اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

ذكريات طرابلس (3)

فكتوريا جيرود (24 نوفمبر 2010)

ترجمة: عمر أبو القاسم الككلي

بعد ما بدا بطول أيام، رغم أنه كان حوالي ثلاثين ساعة، وصلنا بيتنا الجديد. كانت التاسعة مساء، بتوقيت طرابلس، ولكن بعد قضائنا وقتا طويلا واجتيازنا عدة مناطق زمنية، لم يكن بإمكاننا معرفة ذلك. لا ثلج على الأرض هنا: الطقس كان ساخنا وربما ليس أبرد من 55 درجة. بعد نوم ليلة مريح أمكننا استعادة توازننا وقدرتنا على السير وحسن السماع (لأن ضجيج واهتزاز الطائرات المعتمدة على المراوح تصيب الجسد بالاضطراب، بما في ذلك حاستي البصر والسمع، لمدة ساعات).

استقبلَنا ضابط من وحدة والدي الجديدة في قاعدة ويلس الجوية وأخذَنا عبر ثمانية أميال داخل المدينة إلى مكان إقامتنا المؤقت، فندق المهاري *Albergo Del Mahari، وهو الفندق الذي بدأنا به طريقنا في بلد عربي.

من مقدمة سطح الفندق الجصي الأبيض تظهر قبة تستقر على نافذتين بارزتين خماسيتي الشكل. تحت القبة مباشرة كان ثمة فجوة مرتفعة محلاة بنوافذ بيضوية ذات ألواح زجاجية متعددة، على كل ضلع من أضلاعها الخمسة. وتحت هذه الفجوة توجد فجوة أخرى أوسع و أكثر تمددا ذات نوافذ زجاجية مستطيلة معتمة في كل قسم منها. تصميمها غير المعتاد، الذي سرعان ما سآلفه، ذكرني بكعكة الزواج ذات الطوابق.

منهكين ومشعثين، اُقتدنا تحت رواق مُعَمَّد وأبواب الفندق ذات الضلفتين الزجاجيتين إلى ردهة واسعة ذات بلاط مرمري. كل جانب من جوانب الردهة الخمسة يطل على ساحة خاصة، ومركز كل ساحة يحتوي إما على نافورة أو حوض مستطيل صغير. عرائش العنب تغطي جدران الساحة، الأشجار الصغيرة، العديد منها أشجار بونسينة، تنتشر في الفضاء محيطة ببعض المقاعد.

جناحنا صغير يتم الوصول إليه عبر ساحة ذات نافورة، ويطل على حديقة بالساحة. بدت كما لو أنها مشهد ساحر من “ألف ليلة وليلة”** بتزيينات بلاطها وعبق المسك غير المعتاد الذي يملأ الهواء.

استثارتي تحولت إلى خشية حين فحصت غرفة النوم التي سنتشارك فيها أنا وأختي الصغيرة: سريران فرديان ضيقان مغطيان بملاءتين مخططتين بالأحمر الغامق. الغرابة التي تحيطني أربكتني. شعرت أنني غير متوازنة وخائفة – ذهب مكان تجربة العيش الرضي. كانت رائحة المكان غريبة. لم أستطع الانتظار إلى أن يكون لنا مكاننا الخاص ونكون محاطين بأثاثنا.

غرفة الحمام الخاصة بنا غيرت مزاجي. كان الحوض المستطيل العميق غير معتاد، وحتى مضحك، بالنسبة إلى العين الأمريكية. كان مصمما على هيئة مقعد، حين يجلس فيه المستحم سيكون الماء كافيا لأن يصل إلى الإبطين. غير ممكن التمدد فيه. المبولة مثبتة على الجدار ولا وجود لمرحاض اعتيادي. واضح أن راحة الرجل كانت أكثر أهمية في هذا المكان الشرق أوسطي. ضاحكتين من هذا التنافر، وجدت كلتانا أنه من غير الممكن لنا التكيف مع الوضع، فلقد كانت المبولة مرتفعة بحيث يتعذر علينا الجلوس فوقها على النحو الضروري. كان علينا الحصول على مرحاض عادي.

* هكذا في الأصل، بالإيطالية.

** في الأصل “الليالي العربية” وهو الإسم المشهورة به في الغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى