أخبار ليبيا

حان الوقت لميركل أن تقول الحقيقة حول ما هو المقبل في ليبيا

نشرت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية مقالا للكاتب اندرياس كلوث، تحت عنوان “حان الوقت لميركل أن تقول الحقيقة حول ما هو المقبل في ليبيا”، قال فيه إن ألمانيا تريد تحفظ على حيادتيها أيضا ليبقيها بعيدا بكفاية من كثير من النزاعات والذي فيما بعد يؤهلها للعب دور الوسيط الصادق، كما وأنها سويسرا كبيرة.

وتاليا ترجمة للمقال:

اندرياس كلوث

تستطيع المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، التمتع والتفاخر بسلسلة من الأخبار المُسرة في خطواتها على خشبه المسرح في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يوم الخميس. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، استضافت مؤتمرا في برلين لتحقيق وقف إطلاق النار في الحرب الأهلية الليبية. وانتهى الأمر ببصيص من التفاؤل، وترك سمعتها المُستحقة بجدارة كأفضل وسيط للأزمة في العالم.

ولكن ميركل تعرف أيضا انها على وشك ان تواجه خيارا محرجا ومرتبكاً بعض الشئ. فإذا ما نجحت جهودها في ليبيا، سيتعين عليها إرسال جنود ألمان كجزء من وحدة أوروبية لمراقبه الهدنة والحظر المفروضين على الأسلحة التي زوّدت بها الأطراف المتحاربة من قبل قوى خارجية كروسيا وتركيا. إن عدم إرسال قوات بعد امتلاكها للمبادرة الدبلوماسية من شأنه أن يسلب ألمانيا واتفاق وقف إطلاق النار أي مصداقية. كذلك إرسالهم سيؤدي إلى عاصفه سياسية في ألمانيا، حيث أن الرأي العام ضد المشاركة الألمانية في المشاريع العسكرية.

ميركل تكره هذه المعضلة، والآن يتعامل معها بطريقتها الخاصة: عن طريق انعكاسها. ففي المقابلات الصحفية، قالت انها كانت ترتل في ذهنها مدى السابق لأوانه والغير لائق التفكير في الخطوة الثانية أو الثالثة (أي نشر قوات) قبل التعامل مع الاولى (وقف إطلاق النار). وباعتبارها صيدلية، ودارسة لعلم الكيمياء، فهي ولابد أن تكون في جعبتها خطوات قادمة لا محالة، وهذا في حد ذاته أمر مؤرق. ما تقوله فعلا أنها ليست مستعدة للحديث عن هذا بعد.

هي تعرف ان “الضبط الاستراتيجي لألمانيا”، كما اعتاد وزير الخارجية السابق، غيدو فيسترفيله، ان يطلق عليه، وجود اثنين من الجوانب أو الخصائص المتناقضة بشكل حاد في آن واحد. فانه يدفع حلفاء البلاد الأوروبية والأطلسية، ناتو، للهلاك؛ انهم لا يريدون فقط ألمانيا لأنفاق المزيد على جيشها، وهو قوة قتالية متوسطة المستوى، في أحسن الأحوال، ولكن أيضا للمساعدة في كثير من الأحيان في البعثات الشرعية والخطيرة في الخارج. غير ان ألمانيا تريد تحفظ على حيادتيها أيضا ليبقيها بعيدا بكفاية من كثير من النزاعات والذي فيما بعد يؤهلها للعب دور الوسيط الصادق، كما وأنها سويسرا كبيرة.

إن الصراع الليبي حالة خاصة. ففي 2011، كانت ألمانيا عضوا بالتناوب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولكن عندما صوت المجلس على التدخل في ليبيا، أمتنعت ألمانيا، إلى جانب روسيا والصين، عن التصويت، تاركة حلفاءها التقليديين، الولايات الأمريكية وبريطانيا وفرنسا لوحدهم. وعندما قاد حلف شمال الأطلسي حملته الجوية في ليبيا والتي شملت 19 بلدا، بقيت ألمانيا في الخارج.

وبعد قراءة مستقبلية النظر، قد يبدو هذا الرفض حصيفًا. وكما هو الشأن في العراق في 2003، تبين ان الحلفاء الغربيين لم يخططوا لما قد يحدث بعد هجومهم وموت العقيد القذافي. ولكن ألمانيا مره أخرى تبدو وكأنها الكونفدرالية الغير موثوق بها. وعلاوة على ذلك، فقد بان انه مطلوب منها ان تحمل العواقب هي الاخرى. وعندما تحولت ليبيا إلى دوله فاشلة، أصبحت مركزا للمرور العابر للمهاجرين الفارين إلى أوروبا. وبما ان أزمه اللاجئين في عام 2015، كانت مشكله بالنسبة لميركل بشكل خاص.

وتعرف ميركل أيضا ان ألمانيا تتحمل الكثير من اللوم على السياسة الخارجية الفاشلة للاتحاد الأوروبي عموماً لرفضها قبول القوة القاسية بالإضافة إلى النوع اللين كأداة مشروعة في الحزمة الدبلوماسية، وهذا يجعل ألمانيا والاتحاد الأوروبي عاجزين عن القيام بذلك والتخلي عنه للممارسين الساخرين في السياسية الواقعية مثل روسيا وتركيا، اللتين نحتتا، كلاهما، الكثير في سوريا وتودا ان تحذوا الطريقة نفسها في ليبيا.

لقد أُنعم على ميركل بهدية غير عادية. انها تفتقر إلى الغرور الذي يعْرفُ معظم قادة العالم اليوم، بما يكنونه من الحالة الذكورية المهيمنة كأولئك الذين استضافتهم في مؤتمر هذا الأسبوع حول ليبيا. وباستخدام لغتها الجسدية ورباطة جأشها، تمكنت من نزع فتيل التوترات بشكل أفضل من أي زعيم آخر في العالم اليوم.

ولكن إذا أرادت ميركل ان تترك إرثا دائما، فعليها ان تستخدم الوقت المتبقي لها في منصبها-وهو الأقل من عامين-لكي ترقى إلى مستوي المسؤولية الدولية لألمانيا في النهاية. ويشمل ذلك تذكير الألمان، كما قال فريدريك العظيم ذات مرة، ان الدبلوماسية بدون القوة العسكرية هي مثل الموسيقى بدون أدوات. وفي أمة، ألمانيا، ما زالت مصدومة من الحرب التي بدأتها في يوم ما، فان ذلك سيأخذ شجاعة. ولكن هذه هي القيادة في كل مضامينها. وقد تصبح ليبيا، بعد كل هذا، الاختبار النهائي لميركل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى