مقالات مختارة

سمير غانم… أيقونة اسمها البهجة

طارق الشناوي

اسمه صار مرادفاً للبهجة والسعادة والضحك الذي يخرج من القلب. أتحدث عن سمير غانم الذي يقف الآن على شاطئ الثمانين، ولا يزال قادراً على إنعاش حياتنا.
يعود اليوم من «جدة» حيث عرض مسرحيته «سيبوني أغني» لمدة 3 ليالٍ، محققاً نجاحاً جماهيرياً ضخماً، ليتسلم غداً في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي «جائزة فاتن حمامة التقديرية» عن إنجاز العمر.
سمير غانم هو أول فنان كوميدي عربي ينال تلك الجائزة التي تحمل اسم سيدة الشاشة. عنوان فاتن «التراجيديا»، بينما عنوان سمير «الكوميديا»، وهو تناقض فقط ظاهري، لأن العطاء الفني في النهاية يقفز فوق حاجز التصنيف الدرامي.
سمير غانم رحلة ممتدة لنحو 60 عاماً من الإبداع، أكثر من 3 أجيال توارثت جينات الضحك مع «سمورة» و«فطوطة».
بدأ المشوار متكئاً على موهبته الفطرية التي منحها له الله، ولم يضف إليها شيء آخر من مكسبات اللون والطعم والرائحة، هو فقط يقدم سمير غانم؛ سواء وقف أمام الكاميرا أو اعتلى خشبة المسرح.
لن تجد مَن وجّهه أو أرشده، بل هو الذي صنع سمير. فنان يفتح ذراعيه للدنيا، لم يضف إليه مخرج ولا كاتب ولا منتج، ولكنه اقتحم المجال مستنداً إلى قدرة لا نهائية على الارتجال، وهو نوع من الفن له أيضاً قواعده، ولكن في بلادنا ليس هناك من يحدد المعايير التي تضبط الإيقاع.
كيف استمر سمير غانم كل هذه السنوات في المقدمة وله جمهوره العريض؟ سمير كان يحفر في الصخر ولا أحد يسانده. هو ابن زمن التلفزيون، ولهذا دخل البيت المصري ومن ثم العربي في مطلع الستينات، مع رفيقيه جورج سيدهم، منّ الله عليه بالصحة والعافية، والضيف أحمد الذي اختطفه الموت مبكراً، كانوا يتقاسمون في بداية المشوار الجنيه على ثلاثة، ويوزعون اللقمة على ثلاثة، حتى حدث الانفصال بين جورج وسمير، وأكمل كل منهما مشواره منفرداً.
سمير حفر في المزاج العام العربي مساحة من الحب. لديه شيك على بياض بأن يغفر له الجمهور أخطاءه. لا أحد يطلب منه أن يدفع الثمن، حتى عندما قدم في مرحلة زمنية؛ الثمانينات تحديداً، ما كان يعرف بأفلام «المقاولات» المحدودة في قيمتها الفنية والفكرية، سامحه الناس، ولم يعتبروها نهاية العالم. هو وعادل إمام من الجيل نفسه. سمير خريج «زراعة» جامعة الإسكندرية، وعادل «زراعة» جامعة القاهرة. اختار سمير أن يُصبح جزءاً من مجموعة، بينما عادل كان يقف متفرداً. سمير يرى أن عادل يستحق كل النجاح الذي حققه، إلا أنني عندما سألته: هل عادل هو عنوان جيلكم؟ قال لي: نحن خمسة شكّلنا الجيل… مستحيل اختصارنا في اسم، لو أردت عنواناً قل: «عادل وسمير وجورج وسعيد ويونس»، كل منّا له عند الناس مساحة من الحب لا يمكن إنكارها. أكيد لنا جميعاً ضحكات رشقت في قلوب، رغم كل النجاح الذي حققه وعن جدارة عادل إمام، فهو واحد من الخمسة الكبار.
كانت إشاعات الموت كثيراً ما تطارده في السنوات الأخيرة، ونفي الخبر حتى الآن على الأقل نحو أربع أو خمس مرات. يقول معقّباً: نفوس مريضة هي التي تروج بين الحين والآخر لتلك الإشاعة، ولا أفهم في الحقيقة ما الدافع. أنا لا أخشى الموت، فهو الفصل الأخير من الحياة. ونتمنى لـ«سمورة» مزيداً من السنوات ليملأ حياتنا بالسعادة والهناء. جاءت «جائزة فاتن حمامة التقديرية» حقاً لمن يستحقها.

_________________________________
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى