أخبار ليبيا

 “المليشيات المارقة” تعيق وقف الاتجار بالبشر

تحقيق عن المليشيات "المارقة" ودورها في إعاقة إجراءات الدولة لوقف الاتجار بالمهاجرين

اقرأ في هذا المقال
  • إذا لم يتمكن المهاجرون من الدفع، فإنهم يسلمون مباشرة إلى الميليشيات المارقة التي تضعهم في بيوت آمنة مملوكة لعصابات مسلحة
  • يقول الموقع إن غالبية عصابات التهريب على الحدود الجنوبية يرتبطون مع أفراد قبيلة التبو (أو يعملون معهم)
  • الانقسام السياسي في ليبيا لا يزال المشكلة الرئيسة أن الميليشيات المارقة والعصابات ما زالت تستفيد من شبكات التهريب الليبي والاتجار بالمهاجرين

218TV | ترجمة خاصة

نشر موقع “توكيو مودرن تايمز” تحقيقا عن المليشيات الليبية التي أسماها بالمارقة وعن دورها في إعاقة إجراءات الدولة لوقف الاتجار بالمهاجرين جاء فيه:

منذ عام 2014، أصبح تهريب الأشخاص والاتجار بالبشر أعمالا مربحة في ليبيا، واستفادت منها الميليشيات والقبائل المتنافسة في البلاد، ولكن هذه التجارة كانت تغذي عدم الاستقرار.

ورغم أن جهود الاتحاد الأوروبي، ولا سيما إيطاليا، حققت في مكافحة هذه المشكلة بعض النجاح الجزئي في واحدة من أكثر الإجراءات فعالية، وهو اتفاق تم التوصل إليه في أغسطس من العام الماضي بين إيطاليا وحكومة الوفاق الوطني لمنع مغادرة المهاجرين من ليبيا. غير أن القتال في المدن الساحلية الليبية بين الأطراف المتنافسة لا يزال يعقد الجهود لوقف “التجارة” من المرور إلى أوروبا.

وعلاوة على ذلك، فإن الميليشيات قادرة على كسب الكثير من مشاركتها هذه، مما يزيد من صعوبة وضع حد للاتجار بالبشر في ليبيا. ويضيف الموقع أن الميليشيات الرئيسية التي كانت تيسر تهريب الأشخاص على الساحل مقرها في الزاوية وزوارة وصبراتة.

ولم يتم حل الوضع بشكل كامل وحتى بعد الاتفاق وقعت اشتباكات في صبراتة بين غرفة عمليات محاربة داعش، وميليشيات اللواء 48 وحلفائها.

واتهمت الغرفة اللواء 48 التابع لحكومة الوفاق، بالتورط في تهريب البشر ويضيف الموقع أن الجيش الوطني الذي قال إن الغرفة تتبعه فعال في وقف تدفق المهاجرين العابرين من شمال شرق البلاد.

الهجرة غير القانونية

وعلى الرغم من الاتفاق مع إيطاليا، ظل مهربو البشر مشكلة حادة في شمال غرب ليبيا، حيث توجد جماعات مسلحة موالية لحكومة الوفاق أو المؤتمر الوطني العام في طرابلس – وميليشيات “مارقة” تقع خارج نطاق سيطرة الحكومة وبدون تمويل حكومي.

وبدون الدعم الحكومي، تعتمد هذه الميليشيات المارقة على دخلها من الاتجار بالأشخاص وتهريب النفط والأسلحة. وبحسب أحد المحللين، يمكن لعصابات الاتجار التي لها صلات مع الميليشيات الليبية في الجنوب أن تطلب ما يتراوح بين (800 إلى 1100 دولار) لنقل المهاجرين إلى طرابلس.

وإذا لم يتمكن المهاجرون من الدفع، فإنهم يسلمون مباشرة إلى الميليشيات المارقة التي تضعهم في بيوت آمنة مملوكة لعصابات مسلحة. وهناك عادة ما يحاول المهاجرون الاتصال بأهلهم، ويطلبون منهم المال ثمنا للإفراج عنهم. وإذا لم تتمكن أسرهم من الدفع، تقوم الميليشيات ببيعهم إلى الليبيين الأثرياء الذين يحتاجون إلى عمالة رخيصة في مزارعهم أو في مواقع البناء. وهؤلاء المهاجرون الأفارقة في الواقع يصبحون عمالا مستقلين لليبيين الذين لا يقدمون لهم سوى القليل من الأجر للعمل الذي يقومون به. كما قد يتم تمرير البعض كرقيق بين الميليشيات المختلفة، في حين يباع الأكثر حظا إلى الليبيين الأثرياء ويصبحون عمالا يمكنهم في نهاية المطاف كسب ما يكفي من المال لدفع هروبهم من البلاد. وينتهي آخرون في أيدي الميليشيات الموالية للحكومة التي تضعهم بعد ذلك في مراكز احتجاز تنتظر الترحيل.

الهجرة غير القانوية

وفي حين تم إغلاق الطرق الرئيسية إلى أوروبا على السواحل الغربية لليبيا بشكل فعال بفضل صفقة أغسطس، فُتحت طرق أخرى في مناطق مثل القربوللي، ومع ذلك، في حين يستمر التدفق عبر البحر الأبيض المتوسط، فإن معدله أقل من ذي قبل.

وفي حين شهدت حكومة الوفاق بعض المكاسب من حيث سيطرتها على الأراضي، فإن عدد المهاجرين الذين يدخلون البلاد يتزايد بوتيرة أسرع من قدرة الحكومة على تسهيل عمليات الترحيل، مما يؤدي إلى اكتظاظ مراكز الاحتجاز في ليبيا. وفي محاولة للتخفيف من حدة المشكلة مؤقتا، حاولت الحكومة تحويل المستودعات والمباني غير المستخدمة إلى مراكز احتجاز جديدة، وتقدم أموالا لأصحابها .

ويعني الاكتظاظ أيضا أن هناك فرصا أكبر للميليشيات المارقة للقبض على المهاجرين، ومع تزايد البطالة والعدد المتزايد من المهاجرين الذين يصلون إلى ليبيا، فإن الميليشيات المارقة أصبحت الآن في أغلب الأحيان تتاجر بالمهاجرين فيما بينها، على ما يبدو لاستخراج المزيد من الفدية من الأسر. وفي كثير من الحالات، يترك المهاجرون للموت إذا لم يتمكنوا من دفع الفدية.

تهريب البشر

غياب السيطرة في الجنوب

يقول التقرير إن منطقة فزان الجنوبية في ليبيا، حيث يدخل العديد من المهاجرين لأول مرة عبر الحدود مع النيجر، تُعتبر مفتاحا لشبكة الاتجار بالبشر. وحتى قبل انتفاضة عام 2011 ، كانت طرق التهريب والاتجار بالبشر مزدهرة.

ويخضع جزء كبير من فزان للسيطرة الفعلية من القبائل الجنوبية، ومعظمها من التبو والطوارق. الذين ليس لهم ولاءات قوية لأي من الحكومات الثلاث التي تتنافس للسيطرة على ليبيا. وهم يعملون مع الوفاق في طرابلس، ولكن أيضا مع المشير حفتر، لكنها تعلن عداءها علنا للمليشيات الإسلامية.

في حين أن التبو والطوارق يسيطران إلى حد كبير على منطقة فزان، فإن القبائل الصغيرة الأخرى تشارك أيضا في طرق التهريب نحو طرابلس. ويضاف إلى ذلك عدد من المهربين والمتاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهم أساسا من أصل نيجيري وغاني، يعملون في جنوب ليبيا حيث يستولون على المهاجرين عند وصولهم إلى البلد. وتفيد التقارير بأن هذه العصابات تعمل من مستودعات تقع في القطرون وأوباري وسبها ومرزق، وعادة ما تكون مسلحة من قبل الميليشيات المارقة التي غالبا ما تكون مرتبطة بأحد القبائل الجنوبية.

الوطنية لحقوق الإنسان بيع البشر كارثة وليبيا كبش فداء
صورة أرشيفية

ويقول الموقع إن غالبية عصابات التهريب على الحدود الجنوبية يرتبطون مع أفراد قبيلة التبو (أو يعملون معهم). ويقوم قادة التبو، مثل أدامو تشيكي وأبو بكر السقي، بجمع مبالغ نقدية للسفر من الحدود إلى مدينة سبها. ثم ينظم أفراد قبيلة أولاد سليمان وقبيلة المقارحة التهريب من سبها إلى شمال غرب طرابلس. ويتحكم المتاجرون من قبيلة المقارحة بشكل خاص في الطريق الرئيسي من براك الشاطئ إلى الشويرف. بينما يشارك الطوارق بشكل أكبر في تجارة منطقة أوباري.

وفي أعقاب اتفاق أغسطس المبرم بين إيطاليا وحكومة الوفاق، اتهمت الحكومة بتمويل الميليشيات المسؤولة عن التهريب والاتجار في صبراتة بأموال من إيطاليا. ونفت الحكومة الإيطالية هذه الاتهامات، ولا سيما إنكار أن الأموال وجدت طريقها إلى ميليشيا “أنس الدباشي”، التي كانت معروفة بشكل خاص لأنشطتها المتعلقة بالتهريب والاتجار بالبشر.

ووجهت اتهامات مماثلة بشأن القبائل في الجنوب من قبل منظمة “فزة” واتهمت حكومة الوفاق بدفع أموال إلى التبو على الحدود الجنوبية لوقف أنشطة التهريب والاتجار بالبشر. ومع ذلك، فإن الدفع القبائل من المرجح أن يكون حلا مؤقتا فقط، وبمجرد أن تصبح الأموال نادرة، سيصبح التهريب مرة أخرى مصدرا للدخل.

وتشمل المضاعفات الأخرى صعوبة الكشف عن الميليشيات المسؤولة. وقد واجهت السلطات الليبية صعوبة في تمييز ميليشياتها الموالية للحكومة من الميليشيات المارقة لأنها غالبا ما ترتدي الزي الرسمي نفسه الذي يباع في المتاجر المحلية، وعادة ما تكون مسلحة بأسلحة من طراز أك-47 متوافرة بسهولة في السوق السوداء.

ومع ذلك، تمكنت السلطات الليبية من القبض على المهربين مثل فهمي سليم. المعروف باسم “ملك التهريب”، وكان واحدا من المهربين الأكثر شهرة في غرب ليبيا. ويعتبر اعتقاله مؤشرا على أن بعض الأموال الإيطالية على الأقل قد بدأت في التصدي للخارجين على القانون ومع ذلك، فإنه لا يزال من الصعب على حكومة الوفاق أن تنهي قضية الهجرة بشكل فعال. وبدلا من ذلك، تعتمد على الميليشيات ذات الولاءات المتقلبة.

جماعات المسلحة

لا نهاية في الافق

وينهي التقرير بأن الانقسام السياسي في ليبيا لا يزال المشكلة الرئيسة أن الميليشيات المارقة والعصابات ما زالت تستفيد من شبكات التهريب الليبي والاتجار بالمهاجرين، وهو وضع من غير المرجح أن يتغير نظرا لأن حكومة الوفاق تفتقر إلى الموارد والسيطرة الفعالة الكافية لمعالجة هذه القضية.

ولا تزال المناطق الشمالية الغربية والجنوبية على وجه الخصوص تخضع لحكم الميليشيات وتخضع للتنافس القبلي. كما أن دعم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيطاليا لحكومة الوفاق لإنهاء الأعمال التجارية المهاجرة أمر محفوف بالمخاطر، لأن مجال الحكومة يقتصر إلى حد كبير على طرابلس ولأن القبائل الجنوبية لا تزال مستقلة. وأنه على الرغم من أن الجيش الوطني الليبي، بقيادة حفتر، قد حافظ على سيطرته في الشرق الليبي، إلا أن الميليشيات المختلفة في شمال غرب البلاد تحاصره وتعمل ضده. ويثير هذا التنافس التأثير . وهذا التنافس بتأثير العناصر الفاعلة خارج ليبيا. وأشار التقرير إلى أن العديد من الميليشيات الإسلامية في الغرب تدعمها قطر. وفي هذا السياق، يستمر الاتجار بالبشر في زعزعة الاستقرار من خلال التنافس بين الحكومة والقبائل والميليشيات.

المصدر
MODERN TOKYO TIMES

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى