كتَـــــاب الموقع

داعش وغرفة الإنعاش في ليبيا

سالم العوكلي

شريط وثائقي خطير بث من دقائق في قناة (الحرة ـ عراق) إعداد غالية بديوي وتحت عنوان (داعش: الهروب وإعادة التنظيم) وأذكره هنا لأنه خطير على ليبيا خصوصا .

المعروف أن قوات (قسد التركية) بمساعدة أمريكيا قبضت على عشرات الآلاف من أعضاء تنظيم داعش وعائلاتهم. نقلت الرجال إلى سجونها غير المعدة جيدا، والنساء والأطفال إلى مخيمات (عين عيسى) و (الهول) . مخيم الهول وحده يقطنه حوالي 70 ألفا من هذه العائلات.

بدأت إجراءات تهريب قياديين من سجون داعش ومن عائلاتهم من المخيمات مع عملية نبع السلام التي قامت بها تركيا بمساعدة حلفائها من الفصائل السورية المتشددة التي تسميها (الجيش الوطني). يقول أحد قياديي قوات سوريا الديمقراطية (قسد): في عملية نبع السلام قامت القوات التي تسميها تركيا الجيش الوطني بمحاصرة مخيم عين عيسى من ثلاث جهات، وقامت طائرات هليكوبتر تركية بعملية إنزال هرّبت عبرها العشرات من عائلات داعش، بينما أدت عملية الجيش التركي الثانية في الشمال غرب السوري إلى تهريب أكثر من 200 قيادي من السجون ونقلهم إلى تركيا.

المحصلة، حسبما تقول الجهات المسؤولة عن هذه المخيمات، تهريب 650 عائلة من مخيم الهول وأكثر من 800 عائلة من مخيم عين عيسى. ويتحدث أحد المهربين دون أن يظهر وجهه (أبو محمد) على أنه يتقاضى 5000 دولار مقابل تهريب كل عائلة و 1400 دولار مقابل تهريب كل فرد ويصطحبهم إلى الحدود التركية ليستلمهم مهربون آخرون. أما مازن أحد من تم تهريبهم من أعضاء داعش في عملية نبع السلام فإنه يظهر في الشريط وهو يرتدي بنطلون جينز وقبعة صفراء معطيا بظهره للكاميرا متحدثا عن الأعمال اللوجستية التي يقوم بها داخل تركيا لاستقبال المهربين من الدواعش وعائلاتهم ووضعهم في مراكز داخل تركيا، وتقول معدة البرنامج إن مازن ازدهرت أعماله وأصبح من الأغنياء بفعل الأموال التي تتقاطر عليه.

يذكر أن سجينات المخيمات من نساء داعش قد قمن بحملة لجمع التبرعات عبر الإنترنت تحت عنوان (العدالة للأخوات) بينما بث بصوت البغدادي قبل مقتله نداء لجمع التبرعات من المتعاطفين مع داعش تحت عنوان (كسر الجدران).

يقول المهرب أبو محمد إنه كان يقوم بتهريب زبائنه عن طريق خزانات كبيرة مزودة بإضاءة ومراوح، أو عبر شاحنات تنقل الأغنام إلى تركيا، بينما يؤكد مازن أن المهربين الأتراك الذين استلموهم على الحدود لا يتعرضون للتفتيش ويتم نقلهم بسلاسة داخل تركيا.

نحن ندرك أن في فترة كان المالكي رئيسا لوزراء العراق، وبعد أن قُضي تقريبا على تنظيم القاعدة في العراق بتعاون العشائر والقبائل مع القوات الأمريكية، تم فجأة هروب (أو بالأحرى تهريب) 200 عنصر من قياديي التنظيم التابعين للزرقاوي من سجون العراق التي عادة لا تهرب منها الذبابة، وهؤلاء هم من أسسوا تنظيم داعش بعد أن تلقوا دعما لوجستيا ضخما وأموالا جندوا بها عشرات الآلاف ليسيطروا على أراض واسعة من العراق وسوريا وينتقل بعضهم لتأسيس ولايات لداعش في ليبيا.

كما أظهرت صور جوية بثتها روسيا أساطيل نقل النفط العراقي والسوري من شاحنات تتنقل بين تركيا ومناطق نفوذ داعش، حيث كانت تركيا تشتري النفط بنصف سعره الرسمي وتوفر للتنظيم الملايين يوميا من الدعم غير المباشر.

كل هذا يدق جرس الإنذار بشدة في ليبيا التي يبدو أنها أصبحت ملاذ ترميم دولة داعش الوحيد بعد أن خسر معاركه وإمكانية إعادة بنائه في سوريا والعراق .

تؤكد التقارير الأممية والدولية، وتظهر بعض مقاطع الفيديو، وصول بضعة آلاف من هؤلاء المهربين إلى تركيا إلى مطارات معيتيقة ومصراتة وموانئهما وفق الاتفاقية التي وقعتها حكومة الوفاق مع أنقرة ترسل بموجبها تركيا أسلحة ومقاتلين لحماية طرابلس من الجيش الليبي. ويقوم بهذا العمل اللوجستي بعض عناصر من المتشددين الليبيين الموجودين في تركيا وعلى رأسهم المهدي الحاراتي، رئيس مجلس طرابلس البلدي السابق، العائد من مانشيستر بعد ثورة فبراير، وتربطه مع بعض أعضاء المجلس الرئاسي علاقات وثيقة.

الأمر خطير جدا وقد يعرض ليبيا إلى حروب مع داعش طويلة مثل تلك الحروب التي خيضت في تكريت والموصل والرقة، وغيرها من مدن العراق وسوريا، التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش. وبالطبع سينشأ تحالف دولي في ليبيا للقضاء عليهم، وسيقضى عليهم لكن بعد أن يتسببوا في قتل الآلاف من المدنيين وتدمير المدن المحتمين بها.

ما تقوم به حكومة طرابلس شبيه بما قامت به حكومة المالكي في العراق حين استخدمت إرهابيين لخلط الأوراق بعد أن تعرضت لضغوط محلية ودولية من أجل التغيير. وقامت بكل ذلك لتحافظ على وجودها في المشهد ولتعطي ذريعة للتدخل الإيراني لحمايتها مثلما الذريعة التي أعطيت لتركيا للتدخل لحماية حكومة السراج وليس حماية طرابلس.

من داخل مخيم (الهول) الذي أصبح يسمى “أكاديمية أشبال الخلافة” يظهر الشريط طفلا عمره 7 سنوات وسط حشد من الأطفال وهو يقول (والله لنذبحكم) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى