كتَـــــاب الموقع

المستشار المُسَيَّس

سليمان البيوضي

بعد أن خفتت أصوات #الفوضويين ، حان الوقت للحديث عن الظهور الإعلامي للمستشار مصطفى عبدالجليل بجزئيه ، فبالرغم من اختفائه عن المشهد لمدة طويلة ، إلا ان ظهوره بين لأي مدى يحتفظ الرجل بإرث #شعبوي داخل ليبيا .

كان أول ما شنته الآلة الإعلامية المتضررة من ظهور المستشار ، هو التهجم على السيدة #هدى_السراري ، و من ثم التأويل في توقيت الظهور ، و ربطه بالإنتخابات و الاستعداد لها ، و التي تعلم القوى المتضررة أنها لن تأتي بسهولة أو قد #لا_تأتي أبدا .

بالتالي فإن الهدف لم يكن هجوما لأجل الهجوم ، بل عمل حرفي غايته الوصول للشك و الريبة لدى المُتلقِّي ، فالتشكيك بالنوايا و قلب الحقائق ، سيغذي الشارع بنتائج #مشوه ، و سيعزز من فرص التضليل ، التي تمارسها آلة الإسلام السياسي الدعائية و الإعلامية منذ مدة .

إن عمليات كسر العظم ، التي يتعرض لها الإسلام السياسي في المنطقة ، و عمليات انحساره في #ليبيا_اجتماعيا ، جعلته غير قادر على التعامل مع مقابلة المستشار مصطفى عبدالجليل بعقلانية ، فالمستشار بظهوره استعاد وضعه #لا_غير ، و هو لم يهاجمهم وحدهم ، بل أثر في زاوية بعيدة على بعض خصومهم السياسيين ، و همز فيهم ، من حيث يدري او لا يدري ، لكنه الإحباط و الإنكسار و الإختلال لدى قوى الإسلام السياسي ، الذي جعلهم يشنون حملة عنف و كراهية ، أما #مشاريع_العنف و التهديد و الوعيد التي يطلقونها أظهرت سوءاتهم و كشفت أي #غل يحملون .

المستشار مصطفى عبدالجليل ، خلال عامين حكم فيهما ليبيا ، كان يصر على أنه ليس سياسيا ، و هو ما حاول إثباته في المقابلة ، و ذكَّرنَا به ، لكن الشيخ فتح الباب أمام تساؤل كبير ، لأي مدرسة فكرية و سياسية ينتمي الشيخ ، و من كلّفه أو اقترحه لرئاسة المجلس ، فهنا #مربط_الفرس ، و لنعرف على الحقيقة خبايا الثورة او التغيير او المؤامرة .

المستشار عبدالجليل في مقابلته ، لم يقل شيء ، بل اجتهد بتفسير الماء بالماء ، فبعد سنوات الدم و الدموع الليبية باتت الأمور أكثر وضوحا للشارع ، إلا بقية باقية تصر على أن تبقى ضالة مضلة ، و لن #تستفيق_أبدا .

الشيخ بظهوره أثبت قدرته على أن يكون رقما سياسيا صعبا في المعادلة الليبية #بعد_فبراير ، و قادرًا على قلب الطاولة في أي وقت ، ما فعله #عمليا هو أنه استرجع إرثه في الشارع الليبي ، فكلامه على الإسلام السياسي و برقه ليس إلا تأكيدا لمسلمات ، و لكنه أجهز على قوى وطنية في مدن أخرى من ليبيا ، فالذكرى و التذكير عادة ما تكون #مؤلمة .

المستشار الشيخ كان #وَادِعًا و #هادئا و #لطيفا ، و مارس الضغط على الإعلامية هدى السراري تارة ، و #الإستطراد غير المبرر و خارج النص في أكثر من موقف ، ليخفف #حِمْله و يحرجها ، و بعيدا عن المستشار ، فإن السياسي المدرب يمكنه أن يفعل ذلك .

لقد مثل #اعتذار المستشار محطة فارقة و نقطة مهمة سيرتكز عليها في قابل الأيام ، و كشفه المستور في ملفي اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس ، و اختيار الصديق الكبير محافظا لليبيا المركزي إضاءة مهمة ، ستتحول لاحقا لعواميد المحاسبة و الرصد و التتبع ، و كذا لنعرف على الحقيقة من تآمر علينا أثناء محاولة #التغيير .

المستشار خلال مقابلته بين #عمق_أزمتنا ، رغم قلة ما قال ، و بين الطرق المنهجية التي مارستها قوى العنف الثوري الإسلاماوي ، لتمرير مشاريعها الظلامية القاتلة ، إن مبدأهم بصناعة دوائر التأثير حول #المستشار_المسيَّس ، كان أقصر الطرق للحكم من وراء ستار .

المستشار دخل بِنَا لعمق البناء الإسلاماوي في تمرير المشاريع ، و بالقدر الذي حُقَّ #التعاطف_معه ، فإنه سمح لمعارضيه وقت الانتقالي أن يشعروا براحة الضمير ، فما كان من المقدسات و لا يمكن المساس به ، كان في الواقع أداة لمشروع حكمنا باسم الله ، و بوابة لتحويل ليبيا و ثرواتها و مواردها لبيت مال للمسلمين ، و مركزا لبعث الخلافة الإسلاماوية ، و حري بِنَا اليوم أن نستفيد من هذا #الدرس_القاسي ، لبناء دولة خالية من العصائب الفكرية ، المستنيرة برؤى علمائها الربانيين ، أولئك المُنزَّهون عن البشر و #المتعففون عن حكمنا بصناديق الإقتراع ، أولئكم #المتربصون بِنَا لاقتيادنا لنشهد عمليات الصقل و القطع و الذبح و تنفيذ أحكام الله ، بميادين #العدالة_السماوية .

المستشار عبدالجليل بشهادته لم ينجوا بنفسه ، و لن ينجوا بِنَا ، فقد وقع الفأس في الرأس ، و ها نحن ندفع ثمن تغلغل قيادات التطرّف في جسد الثورة ، فعطلوا الشرطة و الجيش و اخترعوا الدروع و اللجان الأمنية ، و عززوا العنف الثوري ، و #خدعونا ، نعم خدعونا بالمستشار الشيخ ، و خدعوا غيره من الساسة و المسؤولين ، و نجحوا في وضع #متاريس الحرب بين المدن و القبائل و خلقوا الفراغات ليتمددوا فيها ، بالفساد و الفوضى و الإرهاب .

إن إضاءات المستشار تمثل نهايات #الوعي_الجمعي ، و بلورة انتصار الإرادة الوطنية على قوى الضلال و الظلام ، و وجب القول بأن الشيخ فعلا لم يخرج من أجل الانتخابات ، و إنما خرج يبرر لنفسه و لأهله ، و هو يسعى لعودة آمنة لبيته و أهله في البيضاء ، لكن ردود الفعل و حجم الإستقطاب من ظهوره قد يجعله يستهوي اللعبة من جديد .

و أخيرا : فإن ما أثارته المقابلة نجاح مهم لقناة ليبيا 218 ، و أضحت المقابلة وثيقة تاريخية ستعزز من فرص استعادة ليبيا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى