الجزائرالعالمتغطية خاصة

قصة سقوط “شبح بوتفليقة”.. من أوّلها

218TV|خاص

نجا الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة في بداية عام 2010 من أزمة طبية متوسطة ظلت سرا من أسرار الدولة وقتذاك، إذ لوحظ بعدها بأشهر أن صحة الرئيس الذي استجاب لـ”رغبة الشعب” و”أمر الجيش” بالاستقالة من منصبه، ليست على ما يرام، قبل أن يأتي العام 2013 ليشهد غيابا لبوتفليقة بدا لافتا للجزائريين، فيما تسربت معلومات دولية أن صحة بوتفليقة معتلة، قبل أن تنفي جهات رسمية وقتذاك متحدثة عن وعكة من النوع الخفيف، إذ أحاطت السلطات مرض بوتفليقة بـ”تكتم شديد”، لكن في عام 2015 أصبح الوضع مختلفا.

عبد-العزيز-بوتفليقة
عبد العزيز بوتفليقة – صورة متداولة على الإنترنت

صُدِم الجزائريون بـ”اختفاء تام” لبوتفليقة لأشهر طويلة، قبل أن تفضح صحيفة فرنسية السر، إذ قالت إن بوتفليقة غير موجود أساسا في بلاده، وأنه يتلقى العلاج سراً في إحدى المستشفيات الفرنسية وأن صحته متدهورة، لكن الإعلام الرسمي الجزائري سرعان ما بث رواية قالت إن بوتفليقة غادر للعلاج في الخارج وإجراء فحوص طبية، لكن وسائل دولية قالت إن بوتفليقة سافر سرا قبل أسابيع عدة من الإعلان الرسمي، إذ كانت عودة بوتفليقة لاحقا إلى بلاده لافتة وصادمة، فبوتفليقة الذي يرأس البلد الغني بالنفط والغاز منذ عام 1999 ظهر بملامح “رجل مريض”، فيما الصدمة الأكبر كانت جلوسه على كرسي متحرك، وهو مشهد غير مسبوق لرئيس جزائري من قبل.

أمراض عديدة قيل إن الرئيس يعاني منها، بعضها ورد في صحافة دولية رصينة، وأخرى تسريبات داخلية، إذ تحدثت تقارير عن إصابة بوتفليقة بأورام خبيثة في القولون والمعدة، لكن تقارير أخرى قالت إن ما يعاني منه بوتفليقة لم يكن مرض السرطان بل تداعيات نجمت عن سلسلة من الجلطات والانسدادات في شرايين القلب، قبل أن تداهمه سكتة دماغية فقد إثرها النطق وحركة أطرافه.

ومنذ عام 2017 رددت تقارير أنّ بوتفليقة، الذي تحوّل ظهوره إلى أمر شديد الندرة، لا يعرف ما يدور حوله، وأن فريقا سياسيا وأمنيا وعسكريا حوله هو من يتخذ القرارات نيابة عنه، فيما طلبت الجزائر من قادة دوليين ومسؤولين كبار حول العالم عدم طلب مقابلة الرئيس أثناء زياراتهم، بسبب الأزمة الصحية للرئيس، وهو الأمر الذي أطلق تساؤلات عميقة ما إذا كان بوتفليقة يعرف ما يدور حوله، أو أن قواه العقلية كافية لأن يقوم بمهام الرئاسة واتخاذ القرارات، وهي تساؤلات ظلت تتجاهلها السلطات الرسمية في البلاد.

عبدالعزيز بوتفليقة
عبدالعزيز بوتفليقة

في نهاية عام 2018 وقبل ستّة أشهر من الانتخابات الرئاسية لوحظ أن أوساط رسمية تسوّق على استحياء فكرة ترشح الرئيس، في ما بدا أنه “جس نبض” للجهات والأحزاب الفاعلة في الجزائر، إذ لوحظ أن أصوات بدأت تخرج ضدّ هذا الترشح الذي كان سيُبقي بوتفليقة في الحكم حتى عام 2024 ، فيما بدأت أحزاب جزائرية تتحدث عن فكرة التأجيل، أو تمديد الولاية الرابعة لبوتفليقة، لكن في الشهر الأول من العام الحالي فاجأ بوتفليقة الجميع بإعلانه الترشح لولاية خامسة أججت مشاعر الغضب للشارع الذي كان مقتنعا أن بوتفليقة عاجز عن ممارسة مهام منصبه، وأن هناك من يستخدم أختامه لتمرير قرارات مثيرة للجدل.

في الثاني والعشرين من شهر فبراير أطلق الجزائريون تحركا سلميا حاشدا لإسقاط ترشيح بوتفليقة، الذي اكتشف الجزائريون مرة أخرى إنه يتلقى العلاج سرا في سويسرا، وسط تساؤلات عمن اتخذ قرار الترشح إذا كان الرئيس مريضا ويتلقى العلاج، إذ لم يمض أكثر من أسبوعين حتى عاد بوتفليقة الذي ظهرت له صورة يتيمة بملامح جامدة يكسوها المرض والهزال رفقة قائد الجيش الفريق قايد صالح، إذ لم تمض ساعة على نشر الصورة حتى أعلن بوتفليقة جملة قرارات أهمها سحب ترشحه، وإرجاء الانتخابات، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين نور البدوي رئيسا للوزراء، فيما اقترح بوتفليقة عقد ندوة جامعة تنشئ دستورا جديدا، وتتبنى إصلاحات عميقة، وهي قرارات لم تُرض الشارع.

وسمحت حالة عدم الرضا الشعبي ببروز مفاجئ ومتكرر لقائد الجيش طيلة الأسابيع الأربع الماضية، والذي قال مرارا إنه ينحاز للشعب، مقترحا تفعيل مادة دستورية تُنهي ولاية الرئيس بداعي المرض، قبل أن يطالب الجيش بتفعيل مواد دستورية أخرى تقول إن السلطة بيد الشعب، وأنه مصدر كل السلطات، الأمر الذي فُهِم معه بأن الجيش لم يعد على وفاق مع مؤسسة الرئاسة، إذ استمر الجيش في رفضة لبقاء بوتفليقة تحت أي مبرر حتى اضطر بوتفليقة في وقت متأخر ليل الثلاثاء من إعلان استقالته التي لا يزال معها الموقف ضبابياً إلى حد كبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى