اهم الاخبارمقالات مختارة

قـليل من الخيال وبعـض الشجاعـة فـقـط للخــروج من الأزمـة

د. محـمـد محـمـد المـفــتي

في الطب إذا لم يستجب المريض للعلاج عليك أن تغير الوصفة أو تراجع التشخيص أو تحيل المريض إلى من هو أكثر خبرة. الأزمة الليبية أمست شبيه بما يسمى في الطب بالمتلازمة المرضية وهي مجموعة من الأعراض والعلامات المتداخلة والمترابطة لمرض ما … وفي حالتنا الراهنة ثمة متلازمة من الفوضى وغياب القانون والاقتتال وغلاء الأسعار ونقص السيولة وانهيار الخدمات والجريمة بأنواعها من سرقة الكابلات إلى تهريب البنزين والبشر.

ومنذ فبراير 2011 حاول المتصدرون للمشهد السياسي شتى السبل والتباديل والتوافيق بدرجات متفاوتة من الصدق والمصلحية، ولكن دون تحقيق أي نجاح في انتشال البلاد مما حل بها. ومنهم من راكموا مزيدا من التعـقـيدات كالفساد والصراع الذي لا ينتهي حول النصوص والمسودات مستنجدين بالطعون القضائية والمماطلات وغياب النصاب وشتى اللوائح والصيغ فلماذا؟ لأن الأطراف المتحاورة إما لا سياسية أو لا فعالية لها على الأرض بل بعضهم لم يزر منطقته “التي يمثلها” منذ اختياره. كل ذلك على خلفية السلاح العشوائي المنتشر الذي يوظف لغايات آيدولوجية أو تعصب جهوي أو الجريمة. لكن هناك عوامل أخرى منها تدخل الدول الأجنبية، جهل وضعف الوسطاء الدوليين، طموحات الأشخاص، أو التعصب الجهوي أو القبلي.

الخلط الدولي أعطانا وثيقة الصخيرات بكل تعقـيداتها، ومجلس رئاسي لا يمكن أن يتوافق، بينما ولد التعصب مسودة دستور سيكون مصدر شقاق حتى لو اعتمد.

العجيب أن الحساسية الطرابلسية البرقاوية بقدر ما تؤجج من كراهيات إلا أنها تنطوي على زيف شنيع، في مجتمع قضى قرونا في تأسيس التعايش والتسامح ليتغلب على بيئته الصحراوية التي تفرض التبعثر والتشتت. وهكذا ينسى زعماء الإقليمين أن كل إقليم (وكذلك فزان) غير متجانس.

لكن كل ما قلناه ثانوي في ظني ولا داعي للاستطراد الآن.

إذن ما المخرج ؟

نحتاج لمعادلة عملية. أن نترك جانـبـا الجدل والصراع والدستور والصخيرات، على نار هادئة أو تحت غبار مكتب معـتــم.

وأود هـنـا أن ألـفـت الانتـبــاه إلى الحس الوطني والتمسك بوحدة البلاد التي أظهرتها أجهزة الدولة. مثل مؤسسات الكهرباء والنهر الصناعي والنفط والجمارك والتعليم … كلها اختارت أن تعمل عابرة لخطوط التقسيم التي يخطها السياسيون في فورات غضبهم ومبارزاتهم التلفزيونية.

إذن فلندع الساسة يتحاورون ويتعاركون، ونركز بدلا من ذلك على إنعاش إدارات الدولة والاقتصاد. فنحن بحاجة إلى إنشاء سلطة تعيد للدولة هيبتها وللمواطن الثــقـة والأمل

فلنشكل حكومة واحدة .. حكومة تسيير أعمال تحل محل حكومتي الثني والسراج

ولنحيي المحافظات (مع بعض التعديل) ونعين محافظين

ولتوضع سياة نقدية جادة وشجاعة .

هل هذا ممكن؟ ولم لا. لدينا مبعوث جديد ذو خبرة واسعة .. ويبدو أن المجتمع الدولي قد استقر على رؤية تحفظ لليبيا وحدتها وحمايتها من التدخل الخارجي.

فما رأيكم ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى