أخبار ليبياحياةخاص 218

الوردة الليبية “الفونشة” تُعيد الليبيين إلى “الزمن الجميل” من بوابة “218”

في لقاء حصري ونادر على “218” ظهرت الفنانة القديرة خديجة الكاديكي المعروفة باسم “الفونشة والوردة الليبية”، في ليلة تكريمية لمسيرتها الفنية الطويلة والمليئة بالأحداث المختلفة.

تحدّثت “الفونشة” في اللقاء عن علاقتها بعائلتها ووالدها الموسيقي الراحل إبراهيم الكاديكي الذي كان يهوى العزف على الكمان وممارسة رياضة الملاكمة، موضحة أن علاقتهما لم تكن قوية بسبب انفصاله عن والدتها التي قضت معها أغلب أوقاتها ومراحلها العمرية، وفي سياق الحديث عن أسرتها وعائلتها لم تغفل عن ذكر دعم والدتها الراحلة حواء الورفللي التي قالت إنها هي من أشرفت على رعايتها منذ الصغر ولم تغفل عنها وقت الضيق ودعمتها من كافة النواحي قائلة: “ياما نذكر من سماحه معها” هي من جعلتني إنسانة.

البدايات

وبالحديث عن بدايتها في مجال الأغنية الشعبية وفن المرسكاوي، قالت الفونشة إنها كانت تدندن وتغني لوحدها في البيت، وفي بداية مرحلة الشباب كانت عندما تحضر أعراس الجيران في الحي تمسك زمام المبادرة في الغناء الشعبي على إيقاع الطبل “الدبوكة”، كما أنها تجيد استخدام “التيكانت”، وبعدها انتقلت إلى مرحلة أخرى بحيث أصبحت هي عنصر رئيسي في أعراس العائلة والجيران والأصدقاء وكانت تُقدّم نوبة في تلك الأفراح وترقص وتغني مع كل الحضور بدون مقابل فقط لأجل التعبير عن المحبة والفرحة لكل من دعاها.

قصة أول شريط

مرحلة أخرى كانت مهمة في حياة الفونشة وقت دخولها مجال الأغنية الشعبية بعد انتشار الأشرطة التي تحمل اسمها في محلات بيع الكاسيت، ورأت أن هذه المرحلة جاءت بالصدفة، فبعد ظهور “مسجلات الكاسيت” تم تسجيل نوبة بصوتها دون درايتها في أحد الأفراح، ونُسخ الشريط وسُرّب وانتشر في السوق وأصبح موجوداً في جل البيوت الليبية لتجد نفسها أمام مرحلة جديدة، وذكرت هنا دور صاحب أحد محلات الكاسيت يُدعى حامد الفزاني والذي أخبرها أنه يرغب في تسجيل شريط بصوتها ليتم بيعه في المحل الخاص به، وعندما استشارت والدتها حواء الورفلي كان ردها: “هذا حضك ورزقك ونصيبك انتي وعويلتك وجاك لعندك يا بنتي توكلي على الله”.. لتسجل بعد ذلك أول شريط بصوتها وتحقق نجاحاً واسعاً وأصبحت مسموعة في كل ربوع ليبيا.

بداية الشهرة والمشاكل

ساهم انتشار أشرطة الكاسيت في أواخر ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي، في جعل اسم الفونشة متداولاً ومطلوباً لإحياء الأعراس والمناسبات الاجتماعية في هذه المرحلة، لتكوّن الفنانة فرقة موسيقية صغيرة من ثلاثة أعضاء منهم ضابط الإيقاع المرحوم صالح تيكا وفتاتان شقيقتان.

هذه المرحلة كما ذكرت الكاديكي لم تكن سهلة خاصة أن المجتمع في تلك الفترة كان مغلقاً على نفسه، ووصفت تلك الأيام بالقول: “ياما عنيت وياما سلطو عليّا وياما قالوا ولكن في النهاية لايصح إلا الصحيح”، موضحة أنها فرضت نفسها بعد معاناة صعبة كانت ترافقها من أحاديث تتدخل حتى في أبسط خصوصياتها، حيث قيل عنها “ليش تحني”، “وليش تضحك وسنها ذهب”، وحرب ضروس ضدها لكن دعم والدتها كان سداً وحائطاً منيعاً أمام كل الانتقادات والتجريح الذي طالها.

وقالت الكاديكي: “كل اللي يقولو فيه عليّا كذب الحمدلله ربي معايا ومن فضل الله كله كذب”، وأرفقت الحديث بمواقف كثيرة طالتها عندما تمت الشكوى عليها في مركز شرطة الصابري ضدها بحجة “أنها مرأة وتحني وعندها سن ذهب”، فكانت الشكوى غريبة وليست لها حجة فكل النساء تضع الحناء وليس هناك داعي للشكوى عليها، مُعقّبة في نفس الوقت على الدعم العائلي الذي كان يرافقها طيلة تلك الفترة.

الألقاب وأسباب الغياب

وبالانتقال إلى الحديث عن الألقاب والتسميات التي عُرفت بها خلال مسيرتها الفنية، أوضحت أن “الوردة الليبية” اسمٌ طالب به الجمهور بعدما تم تسميتها من قبل الإذاعة الليبية باسم “وردة السلامة”، إلا أن الجمهور طالب بتغيير الاسم لوردة الليبية.

وعن الأسماء النسائية المنافسة والموجودة على الساحة في ذلك الوقت، قالت إن من أبرز الأسماء كانت الفنانة “مريانا” والفنانة الراحلة “عائشة بتبشير” والفنانة الراحلة “فاطمة البرعصية”، وجاءت من بعدهم فوزية محمود وعدة أسماء أخرى.

وبسؤالها عن تميزها وانتشار اسمها أكثر من باقي بنات جيلها، أجابت بأن الناس أحبوا صوتها لإتقانها نطق أداء وغناء فن المرسكاوي.

وفيما يخص غيابها وعدم ظهورها لسنوات طويلة، قالت الفونشة إنها لم تبتعد وإنها مرتبطة بالناس وتحبهم وتعشق بلادها ولكن بسبب ظروفها الصحية ابتعدت وتركت المجال نهائيا للتفرغ للحياة الأسرية.

الأرشيف النادر

بالحديث عن أرشيفها الموسيقي والذي يُعد نادراً وقليلاً وشبه غير موجود، قالت إن لديها عديد الحفلات المُوثّقة رفقة فرقة الإذاعة الليبية موجودة في الإذاعات الوطنية الخاصة بالدولة ولكن لا تُبث ولا تُعرض، مضيفة أنها دائما ما كانت في مُقدّمة الحضور للمناسبات الرسمية للدولة، وغياب صوتها حالياً عن الإذاعات المسموعة والتلفزيونية غير منطقي ولا تعلم السبب من ورائه.

وذكرت خلال حوارها مع “218” عدداً من أسماء الشعراء الذين تعاملت معهم، منهم علي الرقيعي وفرج الطيرة وفرج المذبل ومحمد الشركسي والتهامي وعبد ربه الغناي.

وقالت إن أقرب الأعمال لقلبها هي، “أنا لايمه وديما عليك انلوم يالي عليا حنون، أنا لايمه وديما انزيد ملامي، وانا لايمه علي عليا غالي والله العالي لو مانك علم انا ما عليك نلوم”.

رسالة للفنانات الشعبيات

ووجهت الفونشة رسالة لكل الفنانات الشعبيات من بنات الجيل الحالي في كلمات، فقالت أطلب منهن أن يتحلين بالعقلانية ويغنين بالكلمات الرصينة، وأن تكون كلمات أغانيهنّ نظيفة وبدون معاني ركيكة، ونصحتهنّ أيضاً بحب بلادهنّ والانتماء إليها والحفاظ على أنفسهن بين المجتمع.

“صيت جميل”

من جهة أخرى أكدت الفونشة انتشارها في كل المدن الليبية وأنها كانت دائماً ما تُحيي المناسبات الاجتماعية في العاصمة طرابلس وباقي المدن الأخرى، وأنها كانت تتمتع بصيت جميل بين كل الأُسر والعائلات الليبية التي دخلت لبيوتهم في أفراحهم وكل أوقاتهم السعيدة.

وبخصوص الفنانين الجدد، قالت إنها مازالت تستمع للموسيقى وفناني المرسكاوي، وأنهم في المُجمل جيدون ولا تكره منهم أحداً، مطالبة في نفس الوقت بضرورة إحياء الفن الشعبي والمرسكاوي من جديد عن طريق تخصيص ساعات من بث يوم الخميس من كل أسبوع؛ للاستمتاع للفرق الشعبية وأعمالها سواء الفرق القديمة أو حتى الجديدة.

استبعاد الفن الشعبي

وأكدت “الوردة الليبية” على دور الفنانين الشعبيين في إدخال الفرح والبهجة لكل البيوت والعائلات، وأن الإهمال الحالي للأغنية الشعبية ولأعمالها شيء مُبكي للخاطر، حسب وصفها، وأردفت قائلة إنه وبعد سنوات من البهجة والسرور التي أدخلناها للبيوت يتم استبعادنا هذا شيء “يوجع الخاطر”.

وتساءلت عن سبب حرمان الناس والجيل الحالي من التعرف على فنها هي وكل بنات جيلها، والتركيز فقط على الفنانين الرجال واستبعاد الأصوات النسائية من الإذاعات الليبية.

وفي سياق الحديث قالت إنه تم استدعاؤها لطرابلس بسبب أغنية تم تناقلها وتحريف كلماتها ومعانيها من بعض الفتيات في تلك الفترة، وتقول الأغنية: “نجيلي حمال عيوبي نفرشلة جفني وهذوبي”، وعند التحقيق قالت إنها لم تكن هي من حرّفت الكلمات وأن أغانيها لا تحمل كلاماً غير أخلاقي، وهي لن تقبل أن تغني كلاماً يخالف عادات المجتمع الليبي، وأرشيفها موجود ومُوثِّق لكل أعمالها، مطالبة مرة أخرى بضرورة عرض أعمالها وعدم الانتقاص من حقها ومسيرتها الفنية، ودعم الأصوات النسائية التي غنّت وتُغنّي المرسكاوي مثلها مثل باقي أصوات الرجال.

وفي نهاية الحوار شكرت كل الذين يتواصلون معها من جيران وأحباب، وأثنت بكلمات شكر وتقدير للخطوة التي قامت بها قناة 218 فيما يخص تكريمها بسهرة فنية أحيت أعمالها الغنائية، وختمت الحوار بغناوة تقول: “حنونه ودارت كبد على عزيز ويش ايفضها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى