أخبار ليبيااهم الاخبار

“الكسكسي” يُعيد الجدل”الثقافي” في ليبيا بعد احتفالية غدامس

أعادت الاحتفالية التي احتضنتها مدينة غدامس، يوم أمس الجمعة، لتحضير أكبر طبق كسكسي في العالم، إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” بإدراجها “الكسكسي” ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، بطلب من الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس، وفي غياب ليبيا.

واحتفل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بهذا الحدث، الذي أعاد الجدل من جديد، ولكن بشكل مختلف هذه المرة.

ورأى نشطاء، أن إعداد أكبر طبق للكسكسي في هذه الفترة، يعدّ إسرافًا ولا تحتاج إليه ليبيا، وأن الأفضل توزيع قيمة الطبق أو توزيع الوجبة الضخمة من الكسكسي على المحتاجين.

وفي المقابل، اعتبر آخرين أن هذا الطبق يعدّ ردًا مباشرا على اليونسكو، بعد إعلانها في ديسمبر العام الماضي.

وأعلن “فريق آويس للرحلات ” في الخامس عشر من شهر مارس الجاري، عن فكرته لإعداد أكبر طبق للكسسكي، بمشاركة المجلس البلدي غدامس.

ويعتبر هذا الحدث الذي رأى فيه بعض، أنه أعاد الاعتبار للوجبة المغاربية التي تتشارك فيها ليبيا، حدثا مميزا، ولهُ قيمة معنوية وثقافية تُرسّخ أهمية التراث غير المادي.

الدبلوماسيّة الثقافيّة:

وعلّق الكاتب حسام الثني، على الحدث بقوله:”تابعت تعليقات واجد بخصوص مبادرة ناشطين ثقافيين في غدامس لإعداد طبق كسكسو ضخم، والسعي لتسجيله في موسوعة جينيس. وكثير من هذي التعليقات كان يرى أن هذه المبادرة عبثية.. أنا نبي نوجه اهتمام المتابعين إلى مبدأ مهم في السياسة الثقافية معروف بـ”الدبلوماسيّة الثقافيّة”.

وأوضح الثني عبر صفحته على الفيسبوك، أن هذه الثقافة، “جزء مهم من الدبلوماسية العامة للدولة وللمجتمع المدني، وهي باختصار توظيف وسائل التواصل الثقافي وتبادل الأفكار والرسائل المعنوية مع العالم لتعزيز المكانة أو الحصول على مكتسبات سياسية واقتصادية وأمنية، واللي تجي بـ(التراكم) وبحماية عناصر الثقافة المحلية وبلورتها و(عولمتها) مهما كانت تبدو بسيطة وجانبية”.

وأكد الكاتب الليبي، أن “تَقدُّم أي مجتمع يمكن قياسه بمدى إسهام ثقافته المحلية في عموم الثقافة العالمية، مش بس من حيث التقنية، إنما أيضا من حيث المعارف والأسس الفكرية والفلسفية و(الرمزية) اللي أنتجت هذه التقنيات. ليبيا دولة ما عندهش دراما ولا سينما، ليبيا تقتات ع اللي تجيها من برا، ومضطرة تشرب دون ما يكون عندها فرصة للتبادل الثقافي الندّي اللي يضمن عدم العبث بالرأي العام متاعها وتوجيهه ضد المصلحة الوطنية.. ((الأمن الثقافي الليبي في خطر))، والأمن الثقافي من أركان الأمن القومي، زي الأمن الغذائي والحدودي والاقتصادي والصحي”.

ورأى الكاتب حسام الثني، أن “ليبيا دولة ما عندهش قناة بحجم الجزيرة أو روسيا اليوم، ولا عندها فريق كرة قدم بحجم البرازيل أو الكاميرون، ولا مطربة بحجم فيروز، ولا إرث روحي يردع المدّ السلفي، ولا عندها مهرجانات دوليّة تقدر تغيّر الستيريوتايب. كل اللي يعرفه العالم عن ليبيا من نشرات الأخبار هو الاقتتال والفساد والانغلاق، وهي صورة أضرت بالإنسان الليبي وحرماته من امتيازات وحقوق واجد. ومازال حتأثر أكثر وأكثر على حالته الأمنية والاقتصادية والإنسانية عموما”.

وأضاف الثني، في تعليقه حول إعداد أكبر طبق كسكسي في العالم، “ليبيا دولة تأخرت واجد في بناء (قوّة ناعمة) تضمن لها تحقيق مصالح إقليمية ودوليّة، وتأخرت واجد في الانضمام إلى اتفاقية اليونسكو 2003 لصون التراث الثقافي اللامادي، ومازال لصبح اليوم ما انضمتش لاتفاقية اليونسكو 2005 لحماية تنوع أشكال التعبير الثقافي”.

وأشار الثني، إلى أن “طبق غدامس خطوة مبدئية مهمة وضرورية – على بساطتها – لإدخال ليبيا ضمن الدول المغاربية اللي سجلت عالميا أنها موطن أكلة الكسكسو، بحكم أنها الدولة المغاربية الوحيدة المستثناة من هذا الاستحقاق اللي مش ممكن الحصول عليه دون ما تكون أصلا جزء من العالم ومصادق على اتفاقياته. طبق غدامس خطوة مهمة لحماية الموروث الليبي الثقافي، واللي مش ممكن دون حماية كل تفصيل ثقافي صغير أو كبير وعولمته بكل الوسائل. طبق غدامس يرسل رسالة مش للعالم الخارجي بس، إنما أيضا للقائمين على القطاع الليبي الثقافي الحكومي والمستقل اللي لازم يطورو حراكهم الدبلوماسي الثقافي ويستثمرو في أصحاب المبادرة وفي أهل غدامس وأهل هون وأهل كل المناطق اللي عاشو على السياحة ويعرفو كويس شن يعني صورة معنوية، وعندهم مهرجانات موسمية لها جذور تاريخية مرتبطة بالزراعة والتبادل التجاري قبل السياحة (وبالحاجة المجتمعية الحقيقية)، ويسثتمرو في أكاكوس وقورينا ولبدة وغيرها، يستثمر في الشاب رحّاليستا، والعتيق الكوني، والحصادي، وفكرون، والمزداوي، ونجوى بنشتوان، ومطاوع، والأصفر، وأحمد يوسف عقيلة، وهشام عرّيش، وعلي فالح. يستثمرو في المرسكاوي والمالوف والغيطا والعَلَم، والزكرة والكاسكا والمثرودة والبازين والفتات. ويحمو دار الفنون ومركز المخطوطات ومدنهم القديمة ويصونو موروثهم وأمنهم الثقافي”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى