مقالات مختارة

المشكلة والحلول المتعددة

عبدالعظيم البشتي

أيّ مشكلة لها بالضرورة حلول متعددة ، أو بالأحرى عدة مستويات لشكل الحل ، وهذا التعدد لشكل ومستوى الحلول لا يعود للرغبة ( وإلا لكنّا نرغب جميعا في أفضل الحلول ) ، لكنه يعود لمستوى التعقيدات والصعوبات والإشكاليات المحيطة بالمشكلة ، والتي علينا أن نسعى ونحاول أن نصل لأفضل الحلول الممكنة لها في ظل كل هذه التعقيدات ، وأيضا على أن نحاول أن نصل إلى الحل المنشود والواقعي بأقل الأضرار .
من هذا المنطلق ما هي أفضل الحلول الممكنة والواقعية لما تعيشه بلادنا من أزمة حادّة طالت ؟ ، والتي سينتج حتما عن استمرار عدم قدرتنا على الوصول إلى حل لها ، مزيدا من المعاناة لأهلنا ، وربما المزيد من خراب هذا الوطن وإفلاسه وحتى تفككه ، وعجزنا في مرحلة لاحقة حتى عن تطبيق الحلول التي بين يدينا وفي متناولنا الآن ، ونندم حيث لا ينفع الندم .
أطراف الأزمة الليبية متعددة ، لكن بعض أطرافها خلافهم سياسي – أي خلاف في الرأي ووجهات النظر فقط ، مهما كان حجم الاختلاف – ، وأطراف أخرى تنتهج طريق التعنّت والإرهاب ومحاولة فرض الرأي بقوة السلاح ، وهذه ستفرض بالطبع على المختلفين معها ضرورة استخدام نفس السبيل – أي السلاح – ليس قناعة بل دفاعا عن النفس . في ظل هذه الظروف على كل الأطراف والقوى التي تتبنّى وتنتهج سبيل الصراع السلمي أن تجلس لطاولة الحوار وتتناقش من أجل الوصل إلى حل وسط يتطلّب بالضرورة التنازلات المتبادلة دون مكابرة أو غطرسة أو التشبّث بزعم ضرورة حل الصراع عسكريا ، أو حتى بوهم قدرة هذا الطرف أو ذاك على ذلك ، لكل ذلك أنا أرى إن هذا وحده ما سيوصلنا إلى حل سريع من شأنه أن يحقن الدماء ويقلل الخراب ، ويوقف إمكانية ذهاب هذا البلد إلى المجهول من تفكك وإفلاس كامل .
ويبقى أخيرا اضطرار هذه القوى التي تجنح إلى السلم والحوار إلى تبنّي الخيار العسكري ، وفقط ضد القوى والأطراف التي لا تؤمن بالحوار والوصول إلى حل وسط ، معتقدة إنّها قادرة على حسم المعركة لصالحها والسيطرة على الوطن .
هذا التصوّر للحل يقتضي أولا تجريد كل الميليشيات من سلاحها – وهو المعضلة الكبرى التي علينا الاتفاق على ضرورة حلّها أو هزيمتها – ، وذلك لأن الأعزل من السلاح لن يكون ندا للمسلّح في أيّ حوار ، مهما ادّعى حامل السلاح من إيمانه بالديمقراطية والحوار ، ووضعية كهذه – طرف مسلّح وطرف أعزل من السلاح – لن تحقق بالتالي الحلول الوسط التي وحدها تعكس النديّة التامّة ، وترضي الأطراف جميعا دون أيّ إحساس بالظلم والضيم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصفحة الشخصية- فيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى