أخبار ليبياخاص 218

سيناريوهات المواجهة المصرية التركية.. ولماذا يُفضّل الأتراك باشاغا؟

خاص| 218

تحدث كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، الدكتور حسين إبش، بإسهاب عن مستجدات الأزمة الليبية، في ظل تواصل الحشد العسكري حول مدينتي سرت والجفرة، والتصريحات التركية الأخيرة، وتزايد احتمال تدخل مصر بعد موافقة برلمانها على تدخل الجيش في مهمات عسكرية خارج الحدود.

المواجهة المصرية التركية

مصر - تركيا
مصر – تركيا

ورأى “حسين إبش” أنه كان من الضروري لمصر الردُّ مباشرة على التصريحات التركية بشأن إجراء مناورات بحرية قبالة ساحل ليبيا، معتبرا أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يخوضُ مغامرةً مجنونة، وهي جزء من مغامرة مجنونة أكبر، والتي تصبح تركيا بموجبها القوة المهيمنة في الأجزاء ذات الغالبية السنية من العالم العربي.

وقال إن المصريين أكدوا أن بلادهم لن تجلس ببساطة وتشاهد القوات الليبية المدعومة من تركيا تقترب أكثر فأكثر من الحدود المصرية، متوقعا حدوث بعض الاشتباكات بين مصر وتركيا دون نشوب حربٌ شاملة أو إقليمية.

وأشار حسين، إلى أن عددا من الأطراف الفاعلة ربما لم تكن مستعدة للتدخل مباشرة بشكل كبير لمساعدة الجيش الوطني في محاولة توسيع سيطرته على غرب ليبيا، إلا أن عددا من الأطراف الفاعلة لن يبقوا ساكنين ويسمحوا لحكومة الوفاق الوطني والقوات المدعومة من تركيا بالاستيلاء على الهلال النفطي وسرت والمناطق المرتبطة بها.

وذكر أن الأتراكُ قالوا صراحة إنهم لا يؤيدون وقفا لإطلاق النار، ويعتقدون أنهم قادرون على كسب الأرض وليسوا مهتمين بوقف إطلاق النار، ومع ذلك استبعد دخول الأتراك بكل ما لديهم من قوة خاصة إذا كان هناك تدخلٌ محتمل من جانب مصر أو أطرافٍ أخرى.

الأطماع التركية

الرئيس التركي أردوغان يرفض أي انتقاد لتدخله في ليبيا

وبشأن الأطماع التركية في ليبيا، لفت “حسين إبش” إلى أن ميناء مصراتة أصبح مُهما لتركيا كنقطة إمداد لقواتها وقوات المرتزقة وقوات الوفاق المتحالفة، وأيضا كل موانئ ليبيا، مهمة حقًا لمطالبات تركيا في شرق البحر المتوسط بأكمله.

وأكد أن الأتراك يعتقدون أن بإمكانهم تعزيز الموقف التفاوضي لحكومة الوفاق الوطني بالحصول على المزيد من الأراضي، حيث أن الجانب الخفيّ من هذه المعركة أنها إلى حد كبير صراعٌ على النفط والمال الذي يجلبه النفط، وهناك أمل لدى الجانب التركي والقوى الموالية له في طرابلس بأن يتمكنوا من الاستيلاء على بعض حقول النفط، معتبرا أن ما يجري الآن يكشف أطماع أردوغان الاقتصادية في ليبيا.

وأكد أن الأتراك يعرفون ما سيفعلونه في المستقبل إذا فشل الهجوم على الهلال النفطي، وإذا لم ينتهوا بالسيطرة على سرت، فيما العالمٌ العربي ضعيف تمامًا يجلس ويراقب تركيا تأتي من كل تلك المسافة عبر البحر المتوسط للتدخل بشكل في ليبيا البعيدة عنها.

تركيا والوفاق والإخوان

وقال كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، إن ليبيا تشهد الآن صعود قوةٍ ترتبط مع الإخوان في الغرب، تتماشى تماما مع سياسة تركيا، ومع أيديولوجيا قطر والإخوان على المستوى الإقليمي، فحكومة حزب العدالة والتنمية في أنقرة إسلامية سنية بكل المعاني، وقد دمجت السياسة الخارجية التركية مع الإسلام السني.

وأشار “حسين إبش” إلى أن البعد الأيديولوجي لأنقرة مع غزة ومع قطر ومع غرب ليبيا، خاصة طرابلس ومصراتة، يجعله بؤرة مشروع تركي لتوسيع نفوذه في العالم العربي من خلاله، موضحا أن التحرك التركي له علاقة بالاستيلاء على حوالي ثلث شرق البحر المتوسط، الذي يقوم في الأساس على اتفاقية مع حكومة الوفاق.

وأضاف أن هناك كتلة إسلامية سنية مدعومة من قطر وبالمال من أحزاب الإخوان في جميع أنحاء العالم العربي ويتماشى نهجها مع سياسة تركيا الخارجية، فيما السياسة التركية الخارجية الآن هي تأكيد لانحراف تركيا عن الغرب، والابتعاد بشكل حاسم عن أوروبا وعن الناتو أيضا وعن واشنطن أيضا، وتقوم على محاولات تأكيد عظمة تركيا، واستعادة أمجادها العثمانية، والتذكيرِ بسيطرتها السابقة، وكل ذلك تحت راية الإسلام السني. وأعتقد أن هذا أمرٌ خطير للغاية.

ورأى “حسين إبش” أن تركيا لن تواجه أوروبا عسكريًا بطريقة تصادمية، وأن دورها في ليبيا وسوريا واستيلائها بالقوة على شرق البحر المتوسط يثبتان أننا بالفعل في عالم ما بعد الحرب الباردة. وأننا تقريبا في عالم ما بعد أميركا.

الدور الأميركي والأوروبي

الرئيس الأميركي دونالد ترامب
الرئيس الأميركي دونالد ترامب

ويعتقد “حسين إبش” أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرتاحٌ كثيرا إلى سياسة عدم التدخل في التعامل مع ليبيا، وينظر إلى ليبيا على أنها مشكلة طرف آخر، لكن إذا انتخب “جو بايدن” سيتخذ موقفا مختلفا في ليبيا.

وبشأن الموقف الأوروبي، قال “حسين إبش”، إن الأوروبيين ليسوا في وضع يسمح لهم بمحاربة تركيا، وما قد نراه هو إرسال قوةٍ أوروبية للمساعدة في تأمين وقف إطلاق النار، أيْ وقفٌ طويلٌ لإطلاق النار، لافتا إلى أن قوة من الأمم المتحدة ستكون مفيدة جدًا لمنع الاقتتال بين الطرفين وستكون من مهامها المراقبة والإبلاغ.

الوفاق وسيطرة الأتراك

وحول الحديث عن حكومة الوفاق كحكومة مستقبلية لليبيا، وعن دور تركيا ومصالحها على المدى الطويل في ليبيا، أكد “حسين إبش” أن المسألة هنا تصبح أكثر ضبابية، فليس هناك قيمة لدولة صغيرة يقودها الإخوان المسلمون التي ستكون تحت سيطرة الأتراك في شمال غرب ليبيا.

ورأى أن حكومة الوفاق عندما وقعت على الاتفاقية مع أنقرة صارت بديلاً للسياسة التركية الخارجية، وأن الأتراك باتوا يعتمدون في ذلك على وزير داخلية الوفاق، وعلى جماعة الإخوان المسلمين المرتبطة بفتحي باشاغا، مبينا أن المرتزقة الإسلاميين جعلوا حكومة الوفاق إسلامية بالفعل أكثر من أي وقت مضى.

أميركا البعيدة

أميركا
الولايات المتحدة

وقال كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، “حسين إبش”، إن أميركا همّشت نفسها وشاهدت تحالفها ينقسم حول ليبيا، وكانت تصريحات الإدارة الأميركية الأخيرة حول ليبيا والاقتصاد تتعلق بدعم مؤسسة النفط ومصطفى صنع الله.

وعن التوقعات الأخرى، ذكر “حسين إبش” أنه بحال رُفع التهديد العسكري وتوقفت أنقرة وحكومة الوفاق عن التهديد بمواصلة الهجمات، يمكن للولايات المتحدة والأمم المتحدة التدخل لوضع حد للصراع، وقد تصل واشنطن إلى فرض عقوبات على أطراف ليبية محددة، لكن السياسة الأميركية لن تتغير إذا أعيد انتخابُ الرئيس ترامب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى