كتَـــــاب الموقع

ترامب والعالم ونحن .. تفكير بصوت عالي

مجاهد البوسيفي
فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة حدث غير متوقع لكنه ليس خارج السياق كما يبدو في أول الأمر. .
تصف ماريان لوبان رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية هذا الفوز بأنه (انتصار الشعب على النخبة ) ..وقد يكون هنا بيت القصيد المفقود .
الغرب يتغير .. وعندما يتغير الغرب فإن العالم ذاته يتغير..من ناحية الشكل فاز ترامب بطريقة مشابهة لتلك التي كان سيفوز بها أكاديمي ورجل أعمال ظهر من مكان غير منظور في هولندا منذ أكثر من عقد اسمه ” بم فيرتاون” .. الذي بنى مستشاره الرئيس حملة انتخابه على معاداة الصحافة بمختلف أنواعها .. جرائد على تلفزيون على مواقع تواصل ..من أجل كسب تعاطف الشارع النافذ الصبر من حياة يومية مكررة ومغامرين مهاجرين يريدون تطبيق الإسلام على مملكة مسيحية منذ ما قبل الإسلام ..
هذه هي الشريحة التي خاطبها ترامب القادم من خارج النخبة
لكن في المضمون العميق .. ترامب يتقدم خطوة ويثير مشاعر عشرات الملايين الذين ما عادوا يثقون في النخبة بمعناها الواسع..نخبة التجار التي تسيطر على الشركات وتؤثر في القرار السياسي. .والنخبة السياسية التي تحولت للتنظير بلغة غير مفهومة للعامة وتخضع لتأثير العلاقات المتشابكة من بزنس ومصالح إعادة انتخاب وسلطة أعلام … مصالح مسيطر عليها من قبل خليط من الساسة والشركات …شركات تحقق أرباحاً شبه دائمة وشبه فاحشة سواء كان هناك كساد أم ازدهار ..
هذه هي الشريحة التي خاطبها ترامب القادم من خارج النخبة السياسية معلنا العداء لها علنا ومقدما نفسه كممثل للرأي الثالث. .رأي الإنسان العادي الذي يقع خارج حسابات الشركات التي تسيطر على المال والسياسيين الذين يتوارثون القرار السياسي وبينهما الصحافة التي في مجملها العام تراوح بين النخبيتين .. التجارة والسياسة.
قبل ذلك كان البريكس البريطاني ..الذي قضى عبر استفتاء عام بخروج المملكة البريطانية من الاتحاد البريطاني بفارق واحد في المائة تقريبا .. تم ذلك بعد حملة عزفت بكل الآلات الممكنة على الهوية البريطانية وضرورة حمايتها من المهاجرين والحفاظ على التفوق البريطاني المتكيء حسب المضمون الخفي على انتصار الحرب العالمية الثانية أكثر منه على المصالح الحقيقية التي توجب التنسيق والعمل الموحد مع أعداء سابقين يقودون اليوم أوروبا مثل ألمانيا ..
اليوم بريطانيا تفوق من سكرة الاعتراض الشعبي العام الذي في أساسه محلي مقاوم لظلم الشركات الكبيرة وتم تحويله بمهارة إلى اعتراض لموقع المملكة في أوروبا ، تجد البلاد نفسها اليوم في مفترق خيارات صعبة..هل تستمر في إرضاء الأغلبية المجهرية وخسارة البحبوحة الضرائبية التي تتمتع بها ضمن اتحاد أوروبا. . أم المضي في طريق الانفصال للحد من هجرة 100 ألف مهاجر سنويا هم في العمق حاجة للسوق البريطاني أكثر منهم غزو إرهابي وعمالي كما تم تسويقه ضمن السياق العاطفي. .
أيضا علينا أن نراقب انتخابات النمسا بداية ديسمبر القادم.. على الأغلب سيفوز بها اليمين الغاضب من عادات المهاجرين وعدم قدرتهم على الاندماج .. لكن هذا أيضا – إذا ماتم – مجرد انتفاضة على الطريقة الغربية الهادئة ضد الشركات الكبرى وتكرار النخبة لخطابها الغامض وإن تم إلباسه بلباس سياسي مؤقت..
والتغيير الكبير قد يأتي أبريل القادم من فرنسا عندما يحين موعد الانتخابات التي تستعد لها السيدة ماري لوبان بكل ذكاء..حيث شعبيتها في ازدياد بعد أن تخلصت من خطاب والدها المؤسس المستفز وأجرت تعديلات مهمة على برنامج حكمها المنتظر …
في العنوان العام العريض : قد يكون البريكس البريطاني وفوز ترامب في العمق ماهو الا بداية النهاية لليبرالية الجديدة التي برزت مع عهد بوش الإبن وسادت بشكل أكثر هدوءً طوال أيام أوباما الذي تفرغ لإصلاح ما استطاع من اقتصاد أميركا ..
وعربيا .. قد يعني صعود ترامب وموجته السابقة واللاحقة سقوط نظرية دعم صعود ما عرف بالإسلام السياسي المعتدل الذي اختير له تنظيم الإخوان المسلمين من أجل الوصول للحكم كفلتر وفاصل بين الإسلام المتطرف المتمثل في القاعدة وأخواتها وبين المصالح الغربية في المنطقة والغرب نفسه تاليا ..وهي نظرية بدأت في بداية الألفية الثانية عبر مراكز بحثية مرموقة في الولايات المتحدة وانتقلت فيما بعد لمصدر القرار الأميركي وتم تبنيها بشكل شبه رسمي حتى بعد أن تم وقف زحف البديل المختار أولا في ليبيا ثم تونس والقضاء عليه نهائيا في مصر ..
لنراقب مايحدث في سوريا والسعودية .. ليس فورا .. لكن بعد بعض الوقت ..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى