أخبار ليبيااهم الاخبار

عن ” ثوار الظل ” وفتح طرابلس

خاص 218

تعددت القصص والحكايات عن ليلة تحرير العاصمة طرابلس في الـ20 من رمضان من العام 2011، مع لحظة دخول ” الثوار”. وتميّزت بعضها بالاختلاف في تفاصيلها، ولحظاتها التي ما تزال عالقةً في ذاكرة من تعرّفوا على طرابلس في تلك الليلة عن كثب.

موقع 218 حاول ضمن لقاءاته مع بعض الذين خرجوا من المشهد ” الثوري ” مُبكّرا، وانسحبوا بعد أن تمّ اتهامهم وتهديدهم بالقتل وتهجير أهلهم، أن يفتح بعضًا من الأبواب والأوراق التي لم تُقرأ، أو بمعنى أصحّ، استدعاء الذاكرة من جديد..

هي ببساطة ليلةً تعتبر جُزءا من ذاكرة ” رمزية ” أُقترنت بفتح مكّة في 20 من رمضان في السنة الثامنة للهجرة، والذي يصادف العاشر من شهر يناير من عام 630 ميلادي، وتيّمنا بتلك الجُملة الأكثر تأثيرا في مخيلة من دخلها، وهو يصرخ في داخله ” من دخل طرابلس فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن”. ولأن الواقع كسر نمطية التاريخ في ليبيا والعاصمة على وجه الخصوص. رأى بعض من كان موجودا ليلتها، أن الحلم لم يتجاوز حدود ذلك التاريخ، بل لم يكن واقعيا كما كان ” الثوار الحالمون” يطمحون، بدولة مدنية يسودها القانون واحترام الإنسان.

أما آخرون فقد كانت لهم آراء مختلفة، في تجديد سعادتهم وعدم الندم على المشاركة في تحرير العاصمة بعد سنوات حملت الأسى والحزن على واقع صعب ، قائلين: شاركنا لأجل ليبيا، لا لأجل أحد أو حتى مدينة، لا تهمّنا التواريخ بقدر ما يهمنا أن نفكّر بصوت عالي.. علينا أن نقرأ وجوه البسطاء في وطننا، ونبحث عن حلٍّ لأزمتنا التي طالت لسنوات، وأضاف آخر بقوله : الأزمة التي وقعت فيها ليبيا، كان السبب الحقيقي وراءها، من تصدّروا المشهد بعد العام 2011، دون أي برنامج تنموي أو تأسيسي للبلد، الجميع كان يُفكّر في نفسه.. حتّى من كُنّا نعتقد أنهم خرجوا من أجل ليبيا، رأيناهم وهم يركبون السيارات الفارهة، ويبيعون ويشترون في كل شيء.. وختم بجُملة واحدة بعد أن تنهّد وقال بصوت واثق: فبراير غربلتنا، وكشفت من خرج لأجل الوطن ومن خرج لأجل مصالحه الخاصة.

 

تحرير طرابلس

الأحزاب والجماعات .. خُدعة

وفي حديث 218 مع أحد الذين كانوا في جبل وخرجوا منها إلى العاصمة ليلة الـ20 من رمضان ، قال أن ما يحدث اليوم في ليبيا ” كارثة لم تكنّ متوقّعة ” وأضاف أن أكبر أخطائنا أننا باركنا المؤتمر الوطني والأحزاب دون أن نفكّر ولو لمرّة واحدة.. كيف لحزب أو جماعة تأسيس كيانها وبعد أيام تدخل الانتخابات؟ وتابع: لا يمكن تصديق أن لهذه الكيانات مشروعا وطنيا.

 

تحرير طرابلس

معارضو النظام لا وطن لهم!

أمّا ملف ذكرى تحرير العاصمة هذا العام 2017، فقد أصبحت لا شيء بالنسبة لأحد الفاعلين في ثورة 17 فبراير، والذي بُترت يده نتيجة لقذيفة في ” حرب التحرير “.. موضحا أن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه ” هو ” أنه لم يكن على دراية بالخُبث السياسي على حدّ تعبيره، وأن كل ما كان يُفكّر فيه هو أن تكون ليبيا دولة تحترم شعبها، وبعض الأحلام الأخرى البسيطة في العيش الكريم.. متابعًا في قوله: ” اللي جونا من برّا ونسحابوهم ليبيين زيّنا سرقونا وروّحوا من وين ما جو”.. وبعدها توقّف عن الحديث، قائلا : ” هذا ما نقدر نقوله.. ومش مسامحهم”.

 

تحرير طرابلس

انتصر الثوار ولم تنتصر الثورة!

تراكمات أثقلت الكثير في ليبيا، ولم تستثني أحدًا، شارك أو لم يُشارك.. ” مع أو ضد “، ولم تُميّز بين من كان يحلم وبين من كان يخطط ويعمل على نسف أي مشروع لدولة طالما حلُم بها الجميع. في مقابل هذا كله يأتي الملف الذي أستخدم من قِبل البعض طيلة هذه السنوات، ألا وهو ملف ” الثوار والمبادئ ” الذي أعطى تفويضًا بحرق المدن وتهجير أهلها، إلى خطف رئيس الوزراء، واستنزاف ثروات البلاد في مشاريع ربحية ” خاصة “.. وهُنا يتذكر آخر بعد هذه الكلمات التي جعلته يقولها دون تفكير، وكأنه لم تُغادرهُ يومًا.

وهذا ” الآخر ” كان على رأس كتيبة مسلحة أنشأت في ثورة فبراير، وتخلّى عنها في 20 من أكتوبر 2011 يوم مقتل معمر القذافي. ولكنّ الأمر تغيّر بعدها بالنسبة لهُ، الذي كشف في حديثه مع 218، أن المؤتمر الوطني ومجلس النواب وقبلهم المجلس الانتقالي، فشلوا بتقدير يصعب على معمر القذافي نفسه أن يتحصّل عليه، لأنهم كشفوا لكل الليبيين أن لا شيء يملكونه، ولذا كان أغلبهم يتغنّى بالثورة كلما علت الأصوات بقيام الدولة، وكأن أهداف فبراير هي الفوضى على حد رأيه. وأردف بعدها: عندما قرّرت أن أبتعد عن السلاح، هذا لأنني كنت أعرف مسبقا لو أنني لم أخرج من ” ثوب الثورة ” سأتورّط في السياسة والجماعات المسلحة، وهذا ما يجعلني راضيا عن نفسي اليوم، وحزينا في ذات الوقت، لكون ما يُسمّون أنفسهم الثوار اليوم، تروطوا بشكل كبير في القتل والاختلاس، ويعرفون عن ظهر قلب أن قيام الدولة يعني محاسبتهم على ما أقدموا عليه في هذه السنوات. والكارثة أعرف منهم الكثير ممن كانوا على قدر من المسؤولية، والاحترام…. حقيقة حتى أكون منصفًا في هذا اليوم، يجب أن أقول أن هؤلاء تم توريطهم بالسلاح والرشوة ومن ثم الحروب ” الوليدة لفبراير”. ويجب على كل من خرج من المشهد أن يكشف عن أسماء أمراء الحرب وماذا فعلوا في ليبيا.. يجب أن تُكشف الحقيقة مهما كانت قاسية.

لم تنته الحكايات والقصص عن فبراير، فهي ما تزال في جُعبة من بادروا في بدايات فبراير، حين كانت الميادين تنتظر قدوم أهلها، كان هذا قبل ” فتح المخازن “، لا العقول التي ما تزال تنتظر حربها!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى