أخبار ليبيااهم الاخبار

جونز تشهد (3): سياسة أميركا في ليبيا.. “إضرب وأهرب”

218TV.net خاص

حسمت السفيرة الأميركية السابقة لدى ليبيا ديبورا جونز أمرها في الحلقة الثانية من الحلقات التي ينشرها موقع قناة (218) من شهادتها أمام لجة العلاقات الخارجية أمام مجلس الشيوخ الأميركي، والتي ترجمتها قناة (218) خصيصا للمشاهد الليبي، إذ تقول ديبورا جونز إن الصراع السياسي في ليبيا اتضح لها مرارا أنه مرتبط بالرغبة على حيازة البنى التحتية في ليبيا، فيما تستمر في الحلقة الثالثة في الحديث عن التعقيدات الليبية الهائلة، وسط أسئلة دقيقة وحساسة من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية.

(بروكر): وصفت أجواء تزدهر فيها داعش في مناطق لا يوجد فيها حكومة ولا مجتمع مدني مستغلةً الفراغ..أودّ أن أضع هذا في سياق ما تبدو عليه سياسة الإدارة الحالية من تقليل موارد وزارة الخارجية المخصصة لبناءالمجتمع المدني، فالميزانية الموضوعة صادمة بالنسبة لي في ضوء ما أشرت إليه كوصفة من شأنها تحقيق الاستقرار في ليبيا؟ هلّا علّقت على هذا؟
(فريد): أتفق معك.. فداعش عندمت تقيم مخيمًا في ليبيا، تذهب إلى مناطق مهمّشة…سقطت من خارطة ليبيا بعد الثورة، فعندما ننظر إلى مدينة مثل سرت، مسقط رأس القذافي، فقد تعرّضت للاعتداء والتجاهل بعد الثورة، لذا فهي تفتقر إلى الخدمات وإلى تمثيل حكومي..والقبائل هناك رحبّت بداعش بببساطة من أجل الحماية ولما قدّمته لهم..لذا فهو مبرّر لهم. ..الأمر ذاته ينطبق على الجزء الغربي، فالمهرّبون يعقدون نوعًا من الصفقات مع داعش لأنه لا وجود للاقتصاد المحلي …وفي الجنوب لا توجد حكومة أبدًا..وهناك ازدهرت القاعدة في المغرب..وكذلك بنغازي.. لذا ومرة أخرى، كيف لك أنّ تحرمهم من ملاذهم الآمن؟ كيف لك أن تعزز من ممانعة المجتمع المدني الليبي أمام اختراق الجهاديين؟ هنا يأتي دور المجتمع المدني والحكومات البلدية..لذا فهو أمرٌ في غاية الأهمية.
(فريد): عملت مع شركاء ليبيين محليين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في جنوب ليبيا في بلدة نائية اسمها أوباري وقد أرهقها اقتتال القبائل فيها،..لا شيء هناك.. ومع ذلك تحدّث الشباب اليافعون هناك عن مساعدات قدّمتها الولايات المتحدة حيث أنشأوا لهم مركزًا وقدّموا لهم أجهزة حاسوب فتمكنوا من التواصل مع العالم وتعلّموا مهارات الحاسوب..للأسف تدمّر المركز نتيجة القتال هناك.. لكن يمكن النظر إلى هذا على أنّه مؤشر مرئي على التزام الولايات المتحدة.
(بروكر): هل تعتقدون أنّ على الإدارة استغلال الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين الصادر عام ألفين وأحد عشر كذريعة ومبرّر للتدخّل العسكري؟
(ديبورا): أعذرني، فلم أعد أعمل مع الحكومة ..ولكن حسب ما أسمع من معارفي ومن مسؤولين أنّ هناك إشارات تدلّ على أنّهم سيتبعون استراتيجية “اضرب واهرب” في ليبيا بدلًا من وضع خطة لحلّ دائم.
(ديبورا): ما أسمعه ..يُشير إلى ما أسميه “نفاد صبر تكتيكي” ، فالناس يرغبون بالتصرّف إزاء ما يرونه هناك ولكن دون أن يأخذوا بعين الاعتبار السياق الليبي الكلي..وهو أن الليبيا تختلف تمامًا عن سوريا والعراق..فداعش لا يضمّ الكثير من الليبيين بل معظمهم انتهازيون- كما قال د.وايري- كما أنّهم لا يريدون مشاركة ثروتهم ولن يسمحوا بذلك… ولذلك سيبادرون بإخراج داعش من بلدهم.
(بروكر): أدرك أنّ هذا الأمر معضلة على عدة مستويات…لكنّ الاتجار بالبشر من الأمور التي تُثير القلق في هذه البلاد، فقد أصدرت المنظمة الدولية للهجرة تقريرًا الشهر الماضي يشير إلى احتجاز المهاجرين كرهائن، ووجود سوق نخاسة في ليبيا، واتجار بالبشر من النيجر وتورّط المليشيات بالتهريب والصراع الدائر حول ذلك..هل لديكما ما تخبرانا به حول كيف يمكننا معالجة هذه الأزمة الإنسانية الكبرى ..يمكن تخيّل كيف أن الصراع يفاقم من الأمر.. لكن باعتبار ذلك من أهداف الولايات المتحدة المهمة، هل هناك ما يمكننا القيام به؟
(ديبورا): أكرر، هذه إحدى المجالات التي تُحلّ حين يكون هناك حوار سياسي وحكومة تسيطر على جميع أنحاء البلاد وتوزيع الثروة على الجميع وبهذا تقدّم حزمة من البدائل لأنشطة مثل التهريب والتي طالما اعتمد عليها العديد من الليبيين من أجل كسب رزقهم ولا يقتصر هذا على الجنوب بل ويشمل من بالقرب من الحدود….حيث يتاجرون بالأفارقة القادمين من الصحراء الأفريقية وغيرهم…وهذا أحد الأمور التي لا يمكن معالجتها إلا عن طريق المجتمع المدني والحوكمة.
(فريد): أود أن أضيف أن هذا ما هو إلا عرض ظاهري لانهيار الاقتصاد الليبي ودائرة تعقيد تجارة التهريب المربحة تساعد الناس في الجنوب على كسب رزقهم.. وكذلك هو الأمر في الشمال… لذا لا بد من تعزيز برامج لتوفير مصادر رزق بديلة..أعني أنه لا معالجة الأزمة الاقتصادية الليبية ..لكن، لا بد أن نكون حذرين فيما يخص اختيار الشركاء، ففكرة تدريب خفر السواحل الليبي مثلًا، فعن من نتحدث هنا؟ فالعديد من خفر السواحل يعملون لحساب المليشيات … وهم في الحقيقة متورطون في أعمال التهريب..كما أن إعادة المهاجرين إلى أماكن الاحتجاز المريعة والتي رأيت بأم عيني العديد منها أمر غير إنساني ولا أخلاقي.
(يوانغ): هل يوافق كلاكما على أنّ هزيمة داعش فيي ليبيا أو أي مكان آخر تتطلب تأسيس حكومة شاملة وفاعلة وليس الاعتماد على شنّ الغارات الجوية فقط؟
(فريد): أوافق على ذلك مائة بالمائة! كما أوضحت في شهادتي، فمن التحق بداعش هم الخاسرون على الصعيد السياسي، والأشخاص الذين مُنعوا من الانخراط في العملية السياسية..لذا أي حكومة تستثني الناس وفقًا لأيديولوجيتهم أو معتقداتهم فإنّها تدفع إلى المزيد من التشدّد الذي من شأنه تعزيز قطب الإرهاب.
(يوانغ): سيترتب على هذا وضع استثمارات في برامج المساعدات الأميركية ووزارة الخارجية لبناء المجتمع المدني الذي يمكنه أن يُسهّل من مواجهة التحديات في المنطقة وكذلك الحكومات البلدية التي تحدثّت أنّها قد تحقق الاستقرار، هل هذا صحيح؟
(فريد): بالتأكيد، أعتقد أن إحدى المآسي في ليبيا تكمن في أنّ الحكومات البلدية تتمتع بشرعية وهي منتخبة..أعني حين نتجوّل في البلدات سنرى قصص نجاح. لذا باعتقادي أنّ إحدى الاستراتيجيات التي اتبعتها الأمم المتحدة وغيرها هي العمل مع البلديات..حتى فيما يخصّ الميزانية ومساعدتهم على تمويل أنفسهم.. أمّا ما يثير القلق في المناطق الشرقية التي تخضع لسيطرة خليفة حفتر هو ما قا به من استبدال مسؤولي البلديات المنتخبين بآمرين عسكريين.
(ديبورا): أودّ أن أقول أنّ ما رأيناه في سرت على سبيل المثال، كان مجموعة انتهازية في سرت تعارض المصراتيين سياسيًا ولم يكن هناك أي شيء يتعلق بالأيديولوجيات.. كان تنافسًا على الموارد ..لذلك، إلى أن يصبح لديك حكومة تقوم بما يُفترض على الحكومة من القيام به وتتأكد من التوزيع العادل لثروات الوطنية عبر الأمن ووضع إطار قانوني للتجارة وفرض القانون سنبقى نشاهد هذه المشكلة في ليبيا.
(يوانغ): في عام ألفين وأحد عشر، هل تعتقدين أنّا فشلنا في الإجابة عن سؤال ما الذي سيحدث بعد ذلك، وما هو الدرس الذي يجب أن تتعلّمه الولايات المتحدة وتأخذخ بعين الاعتبار عند وضع خطة أوسع في الشرق الأوسط بناءً على تجربتنا في ليبيا؟
(ديبورا):سيناتور…. باعتقادي وعلى الرغم من أنه لا علاقة لي في عملية صنع القرار… أنّا في وضع مغاير هنا.. ونسي الناس أنّ الجامعة العربية هي من أتت إلينا وطلبت منا اتخاذ إجراء عبر فرض حظر جوي..لأنّ القذافي –خلافًا لقادة تونس ومصر واليمن .. أي الدول التي شهدت ثورات أو ما عُرف بالربيع العربي… حيث أنّ قادة هذه الدول لم يهاجموا شعوبهم…بينما القذافي هدّد بقتل “هؤلاء الجرذان”.. وبالتالي، فحين يكون هناك وضع مماثل ..خاصة في أعقاب أحداث مثل رواندا وغيرها..باعتقادي، سيصعب عليك –سياسيًا – الوقوف مكتوف الأيدي..تراقب الديكتاتور.وقد تعاملنا معه كدكتاتور.. تبنّى عددًا من العمليات الإرهابية… ثمّ نقف ونقول أنّا نفضّل الاستقرار على معارضته ودعم من أراد الإطاحة به…… ثانيةً، تحدّثنا إلى أشخاص كانوا إلى جانب الثورة مثل الدكتور جبريل الذي قدّم رؤية واضحة على ما يمكنهم فعله…وكان هناك الكثير من الأمور المبالغ فيها … لذا، نعم لم نفهم الوضع جيدًا.. وأتقبّل هذا! لكن لا أدري إن كان بإمكاننا تغيير رأينا لو أدركنا الأمور على نحو مختلف… لأننا لم نكن منخرطين في أمور ليبيا – باعتبارنا الولايات المتحدة- منذ فترة طويلة.
(يوانغ): إذًا يبدو أنّ الواجب السياسي يحتّم تدخّلًا قويًا جدًا بناءً على عدة أسباب..لكن الخطط وُضعت في أجواء من المعلومات المحدودة .. ولا يعود السبب إلى الافتقار للتفكير النقدي فقط؟
(ديبورا): أشعر أن الناس تفاجأوا.. فالأمر لا يكمن في عدم توفيرنا ما يكفي من الموارد أو ذهابنا إلى ليبيا دون وجود شركاء دوليين وأوروبيين إلى جانبنا.. من الضروري أن نتذكّر أن الليبين أولًا، لم يرغبوا بوجود قوات عسكرية أجنبية على الأرض، ثانيًا، لم يرغبوا بوجود أجنبي يمتد لفترة طويلة.. ما طلبوه هو بعثة خاصة من الأمم المتحدة في ليبيا..فجاءهم طارق متري.. الذي بدأ بالكتابة على ورق أبيض لتنظيم جسم أمني عسكري.. باعتقادي أن الغرب أدرك متأخرًا عمق الانقسام، وكما قلت فالثورة لم تنتهِ، حيث كانت هناك حكومات متعاقبة في ليبيا…أثبتت عدم قدرتها –على الإطلاق- على نزع سلاح المليشيات.. وإعادة تأهيلهم واستلام مناطق السيطرة منهم.. لقد كانت عدم رغبتهم بوجود جنودٍ غربيين واضحة.. والذين كانوا وبصراحة سيُصابون بل بصراحة سيقتلون أثناء العملية.

ترجمة خاصة بقناة (218). رهيفة محمود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى