلم أستطع مواساتهم عن قرب، ولعل كلمة مثل هذه تجبر شيئا من خاطرهم و تمسح دمعة أحدهم وإن دموعهم وآهاتهم لصادقة وإنها لكريمة عزيزة على ربهم وعلى أحبابهم وإني أتقرب إلى الله بحبهم ، دامت هذه الشموع والمصابيح النيرة في سماء بلدي الملبد المكفهر ،سلام عليهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن صفحته الشخصية- فيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى