اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

قوات  “السلف الصالح” الخاصة 

مصطفى عبد الهادي عبد الله

 تشهد منطقة الشرق الأوسط في زحمة الصراع المشتعل فيها ما يمكن وصفه بالحروب الجديدة – شكلا ومفهوما ومضموناً – فالحروب التي كنا نسمع بها بين دول وجيوش تقليدية باتت جزء من التاريخ، مما يدفع الكثيرين لمحاولة فهم “طبيعة” هذا الصراع .

وليبيا بتمظهرها كبؤرة من بؤر الصراع بالمنطقة ليست بمعزل عن مثل هذا المحاولة لإجهاد العقل والتوقف عند مؤشرات يبدو أن عواقب تجاهلها ستكون وخيمة على المدى القريب لا ذاك البعيد.

وإذا كانت السوسيولوجيا – حسب دوركهايم – هي ” فهم للتاريخ من زاوية ما”، فإن مطالعة متواضعة لما يحدث في ليبيا تكشف أن الصراع لم يعد كما هو متعارف عليه في بطون الكتب وزوايا التاريخ، فالصراع في ليبيا لم يعد ظاهرة سياسية يتوجب فيها انتصار خصم على آخر، ولا ظاهرة وطنية تستدعي شواهد الماضي دفاعا عن ليبيا وترابها الوطني، بل أضحى أشبه ما يكون بظاهرة اجتماعية مبنية على خلافات مجتمعية أو جهوية أو عرقية أو دينية لا يمكن الفوز فيه بأي حال من الأحوال.

وهذا الصراع كظاهرة اجتماعية تتزيا بالعصبية جهوية أو مناطقية أو دينية كانت، هو الذي لا يمكن إيقافه بسهولة.. ولا يمكن أن نأمل بإيقاف نشاز الحرب وضوضاء الرصاص قبل معرفة وفهم طبيعة الصراع على نحو أفضل.. وإلا فإننا على موعد مع  شبح الموت وساعات احتضار المستقبل .

أكثر لحظات المشاهدة “رعبا” في المشهد الليبي هي تلك التي تجد نفسك محاصرا فيها بالدهشة من جهة والإحباط والغليان من جهة أخرى، عندما ترى أو تسمع “مقطعا” يردد فيه أصحابه ذات التعابير والجمل “وأبيات الشعر الجهادي !!” التي كان يرددها خصومهم، فتدرك أن آمالك بالوصول إلى دولة القانون والمواطنة ذهبت أدراج الرياح، وأنك لم تكن تزرع طوال سنوات من المناصرة والتأييد سوى “ورد الجنائز وعشب المقابر” .. لتدرك – وأخيراً- أن بلادك صارت تشبه أوروبا قبل أربع مئة وخمسين سنة مضت، وأن الصراع لم يكن دفاعا عن وطن بل عن أيديولوجية “عقيمة” محنطة مهترئة يختفي خلف ستارها جمع من “كتائب السلف الصالح .. وقواتهم الخاصة” .. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى