أخبار ليبياخاص 218

عرّاب شط الحرية يعتزل الفن.. “القابسي” يودع جمهور المسلسل

أعلن المخرج فتحي القابسي عراب السلسلة الفنية الفكاهية شط الحرية، التي تم بثها بشكل حصري عبر قناة 218 خلال شهر رمضان، اعتزاله العمل الفني بمختلف أنواعه وأشكاله بشكل نهائي، مشيراً إلى أنه في حل من كل شيء له علاقة بالمجال الفني.

ويأتي قرار القابسي المفاجئ بعد أن حقق مسلسل شط الحرية نجاحاً لافتاً ونسب مشاهدة هي الأعلى على الصعيد المحلي، ليختار القابسي البعد عن الساحة الفنية وهو في قمة الإنجاز في موقع لم يبرحه منذ خمس سنوات، ظل فيه المسلسل الكوميدي حديثا شاغلاً لليبيين الذين انبروا لتحليل إسقاطاته ومحاولة فهم رسائله، التي تعالج الأوضاع المعيشية والسياسية والاجتماعية في البلاد، بقالب يجمع بين الدراما والكوميديا البعيدة عن المباشرة، والمليئة بلغة الرفض للواقع، والمتمردة على القوالب الجاهزة والأطر الموجهة.

رسائل فنية خطها القابسي بحرفية الكتابة والنص، فهو ابن المجتمع والأكثر إدراكاً لتفاعلاته وهمومه وهو المتمرد على التابوهات والرافض للواقع، ذاك الواقع الذي استنطقه في حلقات شط الحرية، فكان للاسم رمزية وظل الوطن الذي تمناه القابسي شامخا قوياً صافياً ونقياً كمعزوفة حب وود يحظى الناظرون إليها بالفخر، وهو فخر يتضاد مع حالة السكون ويعاند الوجع الذي تعيشه البلاد، فظهرت كل تناقضات الحالة الليبية في حلقات أضحكت وأبكت في آن، وكأي عمل فني توحد الجميع في الابتسامة التي رسمتها جودة النص وحرفية الممثلين الذين لم يتكلفوا العرض فأبهروا بتلقائية، بينما اختلف مشاهديهم في توجيه بوصلة الرسائل وفحوى المشاهد.

عمل وحّد فيه القابسي الذي اختار الانزواء جانباً كل الليبيين، وكأي نجاح لم يكن بعيداً عن أسهم النقد ورسائل التهديد المبطن، وهو ما جعله متسمراً طيلة أيام عرض المسلسل أمام كاميرات المراقبة التي تحيط بمنزله متخوفاً أو مترقباً لإشارة رفض من أحدهم أو رصاصة متفلتة تبحث ذات صدفة عن جسد موجوع بالوطن، تنهي هدير الأمواج على شط تسكنه كثبان الرمال الشاحبة التي ترسم تضاريسها القاحلة دائما والمزهرة نادراً تفاصيل الوجع الليبي المتقلب على سنوات من الجمر تأبى الرحيل.

لم تعجب رسائل القابسي الكثيرين خاصة تلك التي استعان فيها بأستاذ الشعوب، حيث ركح المسرح الذي انتصب في قرية مقلب الشراب ووجه من خلاله رسائل النقد والاستنهاض، مخاطباً من اختار لعب دور المتفرج وآثر الهروب من المواجهة تغيير الواقع الذي ظل شاهداً على تفاصيله التراجيدية السوداء، ولأن اللغة تكون أكثر اتقاناً وأكثر وصولاً عبر الأبيات الشعرية كانت كل أشعار القابسي الشخصية أو المقتبسة لغة متواصلة ومترابطة يتحد فيها جمال المشهد والذائقة التي تصل المعنى.

ضغوط متواصلة واجهها القابسي قد تكون سبباً لإعلان اعتزاله الذي سيفقد الشاشة الليبية واحداً من أيقوناته الرمضانية، التي تضرب موعدا متجدداً كل عام وتنهي سيمفونية أطربت الجميع فتحلقوا حولها، وكانت ضيفاً عزيزاً على موائدهم الرمضانية، فهل دفع القابسي بإرادة ثمن الكلمة الحرة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى