أخبار ليبيااهم الاخبار

ليبيون في ذكرى ثورة فبراير: “سيّورها تزهى”

قبل عقد من الزمن خرج الليبيون في مظاهرات جابت الشوارع وحناجرهم تصدح بغد أفضل من واقعهم، حيث بدأ الحراك من بنغازي ليَتوالى بعدها في غالبية المدن الليبية لتَتسارع الأحداث وتنحدر البلاد نحو مواجهات مسلحة عززها تدخل حلف شمال الأطلسي “الناتو” استمرت على مدى تسعة أشهر انتهت بمقتل معمر القذافي في مسقط رأسه في مدينة سرت، مع قائد دفاعه أبو بكر يونس جابر، وعدد من رموز نظامه بعد فترة حكم هي الأطول في العالم إذ استمرت لأكثر من أربعة عقود متتالية.

قوة الإرادة رغم حداثة التجربة

وفي شهر يوليو من عام 2012؛ أجريت انتخابات برلمانية لاختيار أعضاء المؤتمر الوطني العام وسط مشاركة واسعة من جميع الفئات شدت إليها أنظار العالم رغم حداثة التجربة، ليبرهن الليبيون على قوة إرادتهم وصدق رغبتهم التي خرجوا من أجلها في عام 2011 ، لكن أتت رياح الأطراف المؤدلجة بما لا يشتهيه الناس، فقد بدأ الانقسام يدب في البيت الليبي من عملية “فجر ليبيا” التي شهدتها العاصمة طرابلس بعد أسابيع من انتخابات مجلس النواب والتي لفظ فيها الشارع الليبي بعض الأحزاب التي اعتبروا أن ولاءها ليس للوطن، ولتَتوالى بعدها الأحداث وتدخل البلاد في أتون نزاع مسلح كان أشده في العام 2020.

الأمل يتجدد بعد عشر سنوات

كان الأمل في التهدئة حقيقياً في نهاية عام 2020، فقد تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار تلاه إطلاق عملية سلام أنتجت سلطة تنفيذية موحدة للمؤسسات في عموم البلاد بعد صراع محموم على السلطة، وضمن هذا الإطار؛ عُيّن عبد الحميد الدبيبة قبل سنة على رأس حكومة انتقالية، مهمتها توحيد المؤسسات وقيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية حدد موعدها في 24 ديسمبر الماضي.

الليبيون يستبشرون

استبشر الليبيون خيرًا بعد أن أضنتهم السنوات العشر العجاف فتقدم الملايين نحو التسجيل في أول انتخابات رئاسية تشهدها ليبيا منذ الاستقلال أي قبل 70 عامًا، فعجّت المراكز التي حددتها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات مسبقًا لتسلّم بطاقات الناخبين في مشهد يعيد إلى العام 2012.

الدولة المنشودة تتأجل

لكن الخلافات العميقة داخليا وربما خارجيا والتي طفت على السطح في ليبيا أدت إلى تأجيل هذه الانتخابات إلى أجل غير مسمى وبالتالي تأجيل حلم أكثر من مليونين ونصف ليبي تسلموا بطاقاتهم الانتخابية بعد أن حزموا أمرهم بالمشاركة في اختيار رئيس دولتهم المنشودة التي طالما حلموا بها فيما كان المجتمع الدولي يعلق آمالاً كبيرة على الانتخابات لتساهم في استقرار بلد سادته الفوضى.

المخاوف تتجدد بسبب تصاعد الخلاف السياسي

ورغم ألم الفقد يحيي الليبيون هذا العام الذكرى الحادية عشرة لانطلاق ثورة فبراير في وقت يمرّ الانتقال إلى الديمقراطية بمنزلق جديد يثير مخاوف من تجدّد العنف على وقع تصاعد الخلاف السياسي خاصة بعد أن أقدم مجلس النواب على تكليف فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة خلفًا لرئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة الذي لا يزال متمسكا بمنصبه.

الأمل في زمن الألم

إن المتتبع للمشهد الليبي خلال السنوات التي خلت يلاحظ الأمل الذي يظهر على محيى الوجوه رغم الألم الذي يعتصرها، خاصة في ظل الأرقام المهولة التي تتحدث عن خسائر جمة تعرض لها الاقتصاد في ليبيا والذي قارب التريليون دولار منذ 2011، ورغم يقين البعض بأن ثورتهم سُرقت وأحلامهم بغد أفضل مشرق قد تلاشت؛ يرفض الآخرون هذا الأمر، ويواجهون ذلك بنبل الهدف الذي خرج من أجله الليبيون ذات يوم، بل إنهم جازمون أكثر من ذي قبل بأن ليبيا ستعود إلى مكانتها التي حلموا بها “وسيورها تزهى”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى