كتَـــــاب الموقع

لمستخدمي الفيسبوك فقط..

محمد خليفة إدريس

قبل أن تسترسل في قراءة هذا المقال لا بد أن يكون لك حساب على الـ”فيسبوك”، وقد خصصتُ فيسبوك هنا لكون الليبيين أكثر استخداما للفيسبوك من أي وسيلة تواصل اجتماعي أخرى وفقاً للإحصاءات.

ما أن تفتح الصفحة الرئيسية لك على فيسبوك حتى يطل عليك خبر من هنا أو هناك يحمل في طياته معلومات “خطيرة”، عن هذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع الليبي المحتدم منذ مدة، وسيكون التفاعل مع المحتوى في الغالب بشكل مباشر دون التحقق من صحة المحتوى أو مصداقيته، وأنت إن قمت بهذا الفعل دون التحقق فقد تساهم بتأكيد كلام مضلل وتنشر الأكاذيب من حيث لا تدري.

صديقي أيها القارئ العزيز، بمجرد تفاعلك مع أي منشور سيظهر لأصدقائك أنك تفاعلت معه؛ ما يعني أن هذا المحتوى سيظهر لدى جميع أصدقائك، حيث يعرض فيسبوك أنك تفاعلت مع هذا المنشور لكل المضافين لديك في قائمة الأصدقاء، وسينال هذا المنشور بالتالي انتشارا أكبر بفضل مشاركتك.

وفقا للتجارب السابقة ولدراسات متعمقة في هذا المجال فإن أطراف الصراع أثناء الأزمات -بما في ذلك المدنيون- يحاربون في الواقع الافتراضي لتشكيل الرأي العام، بينما تحاول القيادات أيضًا كسب، أو تقليل الدعم السياسي والمعنوي والمادي لطرف بعينه، لاستمرار الحرب واستخدام موارد البلد، ويمكن رؤية هذا المفهوم في العديد من أنواع الصراعات المختلفة، في المناطق حول العالم، ولعلك – يا عزيزي الليبي- قد لاحظت ذلك.

يا صديقي.. فكر مرتين قبل أن تتفاعل مع ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي- وتذكّر أنك مهم ومستهدف بعديد المواد التي تنشر، فقد باتت هناك جيوش إلكترونية على غرار الجيوش التقليدية، تحارب في جبهات الواقع الافتراضي لتجعلك في صفوفها، فعديد الصفحات على الفيسبوك والتي حازت على إعجابات كبيرة، باتت اليوم مشاريع تدر مبالغ كبيرة على أصحابها، لنشر هذا المحتوى أو ذاك ممن يمجد شخصا، أو يخسف آخر، في سجال بعيد عن الموضوعية، وما يجعله أكثر رواجا غياب التفكير المنطقي من الجمهور فيما ينشر، وعدم القيام بوضع ما ينشر تحت سيف المغالطات الفكرية للمحتوى أو التأكد من صحته بخطوة واحدة من خلال البحث عنه في جوجل “مثلا”.

أخيرا.. في هذا المقال لا أدعوك لترك وسائل التواصل الاجتماعي، بل أدعوك لأن تكون أكثر وعيا عند استخدامها، وأن تساهم بدورك في تنقيح المحتوى وكشف التزوير عبر خطوة بسيطة، تتمثل في إجراء تحليل نقدي لجميع الأطراف الضالعة في أي صراع، فلا تحاول أن تتغاضى عن أي نقطة حتى وإن كانت تتعلق بمن تؤيدهم، لا سيما عندما تكتشف المعلومات الخاطئة المنشورة عن الصراع لتضليل المناصرين أو زيادة التحشيد على حساب عقول المؤيدين، فالأمر في هذا المجال متروك للمستخدمين، ونحن بحاجة حقا إلى تحسين وتطوير الوعي العام ومهارات التفكير النقدي للفرد عبر تكريس هذه المبادئ وتضمينها في مناهجنا الدراسية – التي يدرس أغلبها على الورق دون وعي بمحتواها – كأحد الجوانب الإضافية للاستراتيجية الأوسع لمكافحة المعلومات المضللة، عدا عن عديد الإجراءات الأخرى التي يجب على الحكومات اتخاذها عبر تفعيل بروتوكولات مع الشركات المزودة لهذه المواقع للحد من الأخبار المزيفة، والتي لن أتطرق إليها لأنني في هذا المقال أتحدث إليك أيها القارئ العزيز وما يهمني هو أنت، كما لا يفوتني أن أشكرك لصبرك ولوصولك إلى هذا السطر الأخير؛ ما يدل على وعيك بخطورة الأمر واهتمامك بتحسين المحتوى على الواقع الافتراضي.

وتذكّر دائما أن الفيسبوك وتويتر وإنستقرام .. وغيرها ليست مساحات لقضاء أوقات ترفيهية وممتعة فقط، بل باتت اليوم سلاحا فتاكا لا يقل خطورة عن الترسانات النووية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى