أخبار ليبيامقالات مختارة

“كارنيغي” ترسم “خارطة حل” أزمة جنوب ليبيا

ألقت دراسة أعدتها مؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي الضوء على أسباب انعدام الاستقرار في الجنوب الليبي، ووضعت عددًا من التوصيات التي قد تُساعد ليبيا والمجتمع الدولي في معالجة مشكلة الجنوب الليبي بوصفها جزءً من المعضلة الليبية وتداعياتها على المنطقة من جهة، وأزمة المهاجرين التي تؤرّق القارّة الأوروبية من جهة أخرى.

ويرى الباحث “فريدريك ويري”، وهو زميل كبير في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي، أنّ مشاكل الجنوب الأساسية ناتجة عن مجموعة من العوامل منها ندرة الموارد الاقتصادية وضعف المؤسسات الحكومية، والصراعات الناجمة بسبب الهوية والأصل الإثني وحقوق المواطنة، والتهميش، مُشيرًا إلى أنّ جزءً من هذا الأمر عائد لسياسة النظام السابق الذي اعتمد سياسة “فرّق تسُد” واستغل ورقة المواطنة في التلاعب بالجماعات العرقية المختلفة في الجنوب سواءً القبائل العربية منهم أو التبو أو الطوارق. وعلى رأس الأمور التي دعى الباحث الحكومة الليبية والمجتمع الدولي القيام بها حيال الجنوب الليبي : أولًا، الاعتراف بأنّ مشاكله تتشابك وتتداخل مع القضية الليبية القائمة بشكل كبير، ثانيًا، معالجة النقص الكبير في البنية التحتية وبناء المؤسسات لتوفير الخدمات لسكّان الجنوب بما يكفل لهم حقوق المواطنة بدلًا من تقديم حلول قصيرة المدى، وأخيرًا، بناء اقتصاد مُستدام يوفّر دخلًا للجنوب يحول دون اعتماده على التهريب.

 

ملخّص الدراسة:

ما يزال جنوب ليبيا بؤرة لانعدام الاستقرار، ويُفاقم من مشاكله الصراع القائم بين الجماعات المختلفة في المجتمع وافتقارها لتوفّر الخدمات الأساسية إضافةً إلى استفحال التهريب والمؤسسات الحكومية المتشرذمة أو حتى المنهارة. لطالما كان الجنوب -وما يزال- على هامش جدول أعمال الساسة الليبيين منهم والدوليين، غير أنّ هذا الأمر لا بدّ وأن يتغير. وقد استقطبت حالة الفراغ السياسي في الجنوب لاعبين سياسيين من شمال البلاد وحتى خارجها، ناهيك عن الأثر المباشر على أمن ليبيا ودول الجوار مثل تونس والدول الأوروبية والمتمثل في المتطرفين الذين يبحثون عن ملاذٍ آمنٍ لهم في الجنوب والمهاجرين الذين يمرّون في المنطقة عبر طرق التهريب.

 

أسباب انعدام الأمن في الجنوب:

  • يتمثّل الدافع الرئيس لانعدام الأمن في انهيار المؤسسات الهشّة والتحالفات الاجتماعية بعد ثورة عام 2011، والأهم من ذلك، التوزيع غيرالعادل للموارد الاقتصادية.
  • اندلاع القتال بين القبائل العربية والتبو والطوارق كنتيجة حتمية للتنافس على الدخل الاقتصادي الثابت الذي يعتمد على طرق التهريب ومداخل حقول النفط في ظل ندرة الموارد الاقتصادية.
  • كما يزيد من الاضطرابات الداخلية تدخّل اللاعبين السياسيين من الشمال، حيث دفع الفرقاء المتناحرون في شمال البلاد الأموال للشباب في الجنوب وأمدّوهم بالسلاح، الأمر الذي أدى إلى إطالة أمد الصراعات وزيادة استعارها.
  • على الرغم من أن التطرّف لا يزال تحديّا في الجنوب الليبي، غير أنّه لا ينبغي إعطاؤه أكبر من حجمه، خاصةً وأنّ الجماعات مثل القاعدة في المغرب وما يُسمى بتنظيم الدولة لم يتمكّنوا من العثور على ركنٍ شديد يلوذون إليه في الجنوب، بسبب التركيبة السكانية هناك إلى جانب عوامل أخرى، غير أنّهم يستغلون غياب الحوكمة لأغراض التدريب والترتيبات اللوجستية.

توصيّات للسلطات الليبية والمجتمع الدولي:

    • المباشرة بتنفيذ مشاريع ذات أثر ملموس وفوري بما يكفل إظهار شرعية الحكومة الليبية وقدرتها على التأثير، فضلًا عن إعادة بناء الثقة. ومن أهمّ المشاريع تلك التي تخدم البنية التحتية وتوفّر الخدمات الأساسية من كهرباء ورعاية صحية واحتياطي النقد، وذلك عبر الاستثمارات والمنح الدولية.
    • دعم مبادرات المجتمع المدني المرتبطة بقطاع الأمن في الجنوب خاصة فيما بين القبائل والمجتمعات، خاصةً تلك التي تساعد في تمكين الجنوب وإعادة بناء الثقة لما لها من انعكاس إيجابي على الأمن سواءً عبر الحوار بين الجماعات أو دعم ضحايا الحرب أو تعليم الأطفال أو التدريب الفني.
    • إعادة توفير الرواتب الحكومية في الجنوب ومعالجة معضلة بطاقة الأحوال المدنية –الهويّة- وتمكين البلديات عبر الموازنات كجزء من خطة إصلاح لائحة أجور قطاع الأمن. إذ ينبغي على الحكومة الليبية أن تضع على رأس أولوياتها توزيع الرواتب على الشباب في القطاع الأمني عن طريق البلديّات بدلا من وضعها في الحسابات المصرفية لقادة المليشيات، حيث عمدت وزارةالدفاع ووزارة الخارجية إلى ذلك لعدم امتلاك الجميع في الجنوب لهويّة شخصية نتيجةً لسياسات نظام القذّافي السابق المتبعة في الجنوب في تحديد أسس المواطنة.
    • المباشرة بسلسلة من الحوار الوطني مع اللاعبين في القطاعات الأمنية في جميع أنحاء البلاد ووضع خارطة طريق لإعادة صياغة وتشكيل قطاع الأمن. ولا بدّ من إيلاء اهتمام خاص لقوّات تُشكّل محليًا، إذ من شأنها أن تُسرّع من عجلة تمكين البلديّات القائمة واللاعبين الأمنيين على مستوى المنطقة مع ربطهم بقيادة وطنية.
    • تنفيذ خطة انسحاب للقوّات الأمنية القادمة من خارج المنطقة الجنوبية، حيث أنّها عملت على زعزعة الاستقرار عن طريق تفضيل العمل مع جماعات معينة من المجتمع دون غيرها. فضلًا عن عدم نجاح عملية دمج المليشيات نتيجةً لغياب الإجماع حول شكل الجيش الليبي الذي تحتاجه ليبيا واختلاف الفرقاء السياسيين. لذا لا بدّ من حوار للتوصّل إلى رؤية واضحة ووضع خارطة طريق وخطوات واضحة لتسليم المهام الأمنية لقوّات محلية تعمل تحت إمرة البلديّات وترتبط بوزارة الداخلية في ذات الوقت

ترجمة خاصة قناة (218)- رهيفة محمود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى