كتَـــــاب الموقع

خط سرت الجفرة .. “تضربني نضربك” !!

عبدالوهاب قرينقو

قبل المكالمة الهاتفية –الاثنين- بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كنتُ على وشك إعداد تقرير للتلفزيون مؤداه ألا حرب وشيكة على خط سرت الجفرة الذي رسمته القيادة العامة للجيش الوطني قبل أن يعلنه السيسي وثمة ما يشي أن قوى دولية دفعت باتجاهه قبل السيسي وقبل حتى الجيش، بيد أن ما صورته وسائل إعلام –محسوبة على معسكر الوفاق- عن الانسحابات الكبيرة للجيش من غرب البلاد بأنها انتصارات وفتوحات، ما هو إلا محض تمنيات بدليل أن قوات الوفاق حين حاولت الالتفاف على الجيش في ضاحية “جارف” الرعوية الزراعية، على تخوم سرت المدينة، منيت بهزيمة نكراء.

كل وسائط الإعلام على مدار شهري يونيو ويوليو تنقل مشاهد يومية لتحشيدات عسكرية غير مسبوقة من قوات الوفاق المدعومة تركياً بالتقنية والمرتزقة إلى جانب مقاتلي الجماعات المسلحة الليبية التابعة للوفاق باتجاه سرت والتحشيد المقابل للقوات المسلحة الليبية من شرق البلاد باتجاه سرت والجفرة.

ما أعرفه من شواهد التاريخ الحربي أن التحشيدات الكبرى في حالات مماثلة لا يعني بالضرورة أن الحرب وشيكة ويعني في نفس الوقت أن شرارة خاطئة قد تشعل النار الكبرى .. وفي حالة الراهن الليبي أستحضر عبارة شعبية ليبية قيلت بين صديقين حميمين أخطأ أحدهم في الآخر والأخير لا يريد أن يتسرع فيخسر صديقه وبينهما مصالح كثيرة فصرخ في وجهه ذات سهرة: تضربني نضربك!!

تركيا ومصر الحليفان الأبرزان -للولايات المتحدة حاكمة العالم -من مجموعة دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا –في هذه السهرة الدامية – سيحسبون ألف حساب قبل أن يبادر أحدهما بإشعال فتيل الحرب في الميدان الليبي.. ليس بسبب حجم المنفعة المادية المتبادلة بينهما حيث يصل التبادل التجاري إلى حوالي 5 مليارات دولار سنوياً –وحسب- بل لاعتبارات جيوسياسية أخرى لا يعلمها إلا هما وشرطي العالم الأميركي.

تواصل ترامب مع أردوغان منذ أيام واليوم مكالمة مع السيسي نحو تعطيل خط سرت الجفرة بعد تبريده لشهر كامل وما نراه من تحشيد يبدو للوهلة الأولى أنه كارثي هو على الأرجح أشبه بالاستعراض للقوى وتوازن الرعب، نحو الدفع بالأطراف الليبية أن تعود للمسار السياسي.. أو هذا ما يتمناه المتفائلون في ليبيا ولست منهم.. فالتمنيات غير رصد الواقع، أما الكرة التي في مرمى الليبيين هي أن يتوقف كل طرف صراع ليبي سياسي ومسلح عن اعتقاده بأن الحل الحاسم يكون في محق وسحق الطرف الآخر.

ختاماً وليس آخراً، إن كان العالم -“لا نحن”- يريد السلام في هذه البلاد الشاسعة من أجل مصالحه فعلينا والأحرى بنا أن نرنو إلى السلام في سبيل وجودنا مجتمعين وأخوة شركاء في دولة واحدة موحدة مهما بدا ذلك صعباً ولكنه ليس بالمستحيل على الإطلاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى