مقالات مختارة

لماذا غضب شيخ الأزهر؟

مشاري الذايدي

من المسؤول عن تفسير الإسلام؟
وكيف يمكن سلب المتطرفين والقتلة الإرهابيين سلاح الدين الذي يشهرونه في وجوه البشر، كل البشر، ومنهم أهل دينهم من المسلمين؟
مهمة من هذه؟ الجواب البدهي والسريع أن يقال إن تلك هي مهمة رجال الدين، مشايخ العلم، أهل التخصص الشرعي، الفقهاء والمفتين والمدرسين الدينيين.
على اعتبار أن القصة قصة دينية بحتة، وهؤلاء النفر هم من تخصص في علوم الدين، فتعطى القوس لباريها.
هل هذا صحيح؟ بعد قليل أحاول الإجابة، لكن ثارت هذه الأسئلة بذهني أثناء قراءة تعليقات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في مؤتمر عقده الأزهر وتحدث به الشيخ الطيب يوم الثلاثاء، وكان مما قاله: «تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد كافية، إنه من المحزن تصوير الدين الإسلامي على أنه نيران الحروب، ليظهر في عقول الناس أن الإسلام من فجر محطات المترو وأبراج التجارة العالمية وكنائس من الشرق والغرب بصورة كارثية مرعبة، تزداد قتامة في فهم حقيقة الدين بتفسيرات مغشوشة، تخطف بها النصوص المقدسة وتصبح في يد قلة مجرمة وكأنها بندقية للإيجار».
ثم وسع الدائرة أكثر، وهو في مناسبة عن الأديان كلها، فأضاف أن: «تبرئة الأديان من الإرهاب لا تكفي. علينا المبادرة والنزول إلى الواقع المضطرب ووضع تجهيزات ضرورية لإزالة ما بين رؤساء الأديان من توترات؛ لأنه لم يعد لوجودها أي مبرر».
صدق الشيخ في أن الحديث عن تبرئة الدين من وزر المجرمين الإرهابيين، والمتطرفين أيضاً، من غير حملة السلاح، لم يعد أمراً كافياً، وأضيف: ولا نجاعة له أصلاً.
هل السبب في ذلك يعود لقلة نشاط رجال الدين في التحذير من ثقافة التطرف الديني والخطاب الإرهابي الذي يغري البعض بالانضمام لجماعات مثل «داعش» والقاعدة، أو الحوثية أو الحشد الطائفي بالعراق؟ أم أن السبب ليس في «قلة» النشاط والحكي، بل في «نجاعته» وأثره؟ في تقديري، وهنا أتحدث عن المسلمين، أن نقطة الانطلاق لمواجهة المعضلة الإرهابية، ومصيبة الفكر المتطرف، هي الخطأ.
وإذا انطلقت من نقطة خاطئة، فحتما ستصل لنتائج خاطئة، مهما أكثرت من الحركة والنشاط. قيل في الأدبيات الاستراتيجية، إن أمر الحرب أعظم من أن يترك للجنرالات وحدهم، ونقول أيضاً إن ضرب الفكر الديني المتطرف، والد الإرهاب، أعظم من أن يترك لرجال الدين، والمشايخ، وحدهم! نحن تجاه معضلة فيها جوانب تاريخية واجتماعية واقتصادية ونفسية وإعلامية وسياسية. الجواب الديني هو جزء من الجواب، لا كل الجواب. وتلك قصة أخرى، ربما يعاد لها لاحقاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى