أخبار ليبيااقتصادخاص 218

بلومبيرغ: محاولات “إيني” للازدهار في ظل الفوضى

سيطرت إيني على صناعة الطاقة في ليبيا منذ ستة عقود ويبدو مستقبلها الآن معلقا فيظل الاحتراب الذي يسيطر على المشهد في ليبيا.

كان الأسبوع الذي بدأت فيه الانتفاضة الليبية في عام 2011 بمثابة الهزة للعاملين في شركة النفط الإيطالية إيني Eni SpA في الدولة الواقعة شمال إفريقيا.

كان موظفو الشركة عشية الانتفاضة يلعبون كرة القدم ويشاهدون الأفلام في مقرات عملهم بالحقول النفطية، وهم غافلون عن المعارك مع الشرطة وتزايدِ عدد القتلى في الثورة التي أطاحت بمعمر القذافي، ولم يعرف مهندس إيني السابق أحمد الشيخي ماذا يحدث في الواقع إلاّ بعد 5 أشهر عندما عاد إلى منزله من مجمع مليته للنفط والغاز في غرب ليبيا، وقال: “شعرت كما لو كنت في بلد آخر”.

هذه الفوضى لم تحدث من قبل، حيث أخذت ليبيا تنزلق إلى حرب أهلية كاملة، وبات القتال بين طرفين متنافسين يهدد بتقسيم دائم لمنتج أوبك الرئيسي وتعطيل أسواق الطاقة العالمية. وتسبب النزاع في خلق فراغ يمكن أن يسمح لداعش وجماعات التهريب بزعزعة استقرار جيران ليبيا، بما في ذلك أوروبا.

وتعمل إيني منذ الانقلاب الذي أوصل القذافي إلى السلطة عام 1969 ولاحقا بعد الانتفاضة التي أطاحت بنظامه بعد 42 عامًا بفعالية كدولة داخل الدولة، لكن قدرة العملاق الإيطالي على الازدهار تدور الآن حول البقاء في مكان تهيمن فيه على صناعة النفط على مدار 6 عقود والتي تعد أكبر مصدر للبترول. وقامت إيني التي تتخذ من روما مقراً لها بإجلاء موظفيها الإيطاليين في أبريل، عندما بدأت عمليات الجيش الوطني بالتوجه إلى طرابلس واشتداد القتال على الخط الأمامي في الضواحي الجنوبية. ومع استعداد قادة العالم للالتقاء هذا الأسبوع لحضور الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك، تم عقد اجتماع يوم الخميس لمناقشة مبادرة السلام الليبية الأخيرة، ولكن هذه المرة كانت المبادرة ألمانية، لا يزال بضع مئات من موظفي إيني المحليين يعملون في البلاد، حوالي عشرة من المديرين يسافرون ويخرجون لحضور الاجتماعات، ويميلون إلى قضاء أكثر من ليلة في العاصمة، وفقًا لأشخاص مطلعين على عمليات الشركة. وقال كلاوديو ديكالزي، الرئيس التنفيذي للشركة في يونيو: “نواصل الإنتاج، والوضع مستقر، هناك قضايا في طرابلس، لكن هذه القضايا مستمرة منذ 10 سنوات”.

وفي الشهر التالي، التقى الرئيس التنفيذي للشركة كلاوديو ديكالزي، رئيس الوزراء فائز السراج وأكد له التزامه الكامل بالبقاء في البلاد، في حين رفضت الشركة ، التي تمتلك 45 ٪ من إنتاج الغاز والنفط الليبي التعليق أكثر على هذا الموضوع.

وتمكنت البنية التحتية للنفط في ليبيا من الخروج خلال الثورة التي انتهت بوفاة القذافي في أكتوبر 2011 دون أن يلحق بها الضرر، ربما تعطلت صادرات النفط ولكن سعت جميع الأطراف إلى تجنب إلحاق الضرر بالمنشآت، ومنذ ذلك الحين وتحوي ليبيا احتياطات النفط الخام الأكبر في إفريقيا، كما تُعد مصدرا لأكثر من 95 % من عائدات التصدير قبل الانتفاضة، قد استهدفتها فصائل تتنافس على النفوذ.

الجيش الوطني- ارشيفية
الجيش الوطني- ارشيفية

وشهدت ليبيا احتجاجات وهجمات على خطوط الأنابيب وقتال حول المنشآت الرئيسية، مما أدى إلى اضطرابات شديدة، على الرغم من عدم تمكن أي مجموعة من تصدير النفط في إطار قانوني بشكل مستقل عن المؤسسة الوطنية للنفط، فإن الحقول والمحطات البعيدة توفر مصدر نفوذ للفصائل المتصارعة. وتسيطر قوات الجيش الوطني حاليًا على الجزء الأكبر من مصادر النفط الليبي، من الحقول إلى خطوط الأنابيب إلى محطات التصدير، ولكن يظل أيضا مجمع مليته للنفط والغاز الواقع في زوارة، والذي يزود إيطاليا بـ 8-10 مليارات متر مكعب من الغاز كل عام عبر خط أنابيب غرينستريم، ضمن عملية مشتركة مع شركة النفط الوطنية خارج منطقة نفوذ الجيش الوطني الذي يحاول السيطرة على مواقع في المنطقة.

وعارضت إيطاليا في البداية التدخل الذي أدى إلى الإطاحة بالقذافي، حيث قالت روما إنها تريد تجنب المقارنات مع حكمها الاستعماري 1911-1943 في ليبيا، لكنها تراجعت لاحقًا عندما تم اختيار الناتو لقيادة العمليات في ليبيا، وعندما انقسمت البلاد في عام 2014 بين إدارتين متنافستين، دعمت إيطاليا حكومة الوفاق المتمركزة في الغرب، ولكن الأمور قد تتغير الآن، حيث التقى رئيس الوزراء جوزيبي كونتي مع السراج في روما في 18 سبتمبر لمناقشة القضايا بما في ذلك الهجرة، وهو موضوع حساس وبارز في السياسة الإيطالية، وقال مسؤول حكومي طلب عدم ذكر اسمه، إن إيطاليا ستسعى إلى الحوار مع قوى أخرى لأن الأزمة تتطلب الحل السياسي، وليس الحل العسكري.

وفسر أرتورو فارفيللي، الرئيس المشارك لمركز ISPI للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذا الكلام بأنه علامة على “أنّ الحكومة الإيطالية تتخذ الآن موقفًا غامضًا جدًا بشأن ليبيا، حيث تقف على مسافة متساوية بين الجانبين”. وبرر فارفيلي ذلك بأنه ” لحماية مصالح إيني”، حيث يسيطر الجيش الوطني على بعض آبارها في الجنوب وهذا “أدى إلى مقاربة لم ترها الحكومة الإيطالية من قبل.”

ولكن الحقيقة بالنسبة لشركة إيني هي أن الفصائل المتحاربة في ليبيا لم تبد أي اهتمام حقيقي باتفاق سلام، وقد تتزايد المواجهة حيث يتلقَّى الطرفان المتصارعان الدعم من دول أخرى، ولكن إذا كانت أي شركة أجنبية تعرف كيفية التصرف في شبكة المصالح المعقدة هذه ، فهي “إيني”.

المصدر
bloomberg

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى