أخبار ليبيااهم الاخبار

قراءة في دلالات زيارة الوفد المصري إلى طرابلس

علق رئيس تحرير صحيفة “شؤون ليبية”، رشيد خشانة، على زيارة الوفد للمصري إلى طرابلس بالقول إنها جاءت عندما انتبه المصريون إلى أنهم ذهبوا بعيدًا في التحالف مع طرف دون الآخر في الأزمة الليبية، وأنهم شعروا الآن بضرورة تعديل الموقف السابق.

وتساءل: لماذا هذا التبدل في المواقف؟ لأنه يجب علينا أن ندرك أولا ما هو السياق الإقليمي الذي نعيش فيه اليوم.

وأضاف: أحد عناوين هذا السياق البارزة هي الإدارة الأمريكية الجديدة، والتي حتى لو لم نر منها حتى الآن، بعض ملامح سياستها في الشرق الأوسط؛ إلا أنه من المتوقع أن الحزب الديمقراطي الأمريكي قد يجري تعديلاً ضد التطرف الذي مارسته الإدارة السابقة تجاه الأزمة الليبية، حسب قوله.

وأضاف “خشانة” في لقاء معه عبر برنامج “البلاد”: الطرف المصري استشعر هذا التغيير في الموقف الأمريكي وأراد أن تكون له الخطوة الأولى، وعندما حدث تغيير على الأرض في ليبيا وخاصة على الصعيد العسكري بعد انسحاب قوات الجيش الليبي من المنطقة الغربية إلى “سرت”، فُرض على الطرف المصري واقع عسكري جديد عليه بات ضروريًا في حساباتهم.

وأردف: الوفد المصري، الذي ذهب إلى طرابلس بعد ست سنوات من إغلاق السفارة المصرية في العاصمة، أخذ طابعًا عسكريًا، وأمنيًا، ومخابراتيً، وهذا التفصيل مهمٌّ لأن الموضوع يتعلق بترتيبات تتعلق بمصالح للطرفين بالنسبة للعاصمة من ناحية، وبالنسبة لمصر القريبة من المنطقة الشرقية والمتحالفة مع القيادة العامة للجيش الليبي من ناحية أخرى، وهي تبدو كخيار جديد عنوانه “علاقات جيدة مع الطرفيْن”.

العلاقة بين مصر وروسيا:

ورفض “خشانة”، استخدام وصف مصر وروسيا بالحلفاء الآن في ليبيا؟ مشيرًا إلى أن المعطيات العسكرية الجديدة جعلت المصريين يميلون إلى نوع من البراغماتية، بل إلى الكثير من البراغماتية، في علاقاتهم مع الجيران، ويدركون أن التمسك بدعم طرف واحد ليبي ضد الأطراف الأخرى يقوّض العلاقات مع الغرب الليبي التي يمثل ثقل سكاني وسياسي وعسكري واقتصادي، حسب قوله، مشيرًا إلى توقعاته بعودة توازن العلاقات المصرية بين كفتيْ الميزان مع استمرار علاقة مميزة مع المشير حفتر.

التقارب “التركي- الروسي”:

وأوضح “خشانة”، أن العلاقات الروسية التركية مرت بتقلبات عديدة، إضافة إلى أنها تأخذ في كل بلد مظهر معين، مشيرًا إلى أنه ليس هناك خط واضح أن روسيا ضد تركيا والعكس صحيح. ولكن هناك توافقات وترتيبات للمصالح المشتركة.

وأضاف أن الدخول التركي القوي في ليبيا، هو الذي أضعف الموقف الروسي وجعل روسيا تضطر إلى سحب عناصرها من “الفاغنر” من الجبهات الغربية وتعود بها إلى “سرت”.

وبالإجابة عن سؤال إلى أي مدى يمكن للروس والأتراك أن يصلوا لنوع من القناعة لدعم جهود البعثة الأممية في ليبيا وربما دعم للرؤية الامريكية للحل داخل ليبيا؟ قال “خشانة”: علينا ألا ننسى كلمة الرئيس “بوتين” في أول يوم وصوله للسلطة قال فيما معناه: “أتعهد بعودة الاتحاد السوفييتي إلى مجده”، ومنذ توليه السلطة ونحن نلحظ تمدد روسي في القارة الافريقية وفي آسيا وأوروبا وعالمنا العربي من خلال العلاقة مع الجزائر والدخول المسلح إلى ليبيا، كل هذه المعطيات تبيّن أن الموقف الروسي مندفع إلى الأمام وشيء طبيعي أن يصطدم بموقف مندفع آخر هو الموقف التركي، ولكن أتصور أن هناك إمكانية لترتيبات بين الطرفين.

ويضيف “خشانة”: الوضع العسكري الآن في ليبيا لا يقول إن هناك إمكانية لصدام عسكري جديد، قد تكون هذه الفترة هي لجسّ النبض للبحث عن توافقات يأخذ فيها كل طرف حصته.

وأردف: للأسف ليبيا تتكوّن من هذه الأطراف الخارجية المتصارعة أحيانًا والمتوافقة أحيانا أخرى، والليبيون خارج هذه اللعبة الدولية، هم لم يؤثروا في أحداثها، ويعملوا شيئًا للمحافظة على استقلالهم، وبرأيي فإن الاتجاه نحو تسوية “ليبية- ليبية” يعطي فرصة النهوض من جديد”.

دور تركيا المتعالي:

وأفاد “خشانة”، أن الشيء الواضح اليوم هو أن تركيا أصبحت تعتبر نفسها صاحبة الكلمة العليا في ليبيا، وقد احتلت موقعًا عسكريًا متقدمًا، وبيدها أوراق قوية مثل التكنولوجيا المتطورة التي تستعملها في الطائرات المسيرة وغيرها، إضافة إلى حضورها العسكري الجسدي المتمثل في جنودها على الأرض، مما يجعل الأمر في المنطقة الغربية كأنّه الخط الأخير للدفاع ضد أي هجوم قادم من الشرق.

وأضاف “خشانة”: الأتراك تحصلوا على ورقة مهمة جدا الآن، وهي أن العالم كله تقريبًا سلّم لهم بهذا الموقع داخل ليبيا، وهذا بالطبع يُصعّب الأمور باعتبار أن المنطق المتعالي الذي يتعامل به الرئيس التركي أردوغان لا يُسهّل أن تكون هناك توافقات إقليمية ودولية؛ بل يدفع أطرافًا مثل القيادة العسكرية في المنطقة الشرقية إلى أن تتصدى لهذا الحضور العسكري التركي، ولكنّ الذي لا مناص منه اليوم هو ضرورة أن تتخلص ليبيا من هذا الوضع الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى