أخبار ليبيااهم الاخبار

كوبلر لـ218: “الشرق” غير مقتنع بنا.. ولا رغبة بـ”حفظ سلام”

تحدث المبعوث الأممي مارتن كوبلر، في مقابلة خاصة مع “218”، حول جملة من القضايا التي ما تزال شائكة وتشكل سلسلة تحديات أمام الحل السياسي الذي يتطلع إليه الشعب الليبي.

وتطرق كوبلر خلال المقابلة إلى حاجة الدولة أولا إلى رئيس ورئيس وزراء وجيش وشرطة وبرلمان، معتبرا أن الموضوع ليس متعلقا فقط في وجود الاتفاق السياسي أو عدمه، كما تحدث حول أهمية الحرية بموازاة وقف ومواجهة خطاب الكراهية والتحريض.

وقال كوبلر خلال المقابلة إن 70% من مهماته محددة بمحاولة الوصول إلى الشرق الليبي الذي ما يزال مغلقا أمامه، مؤكدا ضرورة أن يستمع المتحاورون الليبيون في الشرق والغرب والجنوب لما يقوله الناس، فهم يريدون توفّر الخدمات الأساسية والاقتصاد الجيد والرواتب وتصدير النفط,, وتاليا نص المقابلة:

218: كنّا نتمنى في البداية أن يكون اللقاء في طرابلس ولكن الأوضاع الأمنية مؤخرًا وخاصّة الحادثة التي حدثت في طرابلس حالت دون هذا اللقاء.
كوبلر: نعم، يسرني جدًا الحديث معك، وكنت أودّ لو كان ذلك في طرابلس، لأنّها ستكون فرصة لإبراز حرية الكلام والتعبير وحرية الصّحافة.. بالطبع ضمن حدودها، فلا بدّ من حدود لحرية التعبير، فلا مكان لخطاب الكراهية والتحريض، وهناك الكثير من التحريض في الإعلام. ولا يجب أن يحدث هذا، وهذا جانب من القصة، فلا ينبغي المساس بالصحفيين ولا تحقير محطّات التلفزة .. وقد اختُطِف اثنان من زملائك وهذا أمرٌ غير مقبول، لذا يجب أن تكون حرية التعبير مكفولة، ولكن بالمقابل لا بدّ من وجود حدود، فالكراهية والتحريض أمور خارجة عن أخلاقيات الصحافة، وكما أعلم أنّ قناة مائتين وثمانية عشر… أعني.. قد يتفق شخصٌ ما مع رأيّك كثيرًا .. ولكن قطعًا، لا يجب المساس بالاستوديوهات ولا اختطاف الصحفيين وأنا سعيدٌ لإطلاق سراح زملائك.. وهذه رسالة تضامن موجّهة للصحفيين الليبيين والجدّيين والصادقين، وبشكلٍ خاصّ لغير الصحفيين بأنّ حرية التعبير يجب أن تكون مكفولة.

218: في البداية لو نتحدث عن وظيفتك كمبعوث للدعم في ليبيا، ماهي الصعوبات التي واجهتها من البداية وحتى هذه اللحظة؟
كوبلر: حسنًا، فالليبيون- كما تعلم- وقّعوا الاتفاقية السياسية الليبية في ديسمبر من عام ألفين وخمسة عشر، وها نحن الآن في نهاية شهر مارس، أي مضى ما بين أربعة عشر وخمسة عشر شهرًا، وقد حان الوقت لنعرف أين نقف الآن، يرتكز عملنا على تنفيذ قرارات مجلس الأمن والالتزام بها.. أجرينا استطلاعًا للرأي وسألنا الناس عن رأيهم حول حيادية الأمم المتحدة، فقالوا إنّ الأمم المتحدة غير حيادية، فأجبتهم نعم، لسنا حياديين، فنحن نعمل ضمن قواعد مجلس الأمن وهناك رئيس وأعضاء مجلس الأمن وقرارت مجلس الأمن التي تُلزمنا وبوضوح بقبول الاتفاقية السياسية وتطبيقها.. لذا لا بدّ أن يكون المجلس الرئاسي فاعل وحكومة الوفاق الوطني فاعلة، حتى نساعد الليبيين… فهذه عملية تخصّ الليبيين. لكننا هنا لنساعد المجلس الرئاسي والبرلمان والمجلس الأعلى للدولة ولندفع هذا النظام من الاتفاقية السياسية لأنّ يكون فاعلًا…لهذا يرى العديد أنّ موقفنا غير حيادي، بينما نحن نلتزم الحيادية بشدة حين يتعلق الأمر بالرأي السياسي والسؤال عن نمط الدولة التي يرغب الليبيون في بنائها… وهنا أرى تشرذمًا كبيرًا، فما تزال الدولة منقسمة، والشرق منفصلٌ عن الغرب، والأوضاع الأمنية سيئة في جميع أنحاء البلاد… هناك مشاكل مثل الجرائم والاختطاف- كما حصل مع زملائك- كما لا يوجد نظام أمني موحّد في البلاد كلّها.. هذه ليبيا! يجب أن تكون دولة موحّدة ولها جيش موحّد وقوات شرطة موحّدة وحكومة وفاق… لكن وحتى اللحظة ما تزال هناك عدة آراء متباينة حول كيفية تحقيق ذلك .. نحن هنا لمساعدتكم وفقًا لمهمة واضحة من المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن من أجل دولة ليبية موحّدة وسعيدة.

218: ذكرت الحوار في هذه الإجابة، في آخر مناظرة كانت في واشنطن ذكرت المحامية عزّة المقهور أنّ الحوار لم ينجح وذك لغياب بعض الأطراف، فهل حقا لم ينجح الحوار والاتفاق السياسي أم أنّه يجب أن يأخذ منحى آخر؟
كوبلر: لا يمكننا أن نقول إنّه نجح أو لا، إذ عليك أن تجمع كافّة الأطراف في دولة واحدة بعد اثنين وأربعين عامًا من الحكم الدكتاتوري للقذّافي، وبعد مُضي سنة واحدة من المرحلة الانتقالية بعد التدخُّل عام ألفين وأحد عشر، وبعد الحرب الأهلية التي اندلعت في منتصف عام ألفين وأربعة عشر..هذه عملية.. لذا لا يمكن لأحد ما أن يقول إننا نجحنا أو لا.. لكنني واثقٌ من نجاح الليبين في نهاية المطاف، غير أنّ ذلك سيستغرق وقتًا، لذا ينبغي على الليبين والمجتمع الدولي التحلّي بالصبر الاستراتيجي.. لكن ومن ناحية أخرى، فإنّ الناس يعانون..الشعب الليبي.. والأشخاص الذين أتحدّث إليهم وكذلك أثناء سيري في الشارع خاصةً في طرابلس وأنا في السوق والمتاجر حيث أشتري التمر الليبي..أسأل الناس عن رأيّهم وكم سيستغرق من الوقت، فيقولون قُم بذلك بسرعة، لأننا نعاني، ليس لدينا نقود ولا سيولة ونخاف عند إرسال أطفالنا إلى المدارس بسبب المشاكل الأمنية في الطريق.. وإذا مرضنا لا نستطيع الذهاب إلى المستشفى ، فهناك نقصٌ في المستلزمات الطبيّة.. كلّ هذه المشاكل تحتاج إلى معالجة، ولا بدّ من حلّها بسرعة.. لذا من ناحية، هناك العملية السياسية التي تحتاج إلى وقت، ومن ناحية أخرى هناك الشعب الليبي الذي يريد حلًا في الغدّ، لذلك، باعتقادي لا بدّ من العمل المتواصل مع السّلطات الليبية وكذلك المعنيين من الأطراف السياسية الأخرى، لإقناعهم بأن يُسارعوا ولا ينتظروا مرور سنة تلو الأخرى..، فالشعب الليبي يستحق الأفضل! سبعون بالمائة من مهمّاتي مخصّصة لمحاولة الوصول إلى الشرق، ولا أعني بهذا من يتفقّ مع الاتفاقية السياسية بلّ من يعارضها، مع الذين يعارضون وحدة الدولة، فباعتقادي أنّه ينبغي علينا إقناعهم بتبني الفكرة…وهذا هو التحدّي الأساسي أمامي..- بما أنّك سألت عن التحديّات- علينا أن نستدرج أولئك الذين ما يزالون مترددين ويظنون أنّه من الأفضل المضي نحو تحقيق مصالحهم الخاصة الضيّقة ونقنعهم بتبني مصلحة وطنية وأن يفكرّوا بمصير الناس.

218: ذكرت مسألة الوقت، يعني الحوار ويحتاج الحوار والاتفاق السياسي إلى وقت أكثر، من يُعرقّل هذا الاتفاق في مساره الصحيح؟ هل هي أطراف ليبية تساهم في عرقلة تحقيق الاتفاق أم أطراف إقليمية ودولية، ومن شاركت في عرقلة هذا الاتفاق؟
كوبلر: باعتقادي يجب أن يكون التركيز على اللّاعبين الليبيين.. كما يؤدي المجتمع الدولي دورًا مهمًا.. لكن هنا أنا واثقٌ جدًا.. فقد كنت يومًا في القاهرة من أجل اجتماع مشترك مع أمين جامعة الدول العربية أبو الغيط والسيدة موغيريني من الاتحاد الأوروبي والممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي وأنا، وجلسنا معًا وتباحثنا في الملف الليبي… باعتقادي أنّ المجتمع الدولي مقتنعٌ بالفكرة وبقرارات مجلس الأمن وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة..جميعهم يعملون وفق أجندة واحدة وهي تطبيق الاتفاقية السياسية الليبية.. بالتأكيد لدى بعض الدول مصالح في الشرق، وأخرى لديها مصالح أكثر في الغرب، وهذا أمرٌ طبيعي.. فدولة مثل مصر تشترك بحدود تمتد مائة ألف كيلومتر ستركز بلا شكّ على شرق ليبيا أكثر، بينما دولة مثل الجزائر وتونس حيث تمتدّ حدودهم مع الغرب، سيركّزون أكثر على الغرب.. لذلك يجب على مؤتمر دول الجوار وجامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى العمل وفق سياسة موحّدة وجمع القيمة المضافة لكلّ دولة.. أي المصريين والتونسيين والجزائريين والدول الأخرى.. كما أنّ الجنوب مهمٌّ جدًا، كنت في النيجر وتشاد وتباحثت مع الرؤساء ووزراء الخارجية هناك، لأنّهم خائفون من وصول الإرهاب إلى دولهم… كما أعتقد أن المجتمع الدولي يدعم ذلك، ويجب تسخير علاقات الدول التي لها مصالح خاصة في بعض أنحاء البلاد بما يعود بالنفع على البلاد بأسرها.. لذا فالأمر منوط بشكل أساسي بالمحاورين الليبيين. أشعر أحيانًا أنّ المصالح الشخصية الضيّقة تطغى على المصلحة الوطنية، ورجائي للمحاورين الليبين في الشرق والغرب والجنوب أن يستمعوا لما يقوله الناس… فهم يريدون توفّر الخدمات الأساسية واقتصاد جيد ورواتب وتصدير النفط… وهذا أحد إنجازات السنة الماضية، فقد ارتفع تصدير النفط من مائتي برميل إلى سبعمائة برميل، وحتى يرتفع أكثر لا بدّ من توفّر سلام واستقرار… وهذا هو الهدف الرئيس من عملنا، التباحث مع السياسيين والمعنيين الآخرين مثل رؤساء القبائل وعمداء البلديّات والمجتمعات المدنية حتى يعملوا على هذه الأجندة من أجل مصلحة البلاد بأسرها.

218: نلاحظ أن هناك سلاسة في علاقتك مع المنطقة الغربية من ليبيا، لكن نلاحظ تعقيد في علاقتك أو علاقة معقّدة أكثر مع الأطراف الشرقية، هل تصف لنا علاقتك مع الأطراف في شرق ليبيا كيف هي؟
كوبلر: ليس الأمر على هذه الشاكلة دوما، فعندما أتيت إلى هنا في أكتوبر ..نوفمبر من عام ألفين وخمسة عشر، كانت الأمم المتحدة تواجه مشاكل في الدخول إلى الغرب، فلم يكن مسموحًا لنا السفر إلى مصراتة وطرابلس، كان من الممكن السفر إلى طبرق والشرق، غير أننا لم نكن قادرين على الذهاب إلى مراكز التجمّعات الكبيرة من السكان في الغرب.. وقد التقيت في ذلك الوقت بنوري أبو سهمين في طرابلس وطلبت منه أن يُتيح لنا حرية الدخول ..لذا كان هناك حظر كبير على دخول المدن الكبرى مثل طرابلس ومصراتة..أمّا الآن مع دخول المجلس الرئاسي إلى طرابلس قبل سنة تغيّرت الأمور… بالفعل، وكما قلت نواجه مشاكل معينة مع الشرق، لأنّ الشرق غير مقتنع بأنّ عليه العمل مع الأمم المتحدة، لكن يقوم زملائي بزيارات إلى الشرق.. إلى طبرق …ولقاء جماعات من الشرق ..فالبرلمان يوجد في طبرق..حاولت الذهاب إلى طبرق، ولكن بالطبع لا بدّ من الترحيب بي هناك، وهذا أمرٌ في غاية الأهمية..أن يدعم الشرق هذه الرؤية المشتركة لليبيين.. الرؤية المشتركة القائمة على تطبيق الاتفاقية السياسية وحكومة الوفاق الوطني والتوافق على حكومة تعترف بكافّة أحكام الاتفاقية السياسية الليبية، ومن الضروري أن يكون هناك جسمٌ أمنيٌ موحّد.. يقول الشرق دومًا أنّ هذه الاتفاقية السياسية الليبية بهذا الشكل لا يمكن تنفيذها، ولهذا السبب اقترحنا إجراء تعديلات على أمور معينة في الاتفاقية السياسية، ولما لا؟ فقد تمّ التفاوض على هذا وكانت آنذاك مسوّغات لذلك عام ألفين وخمسة عشر..ولكن كما ترى، بعد مرور نصف سنّة تغيّرت الرياح.. ورغب الناس في إدخال تعديلات..ما المانع؟ ونحن الآن في خضم مباحثات مع البرلمان ومجلس الدولة وألتقي مع الرئيس عقيلة من وقتٍ لآخر..مرة كلّ شهر.. وأرغب في معرفة ما الذي يريده الشرق… على مصر أن تؤدي دورا مهما والجزائر وكذلك التونسيين من أجل جمع الآراء المختلفة وإتاحة المجال أمام إجراء تعديلات محدودة على الاتفاقية السياسية… لكن أن تفتح المجال أمام إعادة صياغة الاتفاقية السياسية برمّتها فإنّ ذلك سيستغرق سنة أو اثنتين..بينما لا يمكن للشعب الليبي أن ينتظر أكثر.. لذا لما لا نُجرِ تعديلات محدودة على الاتفاقية السياسية.. كما اقترحنا على الشرق.

218: في اعتقادك.. كمبعوث أممي للدعم في ليبيا، هل ليبيا تحتاج إلى أكثر من مسألة دعم، لربما تحتاج إلى بعثة حفظ للسلام أو بعثة أمنية أكثر من سياسية؟
كوبلر: باعتقادي لا رغبة لدى الليبيين ولا المجتمع الدولي بنشر قوّات حفظ سلام في البلاد، لكنّ الليبيين بحاجة إلى مزيد من الدعم… وأقول دومًا أنّه يمكن للمرء اتباع سياسة الاحتواء لبعض الوقت، لكن في نهاية المطاف لن تتمكن من احتواء الوضع.. فكما ترى، لابدّ من إشراك المزيد من الأطراف.. هناك العديد من المصالح المتفرّقة التي أودّ من المجتمع الدولي العمل على دمجها على نحو يتجاوز الاحتواء.. نرى ذلك في موضوع الهجرة، تجري الآن تدريبات، كما خضع خفر السواحل الليبي لتدريبات، كنت الأسبوع الماضي في طرابلس في اتصال مباشر مع المكتب الدولي للهجرة.. هناك مراكز الاحتجاز… ما يهم هو ذهاب المجتمع الدولي إلى هناك، إذ لا يمكننا إسداء النصح من تونس أو روما أو باريس أو برلين…هذا غير كافٍ.. لا بدّ أن نكون في تلك البقعة.. أعاد الإيطاليون فتح سفارتهم في طرابلس وكذلك الأتراك وآمل أن يحذو الآخرون حذوهم.. كما لا يجب النظر إلى ذلك على أنّه محاولة للتخلّي عن الشرق، إذ علينا الوصول إلى الشرق، فالوجود من طرابلس يعني أننا نعمل من طرابلس من أجل الوصول إلى كافّة أنحاء البلاد. ولا يعني هذا أننا نعمل من أجل طرابلس والغرب فقط، لذا لا بدّ من رفع مستوى الشراكة بحيث يتجاوز مجرد الاحتواء ، إلى جانب تحسين الوضع الأمني، وهذا الموضوع في غاية الأهمية، فلن ترى خبراء دوليين يأتون إلى طرابلس في ظلّ وجود خطر الاختطاف والجريمة وجماعات مسلّحة خارجة عن السيطرة..لذلك يجب تأسيس نظام عسكري يضمّ جيشا ليبيا موحّدا يتولّى مسؤولية الدولة كلّها، ويهيّئ الظروف الملائمة، وإطارعمل لفرض الشراكة الدولية..أنا مقتنعٌ بأنّه يجب أن نكون داخل ليبيا، لا في طرابلس وحدها بل وفي الشرق والجنوب.. بغير ذلك، لن نتمكن من مساعدتكم أكثر ممّا نقوم به الآن.

مارتن كوبلر

218: ما هي النصائح التي تعطيها لنفسك كونك مبعوث للدعم في ليبيا أو تعطيها لمبعوث آخر، لربما يكون في الفترة القادمة؟
كوبلر: حسنًا، لا أعرف متى سيأتي ممثّل خاص آخر، لكنّي سأواصل العمل حتّى آخر يومٍ لي، فأنّا لم أستنفذ طاقتي بعد، أمّا النصيحة التي أقدّمها لنفسي في هذه المرحلة، ولمن سيأتي بعدي وسأسلّمه الأمور، هو أنّ علينا مواصلة العمل وفقًا لقواعد الاتفاقية السياسية الليبية، فمشاكل ليبيا لن تتغير… فالدولة بحاجة إلى رئيس ورئيس وزراء وجيش وشرطة وبرلمان…لذا فالموضوع ليس في وجود الاتفاقية السياسية الليبية أو عدمها … أنا مقتنعٌ بالاتفاقية السياسية الليبية كإطار عمل وليس حرفيًا..نناقش إدخال تعديلات عليها.. فهي تمنحنا مخرجًا …فهي تعني أنّ الدولة فيها مسؤولون تنفيذيون وحكومة وفاق وطني مسؤولة عن كلّ البلاد.. أشعر أحيانًا بالإحباط لأنّ الدولة غنية..إنّها دولةٌ غنيةٌ…تملك ثروة تقدّر بستة مليارات دولار أمريكي وعليها استغلالها..فليبيا هي أغنى دولة من حيث مخزون النفط في أفريقيا..إنّها الدولة الأولى في أفريقيا، مع ذلك، إذا ذهبت إلى طرابلس الأزرار الكهربائية لا تعمل..لا كهرباء..والناس يصطفون في طوابير أمام أجهزة الصرّاف الآلي ليحصلوا على بعض النقود..هذا عارٌّ على دولة غنية.. لذا فالتركيز على المحور الاقتصادي، هو النقطة الثانية، فمن الضروري استخدام موارد الدولة، هذا يحتاج إلى أمن وتشكيل جيش ليبي موحّد، بحيث يمكنه الحصول على إعفاء من قانون حظر الأسلحة من أجل توفير الأمن لليبيين ومن أجل اقتصاد جيد وتصدير النفط وبناء المدارس وإعادة تأهيلها.. أمّا النقطة الرابعة فهي إعادة إعمار المناطق التي دُمِّرّت مثل بنغازي ..إذا قرأت خطابي الأول أمام مجلس الأمن، أول بيان لي.. أي بالعودة إلى عام ألفين وستة عشر، فقد طالبت بتوفير تمويل فوري قدره خمسة ملايين دولار أمريكي من أجل إعادة إعمار بنغازي، وكذلك الأمر بالنسبة لسرت، حيث قاتلت قوّات البنيان المرصوص داعش – وهذا إنجاز كبير آخر في السنة الماضية- لذلك، لم يفشل كلّ شي..فالقتال ضدّ داعش نجح وحُرِّرت سرت..أمّا الآن فلا بد من إعادة إعمار سرت والجنوب وحلّ مشاكله وكذلك أوباري وسبها.. أعني حيث يوجد نقص في المستلزمات الطبيّة، لا بدّ من معالجة كلّ هذه الأمور… لكن العملية السياسية أولًا، وضبط الجانب العسكري، فبمجرد حدوث فراغ سياسي يتغوّل الجانب العسكري ويسيطر على كافّة الأمور، وكذلك التنمية الاقتصادية بما يعود بالنفع على الناس. اسمح لي بإضافة نقطتين، أولًا إرادة النساء، وهذا أمرٌ في غاية الأهمية..فنحن في الأمم المتحدة – من واجباتنا التركيز على العمل مع النساء بشكل خاص، وثانيًا مع الشباب، حيث أنّ سبعين بالمائة من الشعب الليبي تقلّ أعمارهم عن التاسعة والثلاثين..وسبعين بالمائة ..أي حوالي ثلاثة أرباع الشعب الليبي هم دون التاسعة والثلاثين.. بينما من نتحدث إليهم في الحوار الليبي والبرلمان فتزيد أعمارهم عن الخامسة والخمسين والستين أو ربما السبعين! لذا لا بدّ من إشراك الشباب في الحوار السياسي..أنت صحفي شباب..وهذا في الصحافة.. لكنّ هذا مهمٌ للغاية في الحياة السياسية ..لا بدّ من أن يتولّى الشباب مسؤولية مصيرهم وأن لا يبقى الأمر محصورا بأيدي الجيل الأكبر… لا يمثّل الشباب مستقبل البلاد فحسب، بل وحاضرها…ولهذا لا بدّ من إشراكهم أكثر, وهنا نحاول المساعدة في ذلك.. أُتيحت لي الفرصة لخوض مناظرات مع شباب وإنشاء نوادٍ للمناظرة.. وهنا لا بدّ أن أعترف أنّ الأمر كان مُجدٍ ..لكن أنشطتهم ما تزال محدودة بسبب الأنظمة التقليدية. باعتقادي من الضروري أن يأخذ الشباب دورهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى