كتَـــــاب الموقع

سُرقت الأمة فماتت الجدة

نوارة الجبالي

قرأت خبر إلقاء القبض على شخص أضرم النار في منزل جدته، واعتدى عليها بالضرب بواسطة آلة حادة آدت إلى دخولها للمستشفى ، في حالة حرجة. وسرق ما بحوزتها من أموال ومجوهرات). هذه الحادثة تعكس ما يحدث في عندنا،
ينخر الفساد جسد مجتمعنا مسبباً له الضعف والتراجع على جميع الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتنعكس آثاره السلبية على جميع مناحي الحياة، وقد أدى بالتالي إلى انعدام الأمن وتوالت المآسي حتى شملت سوء الأخلاق بسبب تدني التعليم وهروب الطلاب من مدارسهم والتحاقهم بمن يؤمن لهم المال، ففي ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة والصراع الدموي المتواصل، بات حمل السلاح والانخراط في الكتائب المسلحة المنتشرة فرصة للحصول على مصدر للدخل بالنسبة  للشباب، خاصة وأنه صار أسهل كثيرا من أي عمل آخر .
يضعف الفساد القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي إلى إهمال إجراءاتها واستنزاف مصادرها، فبسببه تباع المناصب وتشترى.
ويؤدي إلى تقويض التنمية الاقتصادية لتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة، ففساد المنظومة السياسية والتي بالطبع أدت إلى انعدام الثقة في الدولة وفي النظام المصرفي لها، مما اضطر المواطنون للاحتفاظ بأموالهم “تحت البلاطة”، وفي ظل غياب الأمن وانتشار السلاح وانعدام الرادع الأخلاقي تصبح حياتهم في خطر حتى من أقرب الناس إليهم، فكبار المسؤولين يستنزفون ثروات الوطن ويسرقون أحلام الشعب ويتركونه للفقر والعوز ويشجعون أبناءه على ارتكاب الجرائم فلا رادع أخلاقيا، ولا قانون يحاسب فكلما عم الفساد في المجتمع ضمن القائمون عليه من سياسيين وإداريين فاسدين النجاة من الملاحقة والقصاص، وانتشر الفساد من القمة إلى القاع. ولا نبرر للشاب فعلته وليس معنى ذلك أنه مظلوم فالجميع ظلم الوطن وضربه في مقتل، فالمسؤول سرق الأمة والشاب سرق الجدة.
وأين نحن من الدول المتقدمة التي تحترم شعوبها، ففي النرويج مثلا، يستعمل الوزير المواصلات العامة. ويعتبر ركوب سيارة الأجرة (التاكسي) من مال الدولة استغلالا للمال العام يحاسب عليه القانون.
ونحن علينا أن نفهم وأن نعي بأنَ هذا ما يجب أن يحصل عندنا، كما في هذه الدول التي تحترم شعوبها، وعلى المسؤولين أنَ يدركوا كما في هذه الدول أيضا بأن عليهم أداء واجباتهم على أكمل وجه، ولكن الأهم أن الشعوب تراقب ولا تفرط في حقوقها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى