اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

“طُغاة فبراير وأنصار الطاغية بعيدا عن النكبة والثورة”

حمزة جبودة

1

مع بداية فرض قانون العزل السياسي، دخلت ليبيا رسميًا في قائمة الدول المراهقة فكريًا، ومنحت لنفسها مقعدًا في نادي الفوضى والخراب الثوري، بمباركة أطرافٍ كانت في وقتٍ قريب، تدعي أن لها مشروعًا لبناء الدولة.

عُقدة معمر القذافي لم تنته بنهاية حكمه، في ليبيا، ولم ينجح قانون العزل السياسي من إقصاء أصحاب المناصب العليا في عهده، الأكثر شراسة من هذا، أن قانون العزل رسّخ مبدأ الإقصاء والغنيمة، وأن المنتصر لهُ الحق في سجن وتهجير من يشاء.

وبمناسبة قدوم الأول من سبتمبر، من الطبيعي واللافت أن نقرأ ونشاهد على صفحات مواقع التواصل، صورا وكتابات ومقاطع فيديو، تحكي عن سنوات العقيد، وعن احتفالات ما تزال تُقام حتى اللحظة، بمناسبة “الفاتح”.

لا غرابة في ذلك، ومن يندهش عند رؤيته تلك الطقوس أو الاحتفالات مِثالا على الجهل أو التغييب عن الواقع، هو في واقعه لم يحاول أن يفهم جيدًا ما يحدث في بلده ليبيا، لم يصل إلى قناعة أن من يحتفل بـ”الفاتح” اليوم، يُحاول أن يترجم احتفاله لسؤال يتيم لدولة “فبراير”: أين دولة القانون والعدالة التي كنتم تتغنّون بها؟

لا غرابة في ذلك، إن أعدنا قراءة ما حدث في السنوات الماضية، وما حدث فيها، بدءًا من قرار رقم 7 إلى سلسلة الإجراءات التي تمت لغرض واحد، إنهاء حقبة 42 سنة في فترة وجيزة. لا غرابة في ذلك، إن فكّرنا في المهجرين من أرضهم، بسبب هتاف أو وظيفة إدارية أو اجتماعية في عهد معمر القذافي.

الغرابة الحقيقية، أن تمنع الآخرين من الاحتفال في الأول من سبتمبر، وتطالبهم بالاحتفال في السابع عشر من فبراير. الغرابة الحقيقية أن تخشى وتخاف من المحتفلين، لأنك لا تملك  حقيقة أمرك. لأنك ترى نفسك مهزوزة ومرتبكة، هذه هي الغرابة.

2

لا خيارات في ليبيا اليوم، إلا أن تقبل بفكرة التعايش المشترك، وأن الاحتفالات التي تُقام في سبتمبر، هي احتفالات مشروعة لمن يرغب في الاحتفال بها، دون أن يلحق الضرر بالآخرين. لا خيارات أمامنا إلا أن نفهم أن ليبيا ليست مِلكًا لفبراير، أو لـ”الفاتح”، هذه الفكرة يجب أن تنتهي وتزول نهائيًا.

لنتفق على أن الجميع لهُ الحق في العيش بكرامة داخل بلده، دون مِنّة من أحد أو من أي طرف. لنتفق على هذا، لأن منح الوطنية وصكوك الغفران، وشتم الآخر بالخائن، لم يعُد مُقنعًا. هذا ما يجب أن نفهمه، ونعي أن المرحلة قد تنسفنا جمعيًا في لحظة عابرة. إن لم نُفكّر في دولة للجميع، أنصار الفاتح وفبراير. يحكمها القانون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى