أخبار ليبيااخترنا لك

ليبيا.. واقع مضطرب وخارطات طريق مرتبكة

ترجمة خاصة 218

نشرت مجلة “فورين أفيرس” الأميركية تقريراً أعدّه كلّ من الباحث بجامعة باريس “جلال حرشاوي” والباحث بمؤسسة كارنيغي للسلام “فريدريك ويهري” بشأن ليبيا.

وركز التقرير في مستهله على شكاوى الليبيين من الهالة الخدّاعة التي تحيط بالقمم الدولية بشأن حل أزمة بلادهم التي يتم عقدها منذ أعوام في أماكن ومنتجعات وفنادق في قارات عدة، ويلتقي خلالها قادة الأطراف الليبية برعاية ظاهرية من وزراء وقادة دول غربية ليتم فيها وضع الخطط العملية والتوقيتات.

وبيّن التقرير أن جميع المشاركين في هذه القمم يكتفون بتقديم الوعود الشفوية التي تبيّن إجماعهم على رأي واحد، ويلتقطون الصور التذكارية ويعانقون بعضهم البعض أحيانا، إلا أن واقع حال المواطنين في ليبيا باقٍ على ما هو عليه، فهم وحدهم من يكابدون الأمرّين تحت سطوة الميليشيات المسلحة والاقتصاد المزري والنخب المنعزلة عن بعضها البعض.

وأضاف التقرير أن الوعود تصطدم في كل مرة بالواقع الفعلي وهو ذات ما حدث بعد قيام الحكومة الايطالية باستضافة قمة مماثلة يومي الـ12/13 نوفمبر الجاري، في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية لتندرج هذه القمة في إطار التنافس الشديد بين إيطاليا وليبيا على الملف الليبي.

وتطرّق التقرير إلى ما جرى في مايو الماضي في إطار قمة “أحادية” إلى حد كبير في باريس، حيث تمكن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” من الحصول على التزامات شفوية من القادة الليبيين لتنظيم الانتخابات العامة بحلول ديسمبر الحالي وهو التوقيت الذي قامت الأمم المتحدة بركنه جانباً في أوائل نوفمبر الماضي لأنه غير قابل للتطبيق.

وبحسب التقرير مثّل مؤتمر باليرمو انتقاماً إيطاليّاً من الفرنسيين من خلال تشكيل إجماع محلي ودولي جديد بشأن الملف الليبي لأن عقد قمة ناجحة من شأنه مطالبة إيطاليا بلعب دور الوسيط الأنسب وذو المصداقية للقوى الغربية في ليبيا.

باليرمو وخارطة طريق مجردة

مؤتمر باليرمو
مؤتمر باليرمو

ومضى التقرير في التوضيح بأن الهدف المراد تحقيقه من خلال عقد باليرمو لم يتحقق بسبب عدم بروز رسالة واضحة منه أو أي اتفاق حاسم رغم مشاركة قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج فيه، وتضمن مخرجاته في جانب منها تعهُداً أممياً جديداً بشأن انتخابات يتم تنظيمها في يونيو من العام 2019 وانخراط الوفود الليبية في مجموعات عمل جانبية بشأن الأمن والاقتصاد.

فالذي نتج عن باليرمو خارطة طريق مجردة إلى حد ما لترشد الليبيين نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة لن تكون كافية في حال تنظيمها بنجاح لتحقيق الوحدة والاستقرار الدائم، وسيبقى هنالك سؤال من دون إجابة، مفاده كيف سيتم فرض ما ستأتي به هذه الانتخابات من مخرجات سلمياً على البلاد المنقسمة بين حكومتين متنافستين؟

آمال معلقة على المؤتمر الجامع

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة - باليرمو
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة – باليرمو

وعلى ما يبدو فإن الأمم المتحدة تعوّل بطموح على عقد الملتقى الوطني الجامع في يناير المقبل، بمشاركة ممثلين من فصائل المعارضة الليبية وعمداء البلديات وزعماء القبائل وممثلين عن المجتمع المدني ومواطنين عاديين لحل كافة الإشكاليات الليبية.

ولكن رغم أن الملتقى سيكون عاملاً مساعداً إلا أنه من الممكن أيضاً أن يولد المزيد من الخلافات وتأجيل الانتخابات مرة أخرى، فيما يحتاج توحيد المؤسسات الأمنية والاقتصادية في البلاد هو الآخر إلى عمل مُضنٍ وصعب لأنها منقسمة بين الشرق والغرب.

وتناول التقرير في جانب منه التطورات التي حدثت في ليبيا خلال الأشهر الماضية، ومنها التقدم بمجالات الإصلاحات الاقتصادية التي نفّذتها حكومة الوفاق، وكبح جماح الميليشيات المسلحة في طرابلس وما عبّر عنه التقرير بـ”إضعاف” موقف قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر على الصعيد المحلي، مُبيناً أن هذه التطورات مجتمعة من الممكن أن تشكل بالمجمل وللمرة الأولى منذ أعوام حالة من التفاؤل الحَذِر بشأن مستقبل ليبيا، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي الاستفادة من هذا الزخم للتخفيف من حدة أية مخاطر قد تلوح في الأفق.

المسلحون يقفزون على قرارات السياسيين

الخليج العسكرية تدفع بقوة مسلحة اتجاه تازربو
الخليج العسكرية تدفع بقوة مسلحة اتجاه تازربو

واستمر التقرير بالتوضيح من خلال التطرق إلى مسألة انعقاد مؤتمر باليرمو في وقت تتقاتل فيه المجموعات المسلحة بالعاصمة طرابلس، وهو ما خلّف 115 قتيلاً خلال الصيف، بعد أن استولى بعضها على مؤسسات حكومية وموارد اقتصادية، فيما استفادت هذه الميليشيات من ارتباطاتها بحكومة الوفاق للحصول على اعتمادات من مصرف ليبيا المركزي للتربح من شراء الدولار بالسعر الرسمي وبيعه بعد ذلك بسعر السوق السوداء الموازية، مع استغلال أزمة شح السيولة النقدية لصالحها.

وفي أغسطس الماضي لجأت مجموعات مسلحة متمركزة في محيط العاصمة إلى العنف بعد أن شعرت بأن مصالحها قد تأثرت، لتكون الاشتباكات التي وقعت خلال الصيف الماضي الأشد منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، فهذه الميليشيات تتقاتل فيما بينها للسيطرة على المراكز الحيوية في العاصمة، بما فيها المطارات والمصارف والموانئ وموارد الوقود المهرب، وهو ذات الحال في الزنتان ومصراتة حيث يقوم الخاسرون بعمليات مسلحة مماثلة لإرباك الأوضاع.

ترتيبات أمنية وعقبات هائلة

اشتباكات طرابلس
اشتباكات طرابلس – ارشيفية

وفي أواخر سبتمبر الماضي توسطت الأمم المتحدة للوصول إلى وقف لإطلاق النار من خلال حض الجهات العسكرية الفاعلة في منطقة طرابلس الكبرى على الموافقة على ترتيبات أمنية جديدة، يشرف عليها مركز عمليات مشترك لحماية المواطنين والممتلكات، وتمهيد الطريق نحو استبدال المجموعات المسلحة بالشرطة النظامية على أمل أن يتم تكرار هذا النموذج في مدن أخرى لاحقا.

إلا أن هذه الجهود واجهت عقبات هائلة فقد انتهى الحال إلى استخدام المجموعات المسلحة ذاتها في تطبيق هذه الترتيبات، ما ساهم في ترسيخ سلطتها بشكل أكبر، فضلاً عن الاستعانة بخدمات “رجل الأعمال المصراتي” فتحي باشاغا وتنصيبه وزيراً للداخلية بحكومة الوفاق لتسهيل هذا الأمر.

وعلى الرغم من دعمه لهجوم مصراتة على طرابلس في العام 2014 المعروف باسم عملية فجر ليبيا إلا أن باشاغا يتمتع بسمعة طيبة فيما يتعلق بالبراغماتية والكفاءة، فضلاً عن معرفة حكومات الدول الغربية بخبراته في المجالات العسكرية ومسائل مكافحة الإرهاب، لعمله السابق مع المستشارين الذين أرسلتهم هذه الحكومات للعمل على الأرض خلال ثورة العام 2011 وفي العام 2016 خلال حرب سرت مع تنظيم داعش، فضلاً عن كونه الأكثر من نخب مصراتة قابلية لتقديم تنازلات لشرق ليبيا و”داعميه الأجانب” مثل مصر التي أجرى مسؤولوها محادثات سلام معه في يوليو 2017.

ولا يستطيع باشاغا وحده ضمان تحقيق سلام دائم في طرابلس إلا أن بعض العلامات الإيجابية قد ظهرت منذ بداية توليه مهامه، منها منعه ممارسة المحسوبية من خلال جعل تعييناته الأمنية الجديدة بعيداً عن زملائه المصراتيين، وقيامه بإنشاء قسم لحقوق الإنسان في وزارة داخلية الوفاق، ودعوته إلى سحب الأسلحة الثقيلة لخارج طرابلس وإصراره على إعادة تقييم مستوى الشرطة النظامية خلال فترة حل الميليشيات المسلحة وإعادة تدريبها.

إلا أن استمرار الميليشيات المسلحة الموجودة في قتالها الذي اندلع مؤخراً في نوفمبر الماضي قد يدمر طموحات باشاغا إلا أنه يبقى شريكاً موثوقاً فيه من قبل دول الغرب لتدريب ومساعدة الشرطة الليبية.

الإصلاحات الاقتصادية وتحجيم المسلحين

اجتماع فائز السراج وخالد المشري والصديق الكبير والسيد أحمد معيتيق حول برنامج الإصلاح الاقتصادي - طرابلس
اجتماع فائز السراج وخالد المشري والصديق الكبير والسيد أحمد معيتيق حول برنامج الإصلاح الاقتصادي – طرابلس – ارشيفية

كما تناول التقرير بمزيد من التفصيل الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها حكومة الوفاق ودورها في إيقاف القتال في طرابلس في حال تم تنفيذها بوقت مُبكر، ومن هذه الإصلاحات التي تمت بضغط من الأمم المتحدة وبالاتفاق مع محافظ المصرف المركزي إصلاح سعر صرف الدولار وتوفير العملات الصعبة للمواطنين وتخفيض الدعم عن الوقود، وهو ما قاد إلى تقليص طفيف لقدرة المجموعات المسلحة على سرقة الخزينة العامة عبر الاعتمادات التي يتم الحصول عليها من خلال الاحتيال.

والأهم من ذلك أن هذه الإجراءات خففت من المعاناة الإنسانية للمواطنين وقادت إلى انخفاض أسعار السلع وزيادة قيمة الدينار مقابل الدولار، وبقيامها بجعل قيمة الدينار أرخص رسمياً، وضمان توفير المزيد من الدولارات بالقيمة الجديدة قامت حكومة الوفاق بفاعلية برفع قيمة الدينار في السوق السوداء الموازية.

ومع ذلك يجب اتخاذ العديد من التدابير الإضافية بما في ذلك خفض قيمة الدينار بالكامل، وفحص حسابات المصرفين المركزيين في طرابلس والبيضاء بشكل مستقل، مع ضرورة وضع خطة ملموسة لضمان عدم تسييس المؤسسات المالية الليبية وتوحيدها، وإضفاء صفة اللا مركزية عليها للسماح بالتوزيع العادل للثروة النفطية على البلديات، مع وجوب قيام الأمم المتحدة بمساعدة ليبيا على الانتقال إلى نظام مصرفي إلكتروني.

حفتر لاعب أساسي لا غنى عنه

قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر
قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر

ويثير التقدم السياسي والاقتصادي المتحقق في غرب ليبيا سؤالاً من الأسئلة الدائمة الطرح في ليبيا عن قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر وتطلعاته للسلطة في البلاد، فقد نجح من خلال تغيير رأيه في اللحظات الأخيرة والموافقة على القدوم إلى مدينة باليرمو في فرض نفسه كلاعب أساسي لا غنى عنه ومنقذ لبلاده، لاسيما بعد أن توسع نفوذه العسكري والسياسي في ظل تغير المعطيات على الأرض.

فعلى مدى سنوات عدة شن المشير خليفة حفتر حملات عسكرية ضد المتطرفين في مدينتي بنغازي ودرنة إلا أن هذه الحملات وصلت إلى نهايتها، وهو ما يعني ترك قائد الجيش الوطني من دون معركة جديدة لتحصين هويته كشخصية أمنية وتوحيد مواقف المؤيدين له على حد تعبير التقرير.

وخلال الصيف استعاد المشير خليفة حفتر السيطرة على منشآت النفط المركزية في ليبيا من العصابات المسلحة التابعة للمدعو إبراهيم الجضران، ومن ثم إعادة إداراتها من قبل المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس، بعد أن تعالت أصوات طالبت المشير بتسليم إدارتها لفرع المؤسسة بالمنطقة الشرقية، إلا أن توجيهات دولية حالت دون ذلك، لتعود الأمور إلى نصابها.

ورغم وضعه لنفسه في موقع المحارب للفوضى المتنامية في جنوب غرب ليبيا إلا أن ذلك مازال أمراً بعيد المنال من الناحية اللوجستية والعسكرية، فيما بينت أحداث نصف السنة الماضية بالمجمل “تآكل” فكرة أن قائد الجيش الوطني هو القائد الوحيد القوي القادر على توحيد البلاد.

وقد بدا هذا الأمر واضحاً بعد أن أعرب المشير خليفة حفتر في باليرمو عن رغبته في بقاء السراج في منصبه حتى الانتخابات، فيما يمثل تجديد ولاية حكومة الوفاق كحكومة انتقالية مبدئية برئيس وزراء جديد وتمكنها من العمل بشكل أكثر كفاءة وأقل فساداً، فقداناً للأمل الأخير المتوافر لقائد الجيش الوطني لأن يصبح قائداً وطنيا.

ومن المفارقات العجيبة أن الاندفاع نحو إجراء انتخابات مبكرة خلال العام المقبل قبل أن يتم إرساء أساس النجاح لها قد يكون أفضل فرصة للقائد العسكري لتحقيق طموحاته الوطنية.

باريس وروما .. تنافس تاريخي على ليبيا

وفي جانب آخر من التقرير تم تسليط الضوء على الاستقرار النسبي الذي تم تحقيقه في ليبيا مؤخراً رغم الاشتباكات المسلحة الدورية، وتعميق التقسيم بحكم الأمر الواقع، وهو الاتجاه الهش الذي يدعو مختلف القوى الأجنبية التي تتمتع بالنفوذ في البلاد للاستفادة منه والمساعدة في تعزيز السلام الدائم في ليبيا قبل تدهور الأوضاع فيها من خلال التعامل بمبدأ البراغماتية الجماعية.

ولسوء الحظ بدت العديد من البلدان في باليرمو غير مهتمة بمثل هذا الاتجاه، وظلت متشبثة باتجاهاتها الداعمة لفصائل ليبية فاعلة متنافسة فيما بينها، لتستفيد الأخيرة من غياب القيود المفروضة من الداعمين الخارجيين للاستمرار في تحقيق أقصى قدر من الانتصارات، وهو ما يبين بوضوح حقيقة مفادها أن جزءا من الانقسام الذي يغذي الصراع الليبي له جذور في الخارج.

فالتنافس التاريخي بين باريس وروما على ليبيا قائم، فقد دعمت فرنسا قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، في حين دعمت إيطاليا حكومة الوفاق، في وقت تناسى فيه المشاركون في باليرمو المشاكل البنيوية الأوسع التي لا تزال قائمة في ليبيا، ومن بينها مسألة كيفية إجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة لا يشعر فيها أي من المرشحين أو الناخبين بالخطر، ليبقى الإعلان عن إجراء الانتخابات بحلول يونيو المقبل إقراراً ضمنياً ببقاء الخطة الفرنسية المعتمدة في مايو الماضي قيد التنفيذ مع تأجيل بسيط لبضعة أشهر فقط.

ومع ذلك واجهت حملة باريس لإجراء انتخابات سريعة مقاومة من باليرمو لوجود عقبات قائمة، تتمثل في تصميم فصائل الشرق على عدم القبول باعتماد دستور قبل الانتخابات، ليبقى الملتقى الوطني الجامع الأمل الوحيد لفتح هذا الطريق المسدود.

وتطرق التقرير إلى المخاطر التي قد تحصل على خلفية اندلاع عنف جديدة في طرابلس على غرار ذلك الذي حدث في الأسابيع الأخيرة من الصيف، وهو ما دعا الأمم المتحدة وفرنسا وإيطاليا إلى التشاور مع العديد من قادة الجماعات المسلحة خلال الفترة التي سبقت باليرمو.

إشراك المسلحين في المفاوضات ضرورة

مسلحين

إلا أن هذه المشاورات لم تفلح في جمع أكثر الخصوم استقطاباً حول طاولة واحدة، حيث بيّن وقوف مجموعة مسلحة وراء الكثير من أعمال العنف التي اندلعت في أغسطس الماضي ومنها السيطرة على المطار الدولي في جنوب طرابلس بالقوة، أن قادة الجماعات المسلحة يتمتعون بسلطة أكبر على الأرض، أكثر من سيطرة النخب السياسية، ما يجعل وجودهم جزءا من عملية التفاوض أمراً واجبا.

كما كان هناك بعض الجهود الدولية الإيجابية لإعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا، ففي الأسابيع الأخيرة عرضت إيطاليا ودول أخرى عدة برامج تدريبية لقوات الأمن لسلطات طرابلس، ولكن لكي تنجح هذه البرامج يجب على الليبيين التوصل إلى إجماع سياسي حول الهيكل النهائي لقطاع الأمن في البلاد، والخطوات التي ستكون ضرورية لبناء ذلك مع أهمية تركيز المساعدات الخارجية على إصلاحات هيكلية أوسع وليس فقط على تدريب الجنود والوحدات العسكرية الصغيرة.

وخلال العام الماضي أطلقت مصر محاولة لإعادة توحيد الهياكل العسكرية الليبية المتفرقة من خلال التوسط في التفاهم بين الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وضباط الجيش في الغرب ممن يعملون بالتنسيق مع حكومة الوفاق، ليتوقف هذا الجهد في الربيع، وعندما حاولت القاهرة إحياءه في أكتوبر اعترض ضباط الغرب بدعوى انحياز مصر للطرف الآخر من التفاهمات، وبهذا يجب على الأمم المتحدة الدخول على خط هذه التفاهمات بشكل نشط لإضفاء مزيد من الحيادية عليها.

باليرمو لم يفشل تماماً

مؤتمر باليرمو
مؤتمر باليرمو

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من عدم تحقيق مؤتمر باليرمو النجاح الذي كان يرجوه رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” إلا أن التوصيات التي نتجت عنه لن يكون مصيرها الفشل، فللمرة الأولى منذ العام 2011 يتم إحراز تقدم على 3 مسارات متوازية يعزز بعضها البعض، وهي الاقتصاد والأمن والسياسة، ولتحقيق مزيد من التقدم قامت الأمم المتحدة بتعزيز وجودها السياسي بآخر أمني من خلال عزل العناصر المسلحة الرافضة للسلم، ومنها صلاح بادي الذي تم فرض عقوبات عليه والتعامل مع مجموعات أكثر اعتدالاً وبراغماتية فضلاً عن تحفيزها المسار الاقتصادي.

لا حسم إلا بتدخل أمريكي

الرئيس الأميركي دونالد ترامب
الرئيس الأميركي دونالد ترامب

وخلص التقرير إلى وجوب لعب الولايات المتحدة دوراً أكثر حزماً وواقعية للوقوف بوجه تقاطع المصالح الدولية على الأرض الليبية، لأن واشنطن هي الجهة الوحيدة القادرة على ردع التدخل الخارجي والمشاركة بفعالية في ملف توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا وتقديم المساعدة، خاصة في مجال الإصلاح والتدريب على المستوى الوزاري بمجرد التوصل إلى اتفاق سياسي.

وأشار التقرير إلى أن انخراط واشنطن في هذا الدور يضمن لها عدم عودة نشاط تنظيم داعش الإرهابي، لاسيما في ظل معطيات تنبه إلى إمكانية تنامي وجوده في ليبيا، وتحول عديد عناصره البالغين من 400 إلى 750 عنصرا إلى شكل أكثر حجما وقدرة وهو ما يحتم دعم الميليشيات المسلحة “الصديقة” في مجال مكافحة إرهاب التنظيم بالضربات الجوية، وبناء مؤسسات الدولة الليبية الشاملة، ودعم الاقتصاد، وقبل كل شيء إنهاء الانقسام السياسي المستشري في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى