مقالات مختارة

عفاريت عفرين

المرغني جمعه

بينما كانت القوات التركية ترفع العلم التركي على قلب مدينة عفرين، كان (أشاوس) الجيش الحر يطلقون النار فرحا وابتهاجا وولها بهذا الانتصار العظيم .. يذكِرنا ذلك المشهد بقصيدة مظفر النواب ((القدس عروس عروبتكم)) غير أنهم لا يتوارون خلف الباب بل يمدُون أوجههم في الهواء الطلق .. فرحة ما بعدها فرحة.

ها قد دخل الأتراك إلى مخادعهم .. كل شيء في الثورات جائز .. ومن باب الجواز أيضاً لا الوجوب يكتبون على أبواب المحلات المنهوبة بعد أن أصبحت خاوية على عروشها ((الثورة أخلاق))، لا شك أن صاحب المحل المستباح سيسره كثيراً أن يقرأ هذه العبارة، ليس المهم الأعراض ولا الأرزاق المهم الأخلاق .. وما دمنا في استعراض الإنجازات فإن ما تحقق من منجز لثوار الغوطة بشتى فصائلهم الذين اختلفوا في المعارك قد توحدوا في الباصات الخضراء.

وطوال الطريق من دمشق إلى إدلب تستمر مسيرة النضال مع ملاحظة سطحية واعذرونا مسبقا لضيق سعة تفكيرنا العاجز عن استيعاب تطور الحركات النضالية .. إذا شاهدتم الصور ستلاحظون تورد وجوه المقاتلين المناضلين ذوي اللحى الطويلة القادمين من عصر النبوة، والكروش المتدلية، ليسوا هم فقط حتى عائلاتهم تبدو عليهم علامات النعمة الظاهرة، عكس صور المدنيين الخارجين من المعابر، والذين ترى عيونهم الغائرة و نتوءات اضلاع اطفالهم و تستغرب ان كانوا حقا في ذات المناطق فبعضهم يبدو انه قادم من جنيف والآخرون من الصومال.

مجرد ملاحظة .. و ملاحظة أخرى حيث يشدُ الأشاوس المناضلون رحالهم نحو الشمال تشد الدبابات التركية جنازيرها نحو الجنوب .. في مهرجانات الشباب يلتف حملة الاعلام في دوائر حيث تختلط الاعلام الصفراء والحمراء والزرقاء في سوريا أيضا نشاهد حملة الاعلام بعضهم بالأصالة عن نفسه وبعضهم بالوكالة عن آخرين، لكن الدوائر تضيق حتى بدأت تتآكل، ربما لهذا السبب وأسباب أخرى تتوغل تركيا في شمال العراق وتتغول في شمال سوريا وذلك ما يقودنا إلى ما يثير الشفقة من حديث ((صالح مسلم)) المعاتب واللائم على روسيا التي لم تحرك ساكنا أمام التوغل التركي.

بالتأكيد أن الأكراد وجدوا أن الحليف والداعم الأمريكي قد يكون مقفلا أو خارج نطاق التغطية، وذلك ليس بجديد فالعاشقة اللعوب تقبل الأيادي والأقدام عندما تحتاجك لكنها تنوء بطرفها عندما تحتاجها، ليس أمام السيد صالح إلا أن يتصل ببرنامج ما يطلبه المستمعون ليهديها أغنية ((يا ناسيني)).

آخر عفاريت عفرين هذا الصمت العربي أمام التوغل التركي والتغول التركي وكأن الحدود المنتهكة ليست أراضي عربية وكأن المدن المستباحة جهاراً نهارا ليست مدن دول عربية، ومهما كانت الاختلافات أو العداوات فإن قليل من بيانات الشجب قد تفي بالغرض على الأقل من باب توثيق الحدث حتى وإن فاتنا التوقيت.

المصدر
الأهرام العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى