حياة

تفاصيل أسوأ كارثة نووية بالتاريخ

وقعت أسوأ كارثة نووية مدنية في العالم عندما انفجر مفاعل في محطة توليد الطاقة في “تشيرنوبيل” الواقعة في أوكرانيا.

كانت محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية إحدى محطات توليد الطاقة الكهربائية السوفييتية، وهي واحدة من أكثر المرافق تطوراً وقد بدأ تشغيل أول مفاعلين بها في أواخر عام 1970، ليبدأ تشغيل المفاعل الرابع في عام 1983.


المفاعل رقم 4

وفي 26 أبريل 1986، قام الفنيون بإعداد اختبار نظام التبريد الاحتياطي في المفاعل رقم 4، لكن تمرين الحماية الروتيني تحول إلى اختبار خاطئ أدى إلى أسوء كارثة نووية شهدها التاريخ، فعندما بدأ الاختبار تم إزالة جميع قضبان التحكم الكفيلة بإبطاء التفاعل والتي تؤثر بشكل رئيسي في ضخ مياه التبريد حول النواة لمنع ارتفاع درجة الحرارة لسبب غير مذكور ما جعل الفنيين يفقدون السيطرة على درجة حرارة المفاعل، والتي ساهمت في رفع درجة الحرارة بشكل كبير وأدت لذوبان المفاعل من الداخل.

وفي تمام الساعة 1:23 صباحا وقعت الكارثة التي ادت إلى انبعاث 8 أطنان من الحطام المشع في الغلاف الجوي نتيجة لانفجار المفاعل رقم 4 ليتسبب ذلك في إجلاء 155،000 شخص من منطقة نصف قطرها 30 كيلومترا حول المصنع .


ما بعد الإنفجار

خمسة عشر يوما هي مدة معركة إخماد الحرائق داخل المفاعل حيث جُند لها نصف مليون من الأفراد العسكريين والمدنيين ممن تم إعدادهم للتعامل مع الحادثة وعواقبها، فقد 31 من رجال الإطفاء الأوليين والعاملين حياتهم في غضون أيام جراء الأمراض التي عانوها بسبب تعرضهم للإشعاع الحاد.

وتضرر جراء هذه الكارثة أكثر من 7 ملايين شخص وكانت أكثر المناطق تضرراً هي روسيا البيضاء وأوكرانيا.

وانتجت الكارثة سحابة إشعاعية تعادل قنبلة هيروشيما، ولم تقتصر نتائجها على البشر فقط بل امتدت لكل شيء، ما استوجب قتل الأغنام في شمال إنجلترا وحيوانات الرنة في لابلاند بسبب تعرضها للإشعاع الذي لم تكن سببا فيه لتدفع ثمن استهتار البشر و سوء استغلالهم.

وفي محاولات لاحتواء الأزمة تم إحاطة المفاعل رقم 4 بتابوت خرساني لإغلاقه بالكامل للحد من انتشار الإشعاع، حيث كان في داخله ما يقارب الـ 200 طن من الوقود المشع، واستمرت المفاعلات الثلاثة الباقية في العمل لسد عجز الطاقة في أوكرانيا حتى عام 2000 حيث تم إغلاق مجمع تشيرنوبيل بالكامل، لكن الخطر لم ينتهي ولم تنهي آثاره فمع انهيار التابوت الخرساني، بدأ المجتمع الدولي في بناء كتلة خرسانية جديدة للمفاعل 4 بتكلفة تناهز الـ3 مليارات دولار.


مدينة الأشباح

“بريبيات” هي المدينة الأقرب إلى المفاعل رقم 4 والتي كان يقطنها 49 ألف نسمة منذ عام 1970 حيث أنشأت لإيواء العمال من تشيرنوبيل والتي ضمت 15 مدرسة ابتدائية، ومستشفى، و25 متجرا، و10 صالات رياضية، إضافة إلى الحدائق، ودور السينما، والمصانع، ومدينة ألعاب متكاملة لم تكن تبعد سوى ثلاثة كيلومترات عن مكان الحادث ، وحَوَت كل مقومات المجتمعات المزدهرة كانت خاوية على عروشها في غضون 48 ساعة بسبب الكارثة التي مازال العالم يعاني تبعاتها حتى وقتنا الحاضر.

اليوم و بعد أكثر من عقدين من الزمن، لا تزال الأمتعة الشخصية تتناثر في الشوارع والمباني المهجورة و ألعاب الأطفال حول المدرسة شاهدة على هول الكارثة وفداحتها التي تركت من قبل الأطفال فيما توقفت جميع الساعات عند 11:55، وهي لحظة انقطاع الكهرباء بسبب الخلل الذي لحق بالمفاعل لتكون شاهدة بزمن اسباقي على موعد حدوث الكارثة النووية الأشهر عالميا والتي وقعت في الواحدة بعد منتصف الليل.


المستشفى رقم 126 من بلدة “بريبيات”

استقبل مستشفى “بريبيات” أول ضحايا الكارثة وقد تشبعت ملابسهم بالإشعاع النووي حيث تم إيواؤهم في الطابق السفلي من المستشفى، وبعد إخلاء المدينة بأكملها تركت جميع الملابس، واليوم و بعد مرور 32 عامًا على الكارثة، لا تزال هذه الملابس المشعة تكمن في نفس القبو، حيث تنبعث منها كمية إشعاع تتجاوز القيمة العادية بمئات الآلاف من المرات.


قدم الفيل

بعد أن تم السيطرة على الحرائق النووية، سارع العمال إلى أحتواء الأخطار غير المرئية في نواة تشيرنوبيل حيث ذابت الخرسانة التي توجد تحت المفاعل بعد أن اخترقتها الحمم المتصلبة وأثناء البحث عن سبب هذا الذوبان تمت الاستعانة بكاميرا يتم التحكم بها عن بعد، والتي كشفت عن كتلة مشعة بشكل مكثف في الطابق السفلي من المفاعل 4، تجاوز عرضها مترين وقدر العلماء وزنها بمئات الأطنان، وأطلقوا عليها اسم “قدم الفيل” لمظهرها المتجعد والذي يشبه إلى حد كبير جلد الفيل.

“قدم الفيل” ليست سوى كتلة صلبة مصنوعة من الوقود النووي الذائب الممزوج بالكثير من المواد الخرسانية والرملية التي أذابها الوقود، و تقع في تحت الأرض وبالتحديد تحت الموقع الأصلي للنواة وفي عام 1986،تم قياس مستوى إشعاعها والذي وُجد أنه يصل إلى 10000 “روينجنس” في الساعة، وتوصلوا بهذه النتيجة إلى أن أي شخص يقترب منها، سيصاب بجرعة مميتة في أقل من دقيقة، و بعد 30 ثانية فقط من التعرض نتيجة وجودك بالغرفة التي تحوي “قدم الفيل” ، سيصاب الشخص بالدوار، لتتطور حالته بعد أربع دقائق لتصل إلى مرحلة يبدأ فيها بالقيء والإسهال والحمى، وبعد 300 ثانية من التعرض المباشر للاشعاع المنبعث من قدم الفيل، تكون بداية العد التنازلي لعمر الشخص الذي لن يتجاوز اليومين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى