كتَـــــاب الموقع

ثورة 17 فبراير.. لن أحتفل

حمزة جبودة

لمن ينتظر أن يكتب أحد الذين خرجوا في ثورة 17 فبراير، بجُرأة قائلا سنحتفل رُغم كل شيء؛ أطمئنه أنني لم أفعلها مند سنوات، وأنني لم أنتظر هذه المناسبة في الذكرى السادسة لثورة فبراير، حتى أؤكد لك أنني لم ولن أحتفل. لأسباب كثيرة وعظيمة في آن، أولها أنني لا أحسب نفسي على التيّارات السياسية والفكرية، بما فيها الكافر والمؤمن، التي تبنّت فبراير، ولم أخرج لأجل إسقاط العقيد معمر القذافي، أو أتفاخر بأنني من الذين فرِحوا بمقتله بطريقة لا أخلاقية ولا تنتمي للإنسانية بأي شكل من الأشكال. على العكس تماما، ثورة فبراير بالنسبة لي لم تتعدّى الأيام، وما حدث بعدها يعدّ صراع مُسلّح، بين فصائل، لا فصيلين.. الأول يتمثّل في الثوّار البُسطاء الذين لا يعرفون معنى الثورة الحقيقي، ولكنهم يؤمنون أنهم قادرون على تغيير واقع بلدهم للأفضل، لو مُنحوا الفُرصة ودخلوا غِمار العمل. بعضهم بسيط، لم يُكمل تعليمه، وبعضهم يحمل شهادات جامعية. أما الفصيل الثاني، فكان المؤدلج الذي يخدم فكره قبل وطنه، ولا يهمّه من يحكم ومن يبقى في الحُكم، وهُنا نقصد الإسلاميين، الذين كانوا في بريطانيا، وأمريكا وكندا. ويتربّصون بكل حدث صغير أو كبير في ( جماهيرية القذافي )، لكي يصنعوا منهُ حدثا وزوبعة تخدم مصالحهم، لا لشيء فقط لأنهم يكرهون القذافي، لأنه احتكر كرسي الحكم لنفسه، ولم يجعلهم شُركاء معه في دولة الجماهير.
نأتي للفصيل الآخر، الذي كان يجلس مع آل سبتمبر وآل فبراير، ولم يكن في حياته صاحب موقف مع بلده، وهُنا أقصد الرأسماليين، الذين تربّوا في عهد القذافي، وسرقوا أموال الليبيين، حين كانت ليبيا في أزمتها أيام الحصار، وما بعده في زمن ما قبل ليبيا الغد، حين كانت الأسواق الشعبية تُقفل أبوابها الحديدية. هذا الفصيل تحديدا، أصبح لهُ شأن كبير في دولة فبراير، بفضل الرشاوي والابتزازت الجنسية، وبمُساندة بعض أصحاب النفوذ البسيط في ليبيا.
هذه الفصائل وغيرها من الفصائل التي أنتجتها ثورة فبراير، أو بالمعنى الأصح، أنتجتها شرعية الميليشيات، في كل بقاع ليبيا، وضياع الساسة في أزقة الصخيرات، وروما وجينيف.
فبراير التي آمن بها الدروايش من الشعب، لم تكن فبراير الزاوية، أو فبراير مصراتة، أو سوق الجمعة، أو تاجوراء، فبراير التي آمنت بها زوارة، أو فبراير بنغازي، أو طبرق، .. ولا أية مدينة خرجت في فبراير 2011، كل الذي ذكرته في سياق هذا الكم من المفردات، كان لأجل توضيح شيء واحد فقط، و هو أن الفبراريين مدارس مختلفة، ومدرسة واحدة التي كانت ولازالت مع كل الليبيين، وهي مدرسة الدراويش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى