أخبار ليبيا

تركيا على أعتاب عودة حكم الحزب الواحد

يبدو أن تركيا بصدد العودة لحكم الحزب الواحد بعد أن حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم النصر في الانتخابات العامة اليوم الأحد في تعزيز للرئيس رجب طيب إردوغان لكن في نتيجة قد تعمق الانقسامات الاجتماعية.

ومع فرز نصف الأصوات تقريبا حصل الحزب على قرابة 50 في المئة من الأصوات وهو ما يؤهله بارتياح لنيل أغلبية في البرلمان المؤلف من 550 مقعدا وبهامش انتصار كبير لم يتوقعه حتى أعضاء الحزب. 

ووصف رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو النتائج بانها نصر للديمقراطية.

وقال داود أوغلو امام حشد من انصار الحزب أمام منزله في مدينة قونية بوسط الاناضول وهي معقل للحزب الحاكم "اليوم هو نصر لديمقراطيتنا وشعبنا."

وأضاف في إشارة إلى الانتخابات العامة بعد أربعة أعوام "نأمل أن نخدمكم جيدا على مدى السنوات الأربع القادمة وان نقف أمامكم مرة ثانية عام 2019."

وقال مسؤول كبير من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة الذي كان يفكر في "الحد من" نفوذ إردوغان من خلال حكومة ائتلافية إن النتيجة هي "ببساطة كارثة". 

وقد تؤجج النتائج انقسامات عميقة في تركيا بين المحافظين الذين يرون في إردوغان بطل الطبقة العاملة وبين العلمانيين الذين يشكون في ميوله الاستبدادية ومثله الإسلامية. 

وأطلقت قوات أمن الغاز المسيل للدموع على محتجين يرمون الحجارة في مدينة ديار بكر بجنوب شرق تركيا التي يغلب على سكانها الأكراد فيما توالت النتائج مع تراجع الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد ليتجاوز بالكاد حاجز العشرة بالمئة اللازم لدخول البرلمان.

في يونيو حزيران خسر حزب العدالة والتنمية الأغلبية الساحقة التي تمتع بها منذ 2002. وقدم إردوغان انتخابات اليوم الأحد فرصة لاستعادة الاستقرار في وقت تفجر فيه التوتر بسبب تمرد الأكراد وبعد تفجيرين نسبا إلى تنظيم الدولة الإسلامية بينما يخشى منتقدون تحولا للاستبدادد في عهد الرئيس. 

ووفقا لشبكة (تي.أر.تي) التي تديرها الدولة فقد حصل حزب العدالة والتنمية على 49.4 في المئة من الأصوات بعد فرز 97.5 في المئة من الأصوات. بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 25.4 في المئة وقال مسؤول كبير الآن إن آمال تشكيل ائتلاف باتت مستحيلة. 

وقال مسؤول كبير من حزب العدالة والتنمية لرويترز "هذا نجاح فاق توقعاتنا" في اعتراف بالمفاجأة من حجم الانتصار. 

ومنذ انتخابات يونيو حزيران انهار وقف لإطلاق النار مع المقاتلين الأكراد وتفاقمت الحرب في سوريا وشهدت تركيا هجومين انتحاريين ارتبطا بتنظيم الدولة الإسلامية أسفرا عن مقتل أكثر من 130 شخصا. 

ويأمل مستثمرون وحلفاء غربيون أن تساعد الانتخابات على إعادة إرساء الاستقرار والثقة في الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 800 مليار دولار الأمر الذي سيتيح لأنقرة أن تلعب دورا أكثر فعالية في الحد من تدفق اللاجئين من الدول المجاورة التي تعيش حروبا إلى أوروبا والمساعدة في التصدي لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية.

*في انتظار مؤشرات

حققت الليرة أقوى أداء لها في شهرين ونصف بعد النتائج. وكان المستثمرون يعولون على حكومة ائتلافية لكن احتمال وجود حكومة قوية ومستقرة حتى لو كانت مثيرة للاستقطاب بدا سببا للارتياح بعد شهور من عدم اليقين.

وأثارت حملات إردوغان على حرية الإعلام وتشديد قبضته على القضاء -في أعقاب تحقيق فساد أغلق بعد اعتباره محاولة لإطاحة به – قلق زعماء أوروبيين. ومثل عدد كبير من الصحفيين وشخصيات أخرى أمام المحكمة بتهمة إهانة الرئيس. 

وستراقب عواصم أجنبية ووسائل إعلام تركية ومنظمات أخرى عن كثب مؤشرات على ما إذا كانت الأجواء الخشنة ستستمر أم ستخفف الحكومة قبضتها. 

وانتقد إردوغان وحزب العدالة والتنمية على سبيل المثال الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد الذين يحاربون تنظيم الدولة الإسلامية عبر الحدود في سوريا.

وقال بروس ريدل وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والذي عمل أحيانا مستشارا سياسيا للرئيس باراك أوباما "هذه (النتيجة) تزيد صعوبة استراتيجية استخدام الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية لأن حزب العدالة والتنمية يلعب على المشاعر المعادية للأكراد." 

وحصل حزب الشعوب الديمقراطي الذي قلص حملته الانتخابية بعد استهداف أنصاره في هجوم أنقرة الانتحاري الذي قتل فيه أكثر من مئة شخص يوم العاشر من أكتوبر تشرين الأول على 10.6 في المئة حسبما أفادت شبكة (تي.أر.تي). وحصل الحزب على 13 في المئة في يونيو حزيران. 

أما حزب الحركة القومية فقد شهد تراجع نصيبه من الاصوات إلى 12 في المئة من 16.5 في المئة في يونيو حزيران. 

ولم تظهر الأعلام والملصقات وحافلات الدعاية الانتخابية التي عجت بها الشوارع خلال الفترة التي سبقت الانتخابات في يونيو حزيران. لكن إردوغان وصف الانتخابات الجديدة بأنها فرصة مهمة لتركيا للعودة إلى حكم حزب العدالة والتنمية بمفرده بعد غموض سياسي استمر شهورا.

ويقول منتقدو إردوغان إن هذه الانتخابات التي دفع إليها عجز حزب العدالة والتنمية عن العثور على شريك صغير لتكوين إئتلاف حكومي بعد انتخابات يونيو حزيران تمثل مقامرة من جانب الرئيس كي يحصل من جديد على تأييد كاف للحزب يمكنه في نهاية الأمر من تعديل الدستور ومنحه سلطات رئاسية أكبر.

جمهورية رئاسية

استقال إردوغان من منصبه رئيسا للوزراء العام الماضي وأصبح أول رئيس تركي ينتخب في اقتراع مباشر بهدف تحويل منصبه الشرفي إلى حد كبير إلى منصب تنفيذي قوي. 

ولا يزال من غير المرجح أن يحصل حزب العدالة والتنمية على الأغلبية الكافية لتغيير الدستور لكن في ظل انفراده بالسلطة فسيستعيد إردوغان نفوذه على الحكومة.

وقال مسؤول ثالث في حزب العدالة والتنمية "خسرت تركيا الكثير في الاقتصاد والسياسة .. خلال تلك الفترة وفقدت المكاسب. يبدو أن الناخبين أرادوا استعادة الاستقرار مرة أخرى." 

وكان بعض الحلفاء الغربيين والمستثمرين الأجانب والأتراك يرون أن ائتلافا بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري هو أفضل أمل لتخفيف حدة الانقسامات في البلد المرشح للانضمام للاتحاد الأوروبي ويقولون إنه قد يخفف من نوازع إردوغان الاستبدادية. 

وانقسم الناخبون بشدة في وجهات نظرهم بشأن عودة حكم الحزب الواحد أو تشكيل ائتلاف حاكم. 

وقال نورجان جوندوز (24 عاما) في مطار أنقرة "الرعاية وتحسن أحوال المعيشة والمنازل الأكبر والأجهزة الأكثر فخامة.. نحن مدينون بذلك لحزب العدالة والتنمية وإردوغان." 

وتابع قوله "انظروا إلى حال البلد بعد نتائج انتخابات السابع من يونيو ولم نشكل ائتلاف حاكما. لا أستطيع تخيل مدى سوء الوضع إن كان لدينا ائتلاف." 

لكن يسار (62 عاما) وهو عامل متقاعد يشتغل في تلميع الأحذية خارج مسجد في ضاحية أوسكودار المحافظة باسطنبول قال إنه منح صوته لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة على أمل أن يكون هناك ائتلاف. 

وقال "فقدت الأمل في حزب العدالة والتنمية. الحزب الأمين هو حزب الشعب الجمهوري. البلد بحاجة لأن تضمد جراحها والائتلاف هو أفضل سبيل".

(رويترز)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى