مقالات مختارة

الملف الليبي يقطع حبال الود بين قيس سعيد وراشد الغنوشي

خالد هدوي

رفض أجندات النهضة
يؤكد تسجيل صوتي لرئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي يتهم فيه الرئيس التونسي قيس سعيد بعدم الإلمام بالملف الليبي تنامي الخلافات بين الطرفين في ظل تشبث حركة النهضة وزعيمها بدفع تونس نحو الاصطفاف مع حكومة الوفاق في ليبيا ومن ورائها محور قطر وتركيا وهو ما ترفضه تونس.

تونس- أظهر تسجيل صوتي مسرب لزعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي يهاجم فيه الرئيس التونسي قيس سعيد مدى تفاقم الخلافات بينهما بسبب الملف الليبي، حيث تستميت الحركة في دفاعها عن حكومة الوفاق وعن ضرورة اصطفاف تونس خلفها.

وانتقد الغنوشي بلهجة حادة، خلال اجتماع مجلس شورى الحزب الأخير، تصريحات الرئيس التونسي التي أدلى بها من فرنسا بشأن شرعية حكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين في ليبيا، في تسريب كشف كذلك مدى احتدام صراع الأجنحة داخل حركة النهضة.

ونشرت إذاعة موزاييك الخاصة هذا التسريب لتكذب بذلك تصريحات لقيادات في النهضة تنفي وجود خلافات بين سعيد والغنوشي.

واتهم الغنوشي في التسجيل سعيّد بعدم إلمامه بالشأن الليبي مشيرا إلى أن حديثه عن إشراك القبائل الليبية في حل الأزمة غير واقعي وغير قابل للتطبيق، معتبرا تشبيه الصراع في ليبيا بما حدث في أفغانستان فيه تحقير للشعب الليبي.

ويرى مراقبون أن الخطير في المسألة استخدام راشد الغنوشي عبارة مهينة ضد الرئيس سعيّد والإساءة له كمسؤول أول عن دواليب السياسة التونسية ومواقفها.

هيكل المكي: النهضة تريد جرّ تونس نحو الصراع الليبي مع حليفتها تركيا
وسبق أن دعا سعيّد خلال زيارته إلى فرنسا مؤخرا إلى إرساء شرعية جديدة في طرابلس محل الشرعية المؤقتة الحالية، في إشارة إلى حكومة الوفاق، ما يدل على بوادر تغيّر بدأت تظهر في الموقف التونسي من الصراع الليبي.

في المقابل وجّه إسلاميو ليبيا وتونس على حد السواء انتقادات لاذعة لسعيّد، وصلت إلى حد توجيه تهديدات له، لكن سعيد ظهر مصرا على مواقفه السياسية الرافضة للتدخل الأجنبي في ليبيا ما جعله يحظى بتأييد داخليا وخارجيا.

وفي تعليقه على تهنئة الغنوشي لفايز السراج بسيطرة ميليشياته على قاعدة الوطية الجوية وصف سعيد هذه الخطوة بـ”الخطأ”. وقال سعيد في خطاب موجه للغنوشي بمناسبة عيد الفطر المنقضي “لتونس رئيس وحيد في الداخل وفي الخارج“.

وكانت قوى سياسية مختلفة طالبت الرئيس سعد بوضع حد لتجاوزات الغنوشي وإخلالاته صحبة حركة النهضة الإسلامية، إثر تقديم رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي لائحة لرفض التدخلات الأجنبية وخاصة التركية في ليبيا والاصطفاف في سياسة المحاور وهي لائحة رفض البرلمان تمريرها.

وأكد النائب عن حركة الشعب هيكل المكي، في تصريح خاص لـ”العرب” أن العلاقة بين سعيّد والغنوشي متوترة منذ مدة، حيث يحاول الغنوشي السطو على الصلاحيات في ما يخص الدبلوماسية والعلاقات الخارجية.

وأضاف هيكل المكي “نبهنا مرارا إلى أن تلتزم مؤسسة البرلمان بالقانون الداخلي، لكن الغنوشي لا يفوت أي فرصة لانخراط النهضة في اللعبة مع حكومة السراج، وهي حكومة غير حقيقية.. النهضة تريد جرّ تونس نحو الصراع الليبي مع حليفتها تركيا”.

ويأتي هذا التصعيد من الغنوشي ليشوش على مساعي بلاده للانضمام إلى جهود دولية لإرساء هدنة دائمة في ليبيا، بينما ترفض أنقرة التي تدعم حكومة الوفاق وحركة النهضة معا هذه الجهود وتدفع نحو مهاجمة تمركزات الجيش الوطني الليبي في مدينة سرت الاستراتيجية في محاولة للسيطرة على مقدرات الشعب الليبي، حيث تفتح السيطرة على سرت الباب بمصراعيه أمام منطقة الهلال النفطي.

من جهة أخرى، يبدو أنها ليست المرة الأولى التي تسقط فيها قيادات النهضة في فخ التسريبات، حيث سبق أن أثار الغنوشي لغطا كبيرا في تأكيده إبان حكم الترويكا خلال اجتماعه مع قيادات سلفية أن الجيش الوطني والأمن غير مضمونين، وهو ما عكس تنامي مخاوف النهضة من المؤسستين العسكرية والأمنية في تونس.

اتهم الغنوشي في التسجيل سعيّد بعدم إلمامه بالشأن الليبي مشيرا إلى أن حديثه عن إشراك القبائل الليبية في حل الأزمة غير واقعي وغير قابل للتطبيق
وتكشف ظاهرة التسريبات من اجتماعات النهضة عن تعمق الخلافات داخلها، حيث طالب عضو مجلس الشورى سيد الفرجاني بضرورة تشكيل لجنة تحقيق للكشف عن الجهات المسؤولة عن التسريب، وهو ما يكشف صراحة عن وجود انشقاقات وخلافات داخلية في النهضة بدأت تظهر إلى العلن وتكشف المستور.

ويتركز الخلاف حول قيادة الحركة في ظل رفض الغنوشي ترك مركزه، وخاصة احتكار مواقفها.

وتشهد الحركة جدلا واسعا، حيث ترفض أعداد كبيرة من القيادات التاريخية بقاء الغنوشي لدورة جديدة في قيادة الحركة، لكونه أنهى المدتين النيابيتين اللتين وفرهما له المؤتمر التاسع ولم يعد له الحق قانونيا في الترشح، خاصة أنه ظل في منصبه لمدة تقارب نصف قرن.

وتسبب رفض الغنوشي التخلي عن رئاسته للحركة في استقالات هزتها في الآونة الأخيرة، حيث انسحبت منها قيادات بارزة على غرار عبدالحميد الجلاصي وعضو مكتب الغنوشي زبير الشهودي وغيرهما.

المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى