مقالات مختارة

كم مرة قتل فيها البغدادي؟

تمارا جمال الدين

هي ليست المرة الأولى التي يعلن فيها عن مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي. فمنذ إعلان خلافته المزعومة عام 2014، يتردد عبر وسائل الإعلام المختلفة خبر مقتله، مرة على يد النظام السوري، ومرة عبر الطيران العسكري الأميركي، وأخرى على يد روسيا.
ويعيش عناصر التنظيم الإرهابي حالة من الخوف والترقب بعد الاختفاء المفاجئ لزعيمهم منذ عدة أشهر، في ظل توارد أنباء وتأكيدات حول مقتله في مدينة الرقة السورية، وهي القصة التي تكررت كثيراً حتى لقب البغدادي بـ«الخليفة صاحب السبع أرواح». وقام الكثيرون بتشبيهه بالقطط، نظراً لقدرته الكبيرة على النجاة بحياته، مثل القطط تماماً، سواء عبر القفز أو السقوط عن المرتفعات والهرب ركضاً.
فكم مرة أعلن فيها عن مقتل البغدادي، وأين؟
* سبتمبر (أيلول) 2014
بدأت إشاعة موت البغدادي بالتداول لأول مرة بينما كان التنظيم يواصل تمدده في سوريا، حيث نشرت عدد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة مفبركة لـ«البغدادي» قالت إنها التقطت بعد مقتله. واشتهرت الصورة عبر عدد من المواقع الإخبارية قبل أن تنفي الولايات المتحدة الأميركية في وقت لاحق مقتله.
* نوفمبر (تشرين الثاني) 2014
لم تستسلم الصحف العراقية للواقع الذي أكد آنذاك أن البغدادي حي يرزق، فأعلنت بعد أقل من شهرين نبأ مقتل أبو بكر البغدادي مجدداً، ونسبته لمؤسسة الاعتصام، وهي إحدى المنصات الإعلامية الرسمية التابعة لـ«داعش»، إلا أن التنظيم نفى تلك الواقعة.
* أبريل (نيسان) 2015
قصة فريدة من نوعها تداولتها وسائل الإعلام على أيام عدة، وتقول إن زعيم «داعش» كان يقود إحدى الغارات على محافظة نينوى العراقية وأصيب في هذه الغارة بجروح خطيرة لم يستطع بعدها أن يقود عمليات التنظيم.
وبعد مرور أيام قليلة من هذا الخبر، أعلنت بعض وسائل الإعلام وفاة البغدادي، أثناء تلقيه العلاج في إحدى المستشفيات الإسرائيلية الموجودة بهضبة الجولان. وكالعادة، قام التنظيم بتكذيب الخبر، وأعلن أنه خلال ساعات قليلة سوف يقوم بإذاعة تسجيل صوتي لأبو بكر البغدادي، وهذا ما حصل.
* عام 2016
نشرت أكثر من صحيفة عالمية نبأ جديدا حول مقتل البغدادي في ريف مدينة الرقة السورية، ناسبة إياه لمصادر مقربة من التنظيم، إلا أن الخبر تبدد بعد إصدار البغدادي كلمة صوتية لأنصاره.
وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، انتشرت الشائعة مرة أخرى بعد إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عددًا من قيادات التنظيم اجتمعوا في مدينة الرقة لاختيار خليفة البغدادي، مشيرًا إلى أن زعيم داعش أصيب إصابة خطرة وهو ما دفع التنظيم للبحث عن بديل.
أما هذا العام، خاصة ضمن هذين الشهرين الأخيرين، ازدادت الترجيحات المؤكدة لمقتل البغدادي.
ففي 10 يونيو (حزيران) 2017، أعلنت صحيفة «ميرور» البريطانية عن أنباء تفيد بمقتل البغدادي بغارة جوية نفذها الطيران الحربي للنظام السوري على مدينة الرقة.
وأكدت الصحيفة في تقريرها أن «زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي قتل بغارة جوية في سوريا، وفقاً لتقارير لم يتم التحقق منها في وسائل إعلام النظام».
وأوضحت الصحيفة أن مزاعم وادعاءات انتشرت في الأوساط المحلية بأن البغدادي، زعيم «داعش» قتل في غارة جوية، مضيفة أن وسائل إعلام تابعة للتنظيم المتطرف نشرت صوراً أظهرت الدمار الواسع الذي خلفته قذائف وانفجارات ضخمة هزت معقله في الرقة.
وبعد أقل من أسبوع، فجرت وزارة الدفاع الروسية مفاجأة من العيار الثقيل، حيث أعلنت في 16 يونيو(حزيران) عن وجود معلومات تشير إلى مقتل زعيم التنظيم بإحدى غارات القوات الجوية الفضائية الروسية على الرقة السورية.
وأوضحت الوزارة في بيان أن الغارة تم توجيهها بين 00.35 و00.45 بالتوقيت المحلي فجر الأحد 28 مايو (أيار)، إلى مركز قيادة تابع للتنظيم، انعقد فيه آنذاك اجتماع لقياديين «داعشيين» لبحث مسارات خروج الإرهابيين من الرقة عبر ما يعرف بـ«الممر الجنوبي».
وفي تفاصيل الرواية الروسية، أن قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا تلقت بأواخر مايو، معلومات عن خطط «داعش» لعقد اجتماع للقادة على المشارف الجنوبية للرقة، وبعد التأكد من صحة المعلومات حول مكان وزمان عقد الاجتماع، تم قصف المكان بواسطة طائرات مسيرة روسية.
أما بالأمس، فقد جاء الإعلان في خبر نشرته قناة السومرية العراقية التي نقلت عن مصدر في محافظة نينوى، قوله بأن تنظيم «داعش» أقر بمقتل زعيمه أبو بكر البغدادي وتحدث عن قرب إعلان اسم «خليفته الجديد».
وشرح المصدر أن هذا الإعلان جاء في بيان مقتضب جداً أصدره التنظيم، دعا فيه مسلحيه إلى مواصلة ما سماه «الثبات في المعاقل».
كما نقل موقع «السومرية نيوز» عن المصدر، قوله إن إصدار هذا البيان تم عبر ماكينة التنظيم الإعلامية في مركز قضاء تلعفر، غرب الموصل. وتابع أن «الإعلان كان متوقعاً بعد رفع حظر الحديث العلني عن مقتل البغدادي في القضاء قبل يومين».
وعلى الرغم من أن البيانات المتداولة عبر وسائل الإعلام منذ يوم أمس ترجح فرضية مصرع زعيم الإرهابيين، فإنه لم يعرف حتى الآن ما إذا كان أي من تلك الادعاءات صحيحاً ومؤكداً. وهذه الأسباب الوجيهة دفعت مراقبين عالميين إلى التشكيك، هذه المرة أيضاً، في مقتله.
والبغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، مولود في مدينة سامراء شمال بغداد عام 1971 لأسرة متوسطة عرفت بالتزامها الديني. وتقول قبيلته إنها تنحدر من نسل النبي محمد. عرف البغدادي في شبابه بالتزامه المتشدد بتعاليم الشريعة الإسلامية.
واصل البغدادي دراساته الإسلامية في الجامعة، وحصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة بغداد عام 1996، ثم شهادتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية عامي 1999 و2007 على التوالي.
عرف على أنه قائد تنظيم “القاعدة” في العراق والمُلقب بأمير “دولة العراق الإسلامية”، قام بإعلان الوحدة بين “دولة العراق الإسلامية” و”جبهة نصرة أهل الشام” في سوريا تحت اسم «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). في 29 يونيو 2014، أعلن تنظيم داعش في العراق والشام قيام ما سماها «الدولة الإسلامية»، ونُصب أبو بكر البغدادي خليفة لها. وقد ورد اسمه ضمن قائمة أخطر عشرة قادة جماعات إرهابية في العالم.
فيبقى السؤال الأبرز والأكثر تداولا، لماذا يكون مصير قادة المنظمات الإرهابية كـ«القاعدة» و«داعش» مبهماً… دائماً؟

 

 

صحيفة الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى