حياة

“كتيبة سوداء”.. عندما يصعب التعرف على ذاتك!‎

ذات مرة قال الكاتب دانييل جراينيين في تقديمه لرواية “الجريمة والعقاب” للكاتب الروسي الشهير تيودور ديستوفيسكي: “إن ليو تولستوي يساعدنا على إدراك الإنسان، ويطلعنا على تطور شخصيته، ويظهر لنا منبع أفكاره، ويقودنا لأعماق روحه، ولكن ديستوفيسكي يجعلنا ندرك استحالة معرفة الإنسان ويطلعنا على لا محدوديته وعلى فوضى مشاعره”.

والكاتب المصري محمد المنسي قنديل، يسير على درب ديستوفسكي الشهير في روايته “كتيبة سوداء”، فجميع شخوصها حقًا ليست سوى تشوش، والتباس، يجعلك تتخبط في أفكار كل منهم، وتتساءل هل يمكن أن يحمل إنسان بداخله الخير والشر في الوقت نفسه؟ وهل يمكن أن يفعل البحث عن السلطة والقوة بأي من أشكالها هذا بالأشخاص الطيبين؟

أحداث رواية “قنديل” تقع في السنوات الممتدة بين 1863 و1867، حيث يتم أسر مئات من العبيد في أفريقيا، ويأخذهم الجيش المصري ويجندهم ويرسلهم إلى الحرب في المكسيك بأمر من الخديوي سعيد، لمساعدة الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث في حربه هناك، في وقت امتلأ بالثورات والاضطرابات السياسية. 

بطل الرواية هو “العاصي” العبد الذي رفض أوامر النخاس الذي قام بأسره في البداية، وتحداه، والذي صار قائد المجموعة المحاربة، ومن ثم حارس الإمبراطورة التي تحكم هذه البلاد المتمزقة بويلات الحرب، ومن ثم الثائر الذي شارك في الثورة الفرنسية، إنسان واحد بأكثر من وجه، لا يعرف ماذا يريد ولكنه في الوقت نفسه يعرف! مشوش المشاعر لا يعرف حدوده، ولا يفهم ماذا يريد في عالم مخيف مليء بالآلام.

كتيبة سوداء” دخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2016، وهي النسخة العربية لجائزة “بوكر” العالمية للرواية، في رواية من طراز رفيع، تلمسك دون وعي منك.

الرواية كما وصفتها “دار الشروق” التي نشرتها، هي رواية عن الحرب والحب والمصير الإنساني، لكننا يمكن أن نضيف إليها وصف آخر فهي بجدارة رواية “تخبط المشاعر الإنسانية”.

يذكر أن محمد المنسي قنديل قاص وروائي مصري، ولد بمدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في عام 1949م، وله العديد من الروايات منها “انكسار الروح”، و”مقمر على سمرقند”، و”يوم غائم في البر الغربي”، و”أنا عشقت”. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى