كتَـــــاب الموقع

عن.. “الشكل المرعب للخطيئة”

مروان العياصرة

يا أبا الطيب المتنبي..
أما قلت: وما الموت إلا سارقاً دق قادماً .. يصول بلا كف ويسعى بلا رجل..
هنا في سوريا .. يسعى الموت على قدم وساق، وتدور الكأس بلا حساب، الموت في سوريا، قُرُبات، يتعلم بشار الأسد كيف يكون قديسا في مملكة الشيطان،..
ما الذي يسعفنا لمحاولة تقييم ذات بشار الأسد كذات عنفية بشعة، تدخل في حيز ( الشكل المرعب للخطيئة ) حسب أرنولد توينبي ، لكنها ذات تتجاوز معنى ( هـ. ج. ويلز ) الذي كتبه في قصته الشهيرة ( لاعب الكروكية )، والذي بدا فيه ويلز أكثر وعيا وإقناعا أن للإنسان قدرة كامنة هائلة على القسوة المحضة والمجردة، وقدرا كبيرا من السادية التي تتوسل بالذرائعية والتبريرية والدافعية، هذه الأشياء نفسها التي خلقت ظروفا مشابهة للظروف التي يبررها ( بشار ) للإمساك بسوريا..
هتلر مثلا، صاحب القتل الجماعي، كان يهدف إلى خلق عالم أفضل، وأميركا التي أهدت هيروشيما وناكازاكي موت شنيعا وبغيضا كانت مدفوعة بأحلام السلام العالمي، والألوية الحمراء اليابانية التي تتنفس رصاص، كانت لها ذات الرؤية لعالم أفضل عبر طريقتها الخاصة..
إذن، فإن أسوأ أنواع الجرائم لا يرتكبها الحمقى والأغبياء، بل الأذكياء والمتحضرون الذين يرتكبونها بما يوفرون لها من مبررات ودوافع، حسب كولن ولسون في كتابه التاريخ الإجرامي للجنس البشري.
العالم منذ أقدم تاريخ مسجل عام 2500 ق . م، إلى تاريخنا المعاصر تبدو أحداث العنف والوحشية البشعة، متواصلة وقريبة، فالذي يفعله بشار الأسد في سوريا يقرب المسافة الذهنية للتاريخ العنفي المتوحش..
إنه يعيد لهذه الذهنية صورا مرَّة من معسكرات ( برجن بلسن، وبوخنفالد ) ويعيد قسوة الحرب الكونية الأولى، ويعيد أيضا صور وحشية الجيش الياباني في حادثة ( اغتصاب نانكنج ) المدينة الصينية.. وهو كقاتل محترف يختصر كل تاريخ فالد تيبيس أو المخوزق الذي كان يحتسي الشراب بين الموتى والمعذبين، وتوماس توركوموداه الإسباني المغرم بالتعذيب وشواء الناس وتقطيع الأوصال.
الاستغراق في الكتابة عن التاريخ العنفي للبشرية مؤرق، ومحرق، وقراءة تاريخ القتلة والمتوحشين يبعث على فقدان الأمل، وقراءة ما لدى العرب من حيلة تجاه سوريا تبعث على التساؤل كما تساءل نزار قباني ( ما للعروبة تبدو مثل أرملة..؟ ) ..
المشكلة أننا نحن العرب ننظر إلى الجريمة – أي جريمة – على أنها حالة استاتيكية، سكونية، والعكس صحيح، فالجريمة تكبر، وستبقى تشكل وعيا خاصا في ذهنية الشعوب، وربما عند بعض الضحايا الأحياء تتحول هذه الذهنية إلى ذِهان أو سيكوز وانفصام..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى