خاص 218كتَـــــاب الموقع

خـســوف قـمـرت

د. محمد محمد المـفــتي

لا نعرف ما إذا كان ملتقى تونس قد نجح أم فشل، فالسيدة “ستيفاني” قالت إن الملتقى سيتواصل عبر “الإنترنت” بعد أسبوع لمناقشة “آليات”.

أمر محيّر ومخجل؟ لكن يبدو أن هذه “النخب” عاجزة عن التوصل إلى حل وسط يرفع معاناة الناس ويحفظ كرامتهم؛ فالليبيون متعايشين فعلا في سلام والصراعات حقيقة بين أقل من 2% منهم، إدارات الدولة، دون تخصيص، سرقت من الليبيين قوتهم بهذا التضخم النقدي المتواصل، وسرقت من أطفالهم حقهم في الدراسة لسنوات بالأمية القسرية. والجميع يتحدث عن الفساد المستشري، ونقص السيولة مهين، المشاريع متوقفة، الخدمات متراجعة، والأزمة الإسكانية متواصلة. ألم تحرك هذه الضوائق ضمائر من شاركوا بالملتقى؟

بعد ختام ملتقى تونس، سنكون قد استهلكنا صبر الدول الجارة والأمم المتحدة؛ لأن من يحاورن يقولون ما لا يعنون. قـد يمثلون دور الاتزان والتعقل كما في مؤتمرات العالم المتحضر؛ لكن الشكوك والكراهية وعدم الثقة ما تزال مسيطرة، والدول الراعية وممثلة الأمم المتحدة تدرك ذلك جيدًا، لكن لكلٍ مصلحته.

إذا نظرنا بجدية وصدق؛ أخشى أن خياراتنا قد ضاقت، ربما خياران لا ثالث لهما، إمّا استئناف الصراعات المسلحة، دون المساس بإنتاج النفط، وهذا احتمال قـاتــم لكنه قائم وقد ترضى به الدول المعنية بحجة نفاذ صبرها من مناورات الساسة الليبيين المكشوفة.

لنسأل: أين تقع الصراعات في الحقيقة خاصة أن كثيرًا من إدارات الدولة تعمل بشيء من التنسيق الموحـد كالصحة والتعليم والمالية والكهرباء.

فلماذا لا نستفيد من روح التعايش السائدة فعلاً؟

ثمة تصور ناديت به مرارًا، خلال السنوات الثمانية الماضية. جدواه ومبرراته تنبع من فشل كل المحاولات الرسمية طيلة السنوات الماضية.

· لنترك المسلحين، كل في مكانه حيث هو، حتى نطمس الصراعات السلطوية.

· وتكوّن لجنة رقابة دولية من الدول الجارة العربية والأوروبية مع مراقبين من الولايات المتحدة

· ولجنة ثانوية لجباية الريع النفطي وتقسيمه على المحافظات وفق التعداد السكاني وطبيعة الموارد المحلية.

· دعونا من المناكفات القانونية، ولنعيد للحياة نظام المحافظات مع زيادة عددها حسب التعداد السكاني، ويتم اختيار محافظ بالانتخاب العام، كل في محافظته، ويكون المحافظ بمثابة وزير ومنسق مع اللجنة الدولية.

· وترفع المجالس البلدية المنتخبة إلى مجالس محافظات.

· وتبقى التشكيلات المسلحة حيث هي ، فقط تنتظم في معسكراتها، وتمنح امتيازات سكنية في قروض أو مساكن مما ينجز من مشاريع متوقفة، ويكون استلام المرتبات وكافة الميزات المالية والمشاريع مرهوًنا باستتباب الأمن المحلي.

· تشكيل لجنة دولية ثانوية مشرفة، ومجلس وكلاء ليبيين لتسيير الإدارات ذات المهام العامة مثل مصرف ليبيا المركزي، ومؤسسة النفط وهيئة الكهرباء والصحة والتعليم والجوازات الخ.

قـد تبـدو هذه السطور خارطة طريق … يائسة.

غير أن ما عايشنا من مبادرات وحوارات جميعها لا يبعث على الفخر ولا الأمل.

لكن الصراعات الحالية لا يمكن ولا يجب أن تستمر،

وعـدم مواجـهـتـنـا لها بتعقّل لن يقود إلا إلى مزيد من الفوضى.

زر الذهاب إلى الأعلى