اقتصاد

“روسنفت” الروسية تغزو الشرق الأوسط.. وليبيا هدف

يبدو أن مساعي شركة “روسنفت” الروسية في توسيع تجارتها في الشرق الأوسط بدأت تؤتي أُكلها بعد أربعة أشهر أمضتها في الإعلان عن عقد اتفاقية تلوَ الأخرى لشراء النفط من مصر وليبيا وكردستان العراق، والتي ستحصل على أول حمولة منه عبر ميناء جيهان التركي في هذا الأسبوع. كما بدأت بالتنقيب عن النفط في الآبار الاستكشافية في جنوب العراق، دون أن تُبعد ناظريها عن حقل الغاز الساحلي في لبنان، ضمن مساعيها لتوسيع حضورها في السوق الدولية.

تتوافق تطلّعات الشركة التي تسيطر عليها الحكومة الروسية ولم يُعرف عنها سوى تركيزها على الثروات المحلية لاكتساح منطقة الشرق الأوسط مع جهود الكرملين لفرض نفسه كوسيط بين القوى في المنطقة، والتي تمثّلت بالتدخّل العسكري في سوريا ممّا رجّح كفة المعركة لصالح نظام الأسد، ناهيك عن دورها الفاعل في نقل ليبيا من الحرب الأهلية.

لم يسبق لروسنفت، على الرغم من علاقات مديرها الوثيقة بالرئيس فلادمير بوتين، أن نجحت في توسيع تجارتها أو حتى الاقتراب من دائرة نفوذ شركات كبرى مثل بي بي أو شل أو توتال وذلك نظرًا للعقوبات التي فُرضت على روسيا، ممّا دعاها إلى التوجّه نحو شركات بيع السلع مثل ترافيغورا وغلنكور. وباستحواذها مؤخرًا على مصافي تكرير نفط في الهند، إلى جانب تلك التي تملكها في ألمانيا، فإنّ طاقتها الاستيعابية للنفط الخام قد تضاعفت وأصبح لا بدّ من العثور على مزيد من مصادر النفط الخام.

وفي هذا السياق يرى أحد الخبراء أنّ مثل هذه الاتفاقيات ستعود بلا شكّ بالنفع على روسيا سياسيًا، فضلًا عن الجانب التجاري وبهذا لن تبدّد روسيا أموالها على مشاريع سياسية بلا طائل. كما أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” أنّ هذه الاتفاقيات ذات الأبعاد السياسية سبقتها اتفاقية بيع 20 بالمائة من حصتها لشركة غلنكور السويسرية وهيئة الاستثمارات القطرية عبر ترتيبات لا تخلو من التعقيد والغموض، والتي نُظر إليها آنذاك على أنّها مدفوعة برغبة موسكو بالتقارب مع دولة خليجية ثرية معادية لنظام الأسد.

فتحت هذه الاتفاقية الباب أمام روسنفت لشراء ما بين 20 إلى 35 مليون برميل من النفط الليبي من المؤسسة الوطنية للنفط في مطلع العام الحالي، وحصةً أقلّ من كردستان على مدى ثلاثة أعوام، استنادًا لمصادر مطلّعة.

كما اشترت أول حمولة من النفط المصري في مارس الماضي، بعد أربعة أشهر من شرائها 30 بالمائة من حقل غاز “ظهر” الساحلي من مصر لقاء ما يزيد عن المليار دولار أمريكي.

وبهذا ستتمكّن روسنفت من تزويد مصافي التكرير التابعة لها في ألمانيا بما تحتاج من النفط الخام، وتلبية القدرة التشغيلية لمصافي النفط التي استحوذت عليها في الهند من النفط القادم من الشرق الأوسط، في خطوة نحو توسيع الأذرع التجارية للشركة، حيث أشار ناطق باسم الشركة أنّ روسنفت ستسعى نحو الحصول على مزيد من النفط من الشرق الأوسط في حال أثبتت هذه الاتفاقيات جدواها اقتصاديًا.

وطبقًا للفاينانشال تايمز، فإن مثل هذا الغزو لشركة روسنفت لأسواق الشرق الأوسط في ظلّ تنامي النفوذ الروسي الجيوسياسي في المنطقة يندرج ضمن مساعي روسيا لتعزيز وجودها على الأرض على نحو فاعل وبالأخص في ليبيا التي تسعى إلى استقطاب استثمارات تصل إلى 20 مليار دولار أمريكي في قطاع النفط. وفي هذا الصدد رأى الناطق باسم الشركة أنّه من المبكّر الحديث عن استثمارات في البنية التحتية في ليبيا، مؤكّدًا أنّ الشركة تسعى إلى زيادة قيمتها السوقية عبر البحث عن فرص في أسواق جديدة ومن بينها ليبيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى