أخبار ليبياخاص 218

ليبيا في بريد “كلينتون”.. كواليس اغتيال السفير الأميركي ومخاوف المقريف

ظهرت ليبيا في مراسلات بريد وزير الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، بعد أن رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السرية عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات الاتحادية في استخدام الوزيرة خادما خاصا لرسائل البريد الإلكتروني الحكومية فترة توليها منصبها.

ووردت ليبيا بين رسائل بريد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ضمن بريد استقبلته من جايكوب سوليفان، كبير مستشاريها بتاريخ الأول من أبريل 2011 تضمن معلومات عن ليبيا والقاعدة والحصادي.

ويقول فيها سوليفان إنه بناء على محادثات مع وكالة الاستخبارات الوطنية، فهم لا يعتقدون أن عبد الحكيم الحصادي مرتبط بالقاعدة أو أن القاعدة تقاتل مع قوات متمردة في ليبيا.

ويُشير البريد إلى أن مكتب كبير مستشاري كلينتون طرح استفسارا حول علاقة الحصادي بما كان يحدث في ليبيا حينها، ليرد أحمد جبريل، المستشار السياسي لرئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، بأن الحصادي ليس له دور كقائد في التحرك العسكري المعارض للقذافي. وأن الجيش حاليا تحت إشراف عمر الحريري وعبد الفتاح يونس. لكن هناك تقارير صحفية تفيد بأنه من المحتمل أن يكون هناك تغيير في القيادة العسكرية.

وأفاد مستشار المجلس الوطني الانتقالي أيضا أن عبد الحكيم الحصادي نفسه نفى مزاعم أنه كان قائدا في الحملة العسكرية للمعارضة ضد النظام أو أنه كان يعمل على إقامة كيان إسلامي في درنة، مضيفا أن هذه الادعاءات روج لها سيف الإسلام والنظام للانتقاص من المعارضة وجعل الغرب لا يثق في المعارضة والمجلس الانتقالي والحراك الثوري.

وبشكل منفصل، قال سفير النظام السابق لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم، وممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى المنظمة آن ذاك، للسفير الأميركي لدى ليبيا حينها، جين كريتز، إنه قد يكون هناك (حوالي 100 شخص) لديهم ميول للقاعدة في شرق البلاد، لكن الحكومة الليبية لا تعتقد أنه لا يزال هناك نشاط فعال للقاعدة، بحسب الوثائق.

وكتب جايكوب سوليفان لهيلاري في ختام البريد خلفية عن الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة والحصادي، مشيرا إلى أنه يريد إطلاعها على معلومات أكثر لأسباب تتعلق بالسرية، وكتب:

-فيما يتعلق بالمعلومات عن الحصادي على وجه التحديد، فقد اعترف بأنه قاتل في الماضي ضد قوات التحالف في العراق وأنه جند “نحو 25” رجلا من درنة لهذا الغرض.

-أجرى مركز مكافحة الإرهاب التابع لـ West Point مراجعة للوثائق التي استولت عليها القوات المتحالفة من بلدة سنجار بالعراق، وأصدر تقريرا في الإطار الزمني لعام 2007 حول دخول المقاتلين الأجانب إلى العراق عبر سوريا.

-وكشف هذا التقرير أنه في حين أن المملكة العربية السعودية كانت إلى حد بعيد، الجنسية الأكثر شيوعا للمقاتلين في تلك العينة، كانت ليبيا هي البلد التالي الأكثر شيوعا. ساهمت ليبيا بمقاتلين للفرد أكثر بكثير من أي جنسية أخرى في سجلات سنجار (هذه السجلات توثق المدينة / البلدة / البلد الأصلي).

-كان الحصادي عضوا في الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية (LLFG). وتعاونت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في البداية مع القاعدة، وبلغت ذروتها بالانضمام رسميا إلى القاعدة في نوفمبر 2007. ومع ذلك غيرت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة اسمها مؤخرا وتعهدت بالولاء للمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي.

-وكما لوحظ في الصحافة، فقد شارك الحصادي في قتل العشرات من الجنود الليبيين في هجمات حرب العصابات حول درنة وبنغازي في عامي 1995 و 1996.

-ووفقا لتقرير ويست بوينت لعام 2007: “لطالما ارتبطت درنة وبنغازي بالتشدد الإسلامي في ليبيا، ولا سيما بسبب انتفاضة المنظمات الإسلامية في منتصف التسعينيات. وألقت الحكومة الليبية باللوم في الانتفاضة في منتصف التسعينيات على “متسللين من السودان ومصر” ومجموعة واحدة – (الجماعة الليبية المقاتلة ) – التي تدعي أن يكون قدامى المحاربين الأفغان في صفوفها. لقد أصبحت الانتفاضات الليبية عنيفة بشكل غير عادي. واستخدم القذافي طائرات الهليكوبتر الحربية في بنغازي، وقطع الهاتف والكهرباء وإمدادات المياه عن درنة وزعم أن المسلحين “يستحقون الموت بدون محاكمة مثل الكلاب”.

-وقد حارب القذافي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة من أجل الاحتفاظ بسلطته.

-وجهة نظر: ما يحدث في ليبيا لا يمكن وصفه بأنه مشكلة، ولكنه حالة (نابعة من الثقافة القبلية)، ومن صراعات تاريخية طويلة. إنه ليس شيئا يمكن حله في حد ذاته، ولكن يمكن الاستفادة منه. وبالتالي بالنسبة لأولئك الذين يريدون رحيل القذافي، وفقا لوجهة النظر هذه، يجب توخي الحذر حول من نقوم بدعمهم، وقبل القيام بذلك، يجب النظر في إزالة البنية التحتية للأسلحة المتبقية – الكيميائية، وغاز الخردل، ومصانع الأسلحة، وما إلى ذلك – قبل أن تخضع لإدارة جديدة من الليبيين.

………………..

وفي بريد منفصل تلقته هيلاري كلينتون بتاريخ 13 سبتمبر 2012، من سيدني بلومينثال، مساعد سابق للرئيس بيل كلينتون، يشير إلى أن ما وصفته بالرئيس الليبي المؤقت “رئيس المؤتمر الوطني العام” محمد المقريف قد صرح لكبار المستشارين أن وفاة السفير الأمريكي على يد “الميليشيات الإسلامية” يمثل تهديدا لمستقبل حكومة المؤتمر الوطني العام المنتخبة حديثا.

ونقل بلومينثال عن مصدر وصفه بـ”الحساس”، أن المقريف يعتقد أن الهدف الأساسي لهذه الهجمات وغيرها على المنشآت الغربية هو إثبات أن المؤتمر الوطني العام لا يمكنه حماية أصدقائه من غير المسلمين. ويعتقد مسؤولون أمنيون ليبيون أن الهجوم نفذته “كتيبة أنصار الشريعة” التي تمارس عملها خارج المعسكرات في الضواحي الشرقية لبنغازي.

وأضاف هؤلاء المسؤولون أن مصادرهم تشير إلى أن هذه المجموعة يقودها أعضاء سابقون في الجماعة الليبية المقاتلة، وبعضهم موالون للمدعو عبد الحكيم بلحاج. كما سارع المسؤولون أنفسهم إلى الإشارة إلى أنه ليس لديهم دليل على أن “بلحاج” نفسه كان له أي تورط مباشر في هذا الهجوم. كما أنهم لا يملكون معلومات مباشرة عما إذا كان لهذا الهجوم أي علاقة بمقتل زعيم القاعدة الليبي المولد أبو يحيى الليبي، لكنهم يتابعون هذا الموضوع، بحسب البريد.

وفصّل سيدني بلومينثال في البريد المعلومات التي حصل عليها من مصادره كالتالي:

1- يعتقد هؤلاء المسؤولون أن المهاجمين الذين استعدوا لشن هجومهم استغلوا الغطاء الذي قدمته مظاهرات في بنغازي احتجاجا على إنتاج فيلم عبر الإنترنت الذي ينظر إليه على أنه مسيء للنبي محمد.

2- انطلقت الأحداث المباشرة من خلال بيان أدلى به رجل دين في مصر قال فيه إن فيلم الإنترنت سيعرض في جميع أنحاء الولايات المتحدة في 11 سبتمبر في محاولة لإهانة المسلمين في الذكرى السنوية للهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك في عام 2001. وتسبب هذا البيان بشكل متزايد في مظاهرات عدائية ضد سفارة الولايات المتحدة في القاهرة وضد المنشآت الدبلوماسية في ليبيا.

وفي بنغازي، ذكرت مصادر أمنية أن قرابة 21 من مقاتلي أنصار الشريعة غادروا قاعدتهم في شرق بنغازي بعد غروب الشمس مباشرة، وتسللوا إلى حشد من حوالي 2000 متظاهر أمام القنصلية الأمريكية. وفتحت هذه القوات التي تعمل تحت جنح الظلام النار على القنصلية، مما أدى في النهاية إلى إشعالها بقذائف صاروخية. ثم انسحب هؤلاء المقاتلون إلى معسكرهم. وأمر المقريف المسؤولين الأمنيين بالتعرف على المهاجمين واعتقالهم مضيفا أنه كان على اتصال بالرئيس المصري محمد مرسي، واتفقا على تعاون رجال المخابرات والأمن في هذا الأمر.

*ملاحظة: يعتقد بعض المسؤولين الليبيين أن المظاهرة بأكملها كانت بمثابة غطاء للهجوم، لكنهم يشيرون إلى أنه لا يوجد دليل على مثل هذه العملية المعقدة في الوقت الحالي.

3- ويقول مصدر آخر إن ضباط الأمن الليبيين أبلغوا المقريف أن الهجمات كانت مخططة منذ شهر تقريبا، بناء على معلومات تم الحصول عليها خلال مظاهرة مبكرة أمام القنصلية الأمريكية في بنغازي. وكان المهاجمون، في رأي هؤلاء الأفراد، يبحثون عن فرصة للاقتراب من القنصلية تحت غطاء ووسط حشد من الناس.

ويضيف هؤلاء المسؤولون أن ضباط الأمن الحكوميين اعترفوا للمقريف بأنهم لا يملكون القدرة المادية على تحديد موقع كتيبة أنصار الشريعة ومهاجمته وتدميره. وأن قوات أنصار الشريعة هم من القتلة المدربين تدريبا جيدا وأشد قسوة؛ وقد أمضى الكثير منهم وقتا في أفغانستان واليمن. ويتمركز هؤلاء المقاتلون في معسكرات في شرق ليبيا؛ ويشك المسؤولون الليبيون أن بإمكانهم اختراق هذه المعسكرات لأن المليشيات أفضل تسليحا من قوات الجيش الوطني.

4- يرى مصدر منفصل أن المقريف لا يزال يعتقد أن الهجمات كانت مخططة ونُفذت في جو سياسي يُركز فيه جزء من الشعب الليبي على التعاون السابق بين أجهزة المخابرات والأمن الغربية ونظام الحكم السابق.

وبحسب هذا المصدر، فإن المقريف يدرك أن وفاة السفير الأمريكي تملي عليه إيجاد حلول ملموسة للمشاكل المرتبطة بنزع سلاح الميليشيات، والتعامل مع العنف السلفي، ومحاولات تشويه سمعة حكومته من خلال ربطه بأجهزة المخابرات الغربية، وقد أصدر تعليمات إلى مسؤوليه الأمنيين بالتعاون مع نظرائهم الأمريكيين. كما حذر جميع مستشاريه بضرورة الاستعداد للانتقام الأمريكي من الجناة المشتبه بهم في هذا الهجوم ورد الفعل الشعبي الغاضب الذي سيتبعه بالتأكيد.

5- أضاف مصدر منفصل وحساس أن المقريف ذكر في محادثة خاصة أنه إذا لم تستطع حكومته حماية مسؤول دبلوماسي كبير، فلن تكون الشركات الأجنبية مستعدة للمخاطرة بفتح عمليات جديدة في ليبيا. ووفقا لهذه الحساسية يرى المقريف أن مليشيات إسلامية أصبحت تتأثر بالقاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى، وتعمل خارج المعسكرات في الأجزاء الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، وتتلقى مساعدات وأسلحة من أنصارها في السودان.

وفي النهاية أضاف المقريف أنه بينما لا يتوقع من المسؤولين الأمريكيين التركيز على هذه النقطة، فإنه يعتقد أن الهجمات ضد مصالح ومواطني الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تهدف أولا إلى إسقاط حكومته، واستبدالها بحكومة إسلامية متشددة يهيمن عليها القادة السلفيون. كما حذر المقريف من أن الميليشيات القبلية الموالية لعائلة القذافي لا تزال تمثل خطورة مماثلة وتشكل تهديدا للحكام الجدد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى