تكنولوجيا

حرب البيانات الشخصية.. أحدث أنواع الحروب

يمكن أن تتسبب العنواين الرئيسة للحروب التجارية التي يفجرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إطلاق الكثير من القنابل والطلقات النارية، ولكن الحرب الأكثر أهمية التي تُشن اليوم هي نوع أكثر هدوءًا من أي صراع دائر، إنها الحرب الباردة الجديدة حول حماية البيانات.

وعلى الرغم من أن أزمة فيسبوك وكامبريدج أناليتيكا تحترق في الوقت الحالي كأحدث وأخطر اشتعال في هذا الصراع، فقد تزداد حدة التوترات في 25 مايو 2018 ، عندما تدخل لائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ.

ونشأت الحرب الباردة مع ديمقراطيات رأسمالية غربية بقيادة الولايات المتحدة، ضد الدكتاتوريات الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفييتي، في مسابقة للسيطرة على العالم، وتنافست نظريتان عالميتان ضد بعضهما البعض على المسرح العالمي.

لكن الفوز في المسابقة ليس في ساحة المعركة، وليس من قبل الجيوش، ولكن من خلال القدرة الإنتاجية الهائلة للغرب، حيث انتصرت الرأسمالية من خلال توفير أجهزة التلفاز والسيارات والحريات السياسية لطبقة وسطية آخذة في الاتساع، في حين فشلت الشيوعية في عدم قدرتها على تقديم مثل هذه الجوائز.

ويتنافس المشاركون في الحرب الباردة الجديدة حول عملة العصر الحديث: المعلومات الشخصية، حيث تدور المعارك على من سيتمكن من التحكم في البيانات.

ويقف الاتحاد الأوروبي بقوة لصالح حماية البيانات الشخصية للأفراد، وتعبّر اللائحة العامة لحماية البيانات عن وجهة نظره، وتتكفل بتنسيق كافة قواعد حماية البيانات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وتطالب اللائحة باحترام كافة الشركات لحقوق بيانات مواطني الاتحاد الأوروبي، وفي حال عدم التزامها بذلك ستواجه عقوبات صارمة.

كما يجب على الأوروبيين تقديم موافقة إيجابية بشأن الطرق التي يتم بها استخدام بياناتهم، ولهم الحق في الوصول إلى هذه البيانات ومحوها، بالإضافة إلى “حق النسيان”.

وفي الزاوية المقابلة تقع الولايات المتحدة والشركات الأمريكية العملاقة التي تتاجر بالبيانات الشخصية بهدف الربح، والتي توسعت ممارساتها إلى حد كبير دون رادع.

وقبل أسابيع من دخول اللائحة العامة لحماية البيانات حيز التنفيذ، تتزايد الدلائل على أن نهج الاتحاد الأوروبي لحماية البيانات سيهيمن.

وتعد السرعة التي تعترف بها الدول في جميع أنحاء العالم بسيادة شروط حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، أحد المعايير الداعمة لهذه الهيمنة.

ويستمر عدد البلدان التي تحصلت على اعتراف رسمي من الاتحاد الأوروبي “بكفاية” معاييرها في التزايد، كما ستنضم كوريا الجنوبية واليابان إلى هذه القائمة قريبا.

ومن جانبها، قالت فيرا جورافا، المفوضة الأوروبية للعدالة ، للـ POLITICO العام الماضي: “الخصوصية هي أولوية قصوى بالنسبة لنا”.”ولذا يجب أن تكون كذلك لأولئك الذين يرغبون في التجارة مع هذه الكتلة الاقتصادية القوية.”

وظهرت علامات تحرك الولايات المتحدة نحو تبني معايير أعلى لحماية البيانات، حيث قدمت برنامجًا يسمى Privacy Shield ، الذي يمنح الشركات الأمريكية القدرة على مطابقة ممارساتها لحماية البيانات الخاصة بها مع معايير الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن هذا البرنامج مايزال موضع شك من قِبل متخصصي حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من القوة المتنامية لموقف الاتحاد الأوروبي، إلا أن العديد من الجهات مازالت تدعم موقف أولئك الذين يتداولون البيانات الشخصية بحرية.

ويذكر بان القوة الاقتصادية لعمالقة البيانات الأمريكية – فيسبوك وغوغل وأمازون – تستند على الأفراد الذين يتبادلون بياناتهم بحرية للحصول على خدمات “مجانية”.

ووفق ما أشارت له صحيفة نيويورك تايمز ، فإن “أي محاولة للحد من استخدام بيانات المستهلك ستضع نموذج الأعمال في الإنترنت المدعوم بالإعلانات في خطر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى