مقالات مختارة

غيوم تتجمّع في سماء المنطقة

علي حمادة

يوما بعد يوم تتراجع الآمال في توصّل القوى السياسية اللبنانية الى صيغة توافقية لقانون انتخاب جديد، على الرغم من كل الكلام الايجابي الذي نسمعه، وخصوصا أن المواقف متباعدة جدا، أكان لجهة اصرار “حزب الله” على فرض النسبية الكاملة، أم لناحية توقف اللجنة الرباعية عن متابعة اعمالها بالزخم الذي تميزت به بعد فشل تسويق مشروع القانون المختلط، او حتى بعد رفض الحزب التقدمي الاشتراكي و”اللقاء الديموقراطي” أي مشروع يتضمن النسبية مع استعداد للقبول بـقانون الستين مع بعض التعديلات.
إذاً، المواقف متباعدة جدا، والاهم من ذلك ان موقف “حزب الله” الذي يعتبر نفسه الضامن الامني والسياسي للمعادلة اللبنانية التي تبلورت بعد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، قد يكون أقرب الى التمهل في صوغ تفاهمات حول قانون جديد للانتخاب في مرحلة اقليمية ودولية تغيرت كثيرا وباتت تستدعي من الحزب أخذ المعطيين الاقليمي والدولي في الحسبان أكثر من أي وقت مضى.
لقد تغير المشهد الخارجي المؤثر في الساحة اللبنانية كثيرا منذ انتخاب الجنرال عون. فبعد أقل من سبعة ايام على انتخابه، رحل الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي انتهج سياسة انكفاء شبه تام عن المنطقة، ميزها بانفتاح وتقاطع مصالح مع ايران في أكثر من ساحة اقليمية، وانتخب دونالد ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدة، وما لبث ان استهل ولايته الرئاسية في شقها الخارجي بحملة لا سابق لها ضد ايران وسياساتها الخارجية، واصفا اياها مرات عدة مع أركان ادارته بـ”أكبر دولة ارهابية في العالم”! وهذا الوصف لم يستخدمه الرئيس الاميركي السابق جورج دبليو بوش الذي اعتبر متطرفا في سياساته الخارجية. فقط اكتفى بوش خلال ولايته بتصنيف ايران بأنها أحد أركان محور الشر، مع العراق وكوريا الشمالية. وحملة ترامب العنيفة ضد ايران، والتي تتركز على سلوكها الخارجي، تدل في ما تدل على ان شيئا اساسيا قد تغير في المشهد الدولي وبطبيعة الحال في المشهد الاقليمي، وان احتمالات نشوء وضع جديد في المنطقة جدية، في ظل القطيعة الحادة مع سياسات الرئيس السابق باراك اوباما الانكفائية في جانب منها، والمتواطئة مع ايران في جانب آخر.
لقد تغير الوضع، او انه في طور التحول. فالاطار الاقليمي الذي كان قائما عند انتخاب عون رئيسا مرشح لان ينقلب تماما.
أمام هذا المشهد، وهو ضبابي ولم يتبلور بعد، سيجد “حزب الله” نفسه مضطرا الى مراجعة حساباته المحلية في مكان ما، وهو العارف ان سيطرته الكبيرة على المعادلة اللبنانية الراهنة اسهمت في ترسيخها سياسات ادارة اوباما السابقة التي سلمت لايران بدور متقدم في كل من العراق وسوريا ولبنان، في مقابل انتزاعها اتفاقا حول برنامجها النووي.
لقد بدأت مرحلة جديدة غير واضحة المعالم، لكن قد تكون سببا في تأخير بت مسألة الانتخابات النيابية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “النهار” اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى