كتَـــــاب الموقع

ليبيا الحرب المنسية و جيوبوليتيك الطاقة الدولية

 218TV

الجزء الثالث

سليمان البيوضي

بحلول العام 2010 بلغ حجم الاستثمارات الخارجية بليبيا 33 مليار دولار، في إطار مشروع لتنويع مصادر الدخل ، و كان مواكبا لاتفاقيات جديدة ، آخرها ما يعرف بالاتفاقية الرابعة في مجال الطاقة العام 2008 و سبقتها الثالثة في 2005 ، و التي بموجبها عادت شركات أمريكية كبرى لسوق الطاقة الليبية ، و استحوذت في العام 2007 شركة غاز بروم الروسية على رخصة للتنقيب على الغاز في حوض غدامس، و التي تشير التوقعات لبعض الاكتشافات في حقلC7، بأنه لوحده قادر و على مدى 30 عام من إمداد أوروبا كاملة بالغاز الطبيعي ، و تستحوذ ذات الشركة على نصف حقل الفيل النفطي مع شركة إيني الإيطالية .

إن الاتفاقية الثالثة و الرابعة عامي 2005 و 2008 زادت من حجم الشركات العاملة في مجال التنقيب و الاستكشاف في ليبيا ، و سأشير لأهم الشركات التي حصلت على عقود مع المؤسسة الوطنية للنفط ، حيث حصلت شركة ” بي بي ” الانجليزية عام 2007 على أكبر عقد تنقيب منفرد حينها ، حيث بلغ حجم الاستثمار 900 مليون دولار ، و حصلت شركة شل عام 2005 على رخصة للعمل بحوض سرت و رخصة للتنقيب عن الغاز ، و شركة إكسون موبيل عام 2008 على رخصة للعمل في حوض برقه مع تنقيب بحري ، و يشار لأن المؤسسة الوطنية للنفط تمتلك أسهما تفوق نسبتها 51‎%‎ في اطار شركات مشتركة بأسماء ليبية ، و هي المبروك ” توتال الفرنسية ” و مليته ” إيني الإيطالية ” و أكاكوس ” ريبسول الأسبانية ” و الهروج ” الفيبا او موبيل الامريكية ” و قد اندمجت مع إكسون ، ليمثلوا إكسون موبيل ” ، و يشار بأن شركة توتال الفرنسية استحوذت أخيرا على حصة شركة مارثون اويل الأمريكية بشركة الواحة للنفط و التي تنتج يوميا 300 الف برميل .

لقد ترتب على ليبيا التزامات مالية ضخمة بسبب ما تعرض له قطاع الطاقة من توقف و أضرار و كذلك تعويضات و جزاءات للخسائر التي تعرضت لها الشركات المتعاقدة مع ليبيا ، في الفترة ما بين العامين ” 2013 الى 2016 ” ، أي قبل تدخل الجيش الوطني و تحرير الهلال النفطي و إعادة الانتاج لمستويات مرتفعة ، و وجب الإشارة بأنه أيضا و في تلك الأثناء بحثت عديد الدول عن إمدادات جديدة من السوق العالمي ، لتعويض تدفق الإمدادات الليبية ، و هو ما يجب وضعه بالحسبان في إطار تغير مراكز توزيع الطاقة الجديد في العالم ، و تعرضت ليبيا لذات الوضع في سبعينيات القرن الماضي فبعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية المستهلك الأول للنفط الليبي ، انهار تدفق الإمدادات لما دون 5‎%‎ حاليا ، و لعل أبرز المستهلكين للطاقة من ليبيا ، كما ورد في إحصاءات الوكالة الدولية للطاقة  : ايطاليا 32‎%‎ ، ألمانيا 14‎%‎ ، الصين 10‎%‎ ، فرنسا 10‎%‎ ، أسبانيا 9‎%‎ ، و هنا تجدر الإشارة بأنه حتى العام 2012 فإن 13‎%‎ من إمدادات ليبيا للسوق العالمية كانت تعبر من قناة السويس .

لقد مثل اكتشاف الغاز الصخري في ليبيا نقلة نوعية لمصير الطاقة في ليبيا و كذلك من تصنيفاتها العالمية ، إلا أن ما خلفته الأزمة في قطاع الطاقة خلال السنوات الماضية يجبرنا على التخوف ، من ما يعرف في أروقة الدبلوماسية الغربية ” بالإتفاق المؤلم في مسألة تقاسم الثروات و الموارد مع ليبيا ” و كذلك ما أشيع عن قول لأحد مفكري الشركات العملاقة الكبرى العاملة في ليبيا ، في تعليق عن الغاز الصخري في ليبيا ، حيث قال : ” لقد حبانا الله بنعمة في ليبيا بأن ثقلها السكاني بالشمال و منطقة الفراغ السكاني حيث منجم الغاز الصخري ، و هو ما لن يكلفنا شيء ، و علينا أن نستعد لكل السيناريوهات ” في إشارة ضمنية لمبدأ التقسيم .

يشار لأن الإنقسام السياسي الليبي و غياب الحكومة الموحدة ، مثل فرصة استثنائية لزيادة تعقيد الوضع الجيواستراتيجي للطاقة الليبية ، مع تمكين الاٍرهاب و الفساد و الفوضى من التغلغل لصالح دول إقليمية سعت و تسعى للحفاظ على مجال حيوي في ليبيا ، إذ أن غياب الدولة الوطنية سيفتح الفراغات المجالية لتتمدد في الفراغات المحدثة ، لجعل ليبيا جزء من صراعها الحيوي ، إن محاولات تعطيل المجال الليبي هو أحدى أدوات الصراع الإقليمي الدولي في إعادة تخريط الطاقة الدولية ، و بالرغم من ذلك فإن ليبيا تمتلك الفرصة المثالية للنهوض في إطار هذا الصراع لتكون رائدة و متقدمة و مركزا حيويا لسوق الطاقة العالمي .

يتبع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى