أخبار ليبياخاص 218

سلامة يكشف “نسبة نجاح برلين”.. ويتحدث عن “فساد هائل”

خاص| 218

تحدث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، في مقابلة خاصة مع قناة “NEWS 218″، الأربعاء، بإسهاب حول “مؤتمر برلين” المنتظر، وفرص نجاح الوصول إلى وقف لإطلاق النار في طرابلس، وحجم الفساد في ليبيا، وغيرها من المواضيع الساخنة التي تتصدر اهتمامات الليبيين.

واستُهلت المقابلة بالحديث عن “مؤتمر برلين”، حيث أكد سلامة أنه جزء من مسيرة بدأت منتصف أغسطس الماضي عندما اتفق مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن التشارك في إطلاق مسيرة هدفها ترميم التصدع الهائل الذي أصاب الموقف الدولي بشأن ليبيا، وقال إن هناك عملية تحضير جدية للمؤتمر الذي من المرجح عقده مطلع ديسمبر المقبل، مضيفا أن الموعد لم يحدد لأن البعثة تفاهمت مع الألمان على أن يكون التحضير كاملا والاتفاق شاملا بحيث تكون “القمة” مناسبة للقبول بما تم التوافق عليه خلال الأسابيع السابقة للمؤتمر.

ورأى سلامة أن الأهم هو ما تم الاتفاق عليه بإيجاد “لجنة متابعة” مهمتها تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض في ليبيا لتجنب سيناريوهات سابقة نتجت عن انعدام متابعة التنفيذ.

ولدى سؤاله عن الأمر الذي يجعل ألمانيا مؤهلة أكثر من غيرها في الملف الليبي، لفت سلامة إلى أن ألمانيا لم تتدخل بالملف الليبي ولا في المساجلات الدائرة حوله، ولها قدر من الحياد يجعلها عنصرا محركا، مبينا أن أهم ما في هذا الاجتماع (مؤتمر برلين) أنه جماعي يضم عددا من الدول المؤثرة بالملف الليبي.

“مؤتمر برلين”

وحول تحمسه لـ”مؤتمر برلين”، ذكر المبعوث الأممي أنه ليس هناك محاولات أخرى لوقف تصدع الموقف الدولي تجاه ليبيا إلا المحاولة التي انطلقت من برلين، موضحا أن مجلس الأمن اجتمع منذ بدء الحرب الأخيرة حول طرابلس 14 مرة ولم يتمكن من إصدار أي قرار بوقف إطلاق النار أو بيان رئاسي يعبر عن توافق داخل المجلس.

وأشار إلى أنه وفي ظل هذا الانقسام الحاد في مجلس الأمن فإن الهامش المتاح للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى ليبيا يصبح ضيقا للغاية، لذلك حاولت الأمم المتحدة نقل الدول العظمى وبعض الدول الأخرى إلى مكان آخر لمحاولة تقريب وجهات النظر وإيجاد رقعة للتفاهم ليتوحد الموقف الدولي من ليبيا، في إشارة إلى “مؤتمر برلين”.

وقال سلامة “خلال الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر برلين ازداد تفاؤلي بنجاحه لأنني وجدت أن رقعة التفاهم بدأت تتوسع.. وحصل تقدم نحو التفاهم”.

فرصة “مؤتمر برلين”

وأكد سلامة أن “العمل مستحيل” في ظل انقسام مجلس الأمن، لذلك فإن تقريب وجهات النظر شرط مسبق لتحقيق أي نجاح في المستقبل، موضحا أن الفجوة بين الأطراف الفاعلة في ليبيا أصبحت مؤخرا أقل بسبب عمل البعثة على تقريب وجهات النظر، لذلك لم تحدد الأمم المتحدة موعدا لمؤتمر برلين لأنها تريد التأكد من أنها تسير على أرض ثابتة، وأنها -فعلا- تمكنت من تقريب وجهات النظر بين الدول الفاعلة، وقال “كانت نسبة تفاؤلي بالمؤتمر في منتصف أغسطس 15 أو 20 بالمئة، واليوم وبعد أن تمكنا من تذليل الكثير من العقبات أقول إن حظوظ النجاح باتت على الأقل 50 بالمئة أو ما يزيد”.

وحول توقعاته بشأن وقف الحرب بعد مؤتمر برلين، أكد سلامة أنه يسعى لوقف العمليات العسكرية في كل أنحاء ليبيا، ووجود ضمانة دولية لهذا القرار وإلى إيجاد لجنة دولية تعمل إلى جانبي وتمثل كافة الأطراف المعنية بالأزمة الليبية.

السلاح وليبيا

اشتباكات طرابلس - ارشيفية
اشتباكات طرابلس – ارشيفية

وعلّق سلامة على تورط بعض الدول بتزويد ليبيا بالسلاح، وتصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علنا بذلك، قال سلامة قبل الحرب كانت دول عديدة تزود ليبيا بالسلاح مجانا أو بالبيع أو أن هناك طرفا آخر يدفع ثمن هذه الأسلحة.. ومنذ بدء الحرب قامت لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن برصد أكثر من 40 حالة خرق لقرار حظر التسليح في ليبيا”.

وأضاف المبعوث الأممي أن أحد الأهداف الأساسية من مؤتمر برلين هو إيجاد آلية لتتمكن لجنة العقوبات من محاسبة الدول المزودة بالسلاح والتجار الذين يبيعون السلاح والأطراف الليبية المستفيدة منه، مؤكدا خرق قرار حظر التسليح تزايد بالفترة الأخيرة، ورأى أنه من المفيد أن تكون ألمانيا جزءا من المؤتمر لأنها عضو بمجلس الأمن وهي رئيسة لجنة العقوبات بمجلس الأمن وتريد الأمم المتحدة استغلال هذه الميزة لوضع آلية فعالة لحظر التسلح في ليبيا.

دور مجلس الأمن

مجلس الأمن الدولي
مجلس الأمن الدولي

ولفت غسان سلامة إلى أن مجلس الأمن لم يقم بدوره كاملا في تنفيذ قراراته تجاه ليبيا، لذلك تعتزم الأمم المتحدة دعوة الأعضاء الدائمين بالمجلس إلى برلين ليضعوا تلك الآلية مع التعهد على أعلى المستويات (الرؤساء) باحترام حظر تسليح الأطراف في ليبيا.

وقال “إن تمكنا من ذلك فإن آلية العقوبات ستتغير.. نحن نريد أن تستجيب لجنة العقوبات بشكل فوري وأن تراقب حدود ليبيا برا وجوا وبحرا وتزود بالصور من أقمارها الصناعية وبكافة المعلومات والرد على أي خروقات تحدث”.

وقف إطلاق النار

وكشف سلامة أن وقف إطلاق النار هو الهدف الثاني في “مؤتمر برلين”، حيث تعمل الأمم المتحدة على سلسلة من الخطوات المتعلقة بوقف إطلاق النار، أولها إصدار قرار من مجلس الأمن، وثانيا إيجاد مراقبين حياديين غير مسلحين لمراقبة وقف إطلاق النار، وثالثا إقناع كافة الأطراف باحترام وقف إطلاق النار ومراقبة أعمالهم، ورابعا إجراءات بناء الثقة بين الأطراف الليبية من خلال عمليات حماية المدنيين وعودتهم إلى منازلهم وتبادل الجثامين والأسرى.

ولدى سؤاله عن توجه البعثة لتوسيع المشاركة السياسية أم أنها ستبقى مختزلة برئيس المجلس الرئاسي فائز السراج وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، قال سلامة “نحن ملتزمون بأن أي عملية سياسية يجب أن تكون منفتحة على أكبر عدد ممكن من الليبيين وهذا رأي المجتمعين في برلين أيضا”.

حرب طرابلس

وبشأن السبب الذي جعل الجيش الوطني يغيّر رأيه قبل مؤتمر غدامس ويبدأ عمليته العسكرية بطرابلس، أكد سلامة وجود تحفظات من عدة جهات على تفاهمات حفتر والسراج في أبوظبي، كما رفض المجتمع الدولي دعم الأمم المتحدة في البناء على هذه التفاهمات، لذلك تعتبر إعادة بناء لحمة المجتمع الدولي شرطا مسبقا لأي تفاهم يتوصل إليه الليبيون لتجنب عرقلته من أي أطراف خارجية.

ورأى المبعوث الأممي أنه وبعد قدوم هذا الكم من الأسلحة إلى ليبيا والتدخلات المباشرة وغير المباشرة في الحرب فإنه من العبث أن يصل الليبيون إلى اتفاق.

وأشار إلى أن السراج وحفتر عقدا 7 لقاءات، وفي الأخير دعي المبعوث الأممي للحضور كشاهد، مبينا أنهما لم يحلا المشكلة الليبية بشكل كامل، وقال إنه وجد بينهما قدرا من التفاهمات أراد البناء عليها بمؤتمر غدامس لكن حصل ما لم يكن في الحسبان وبدأت الحرب.

سلامة والانحياز

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة

وعلّق سلامة حول اتهامه بالانحياز في الصراع الليبي، أنه بحال وجود حالة استقطاب حادة تكون مطالبات بأن يقف الوسيط مع أحد الأطراف، وكذلك بوجود انقسام دولي تكون هناك ضغوطات متناقضة على المبعوث الأممي، وتابع قائلا: “لو لم يكن ضميري صافيا بأنني منحاز فعلا لأغلبية الليبيين الذين يريدون استقرارا لغادرت موقعي منذ زمن.. لكني لا أتأثر بأي انتقادات طالما أنا متشبث بمصلحة الليبيين وباستقرار بلادهم وسيادتهم”.

وأبدى غسان سلامة اعتقاده بأن المهمة في ليبيا ستطول لأن إعادة بناء الدولة ليست قصيرة لكن الهدف الآني وضع العربة على السكة، وفق تعبيره، مؤكدا أنه لن يستسلم قبل إكمال موعد المهمة.

مستقبل ليبيا

ليبيا

وحول رؤيته لمستقبل ليبيا في ضوء تصريحاته عام 2011 بأن البلاد مقبلة على حرب أهلية، قال سلامة إن سقوط النظام في الدول العربية يؤدي إلى تفكك الدولة لأن النظام منخرط مع الدولة، وتفكيك الدولة يؤدي إلى تشظي المجتمع ويقود إلى حرب أهلية، وهذا ما حصل في عدة دول عربية وليس فقط في ليبيا، مؤكدا أهمية إعادة اللحمة إلى المجتمع لإيجاد دولة تنتج نظاما جديدا، معتبرا أن هذه العملية طويلة وشاقة.

ولدى سؤاله عن اعتقاده أن الاتفاقات السياسية التي تشمل الميليشيات وتتضمن مبدأ المحاصصة غير فعالة على المدى البعيد، ذكر المبعوث الأممي أنه في ليبيا خصوصيات عديدة، منها الجهوية القوية وعصبيات اجتماعية، كما أن وسائل الإعلام دخلت بقوة وهذا له آثار مدمرة، معتبرا أن هذه الأمور يجب أن تؤخذ بالاعتبار لبناء الدولة.

وبشأن رأيه بما يسمى بـ”الربيع العربي”، قال سلامة إنه تجسد في صور مختلفة وفق الشروط المحلية، والفارق الأساسي مثلا بين تونس وليبيا هو أن تغير النظام في تونس لم يؤدِ إلى تفكك الدولة وفي ليبيا أدى إلى تفكيك الدولة.

نهب الثروات

وأعاد المبعوث الأممي غسان سلامة التأكيد أن ثروات ليبيا تتعرض للنهب، وأشار إلى أن الثروات الليبية تُسيل لعاب أطراف داخلية لتقاسمها، وأطراف خارجية لتكون مستفيدة، مبينا أن مشكلة ليبيا أنها دولة ريعية، تنتج القليل باستثناء النفط والغاز، وهناك صراع داخلي على عائدات النفط والغاز، وأيضا فئات تعتقد أنها لا تحصل على حقها من العائدات، مشددا على أن الفساد هائل في كل مفاصل الدولة، مرجعا ذلك إلى ضعف القدرات الرقابية (شبه معدومة)، وقدرة السلطات المتنازعة والخلاف العميق حول مسألة الشرعية، موضحا أن هناك صراعا حول المؤسسات وفي داخل المؤسسات، وكل هذا يُغذّى من الخارج لذلك في ليبيا إمكانيات هائلة للنهب.

مشكلة الشرعية

وفي الحديث عن الشرعية، أكد سلامة أن هذا الموضوع معقد في ليبيا، وقال “ربما تكون معظم المؤسسات القائمة تفتقد للشرعية”، داعيا إلى التعامل بواقعية بهذه الفترة الانتقالية، مبينا أن “الشرعية لن تحسم إلا من خلال صندوق الانتخاب وهذا يتطلب توحد الحكومة وقبول النتائج ومشاركة واسعة لتكون الشرعية حقيقية، وكل هذه الشروط غير متوفرة لذلك يجب إيقاف الحرب وتدفق السلاح ووضع الأسلحة الثقيلة بعيدا عن السكان وتفعيل مفوضية الانتخابات، وضمان قبول النتائج وسن قانون انتخابات؛ عندها تكون الانتخابات ممكنة”.

وأشار المبعوث الأممي إلى أنه يحترم قرار الأمم المتحدة بالاعتراف بحكومة الوفاق، لكنه أكد انفتاحه على قوى سياسية أخرى في ليبيا ربما لا تعترف بالوفاق والاتفاق السياسي والقرار الدولي بشأن الوفاق، موضحا أنه يتعامل الآن مع كل الأطراف للوصول إلى وقف الحرب، ومن أجل مصلحة الليبيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى