مقالات مختارة

الفيتوري: حل السيولة “الكي”

عطية الفيتوري

فكرت طويلا قبل ان اقرر اعلان رأي هذا ، وانا اعتبر نفسى متخصصا فى الشأن الاقتصادى ، ولى خبرة اكاديمية ، وعملية ، لأكثر من اربعين عاما الآن . وارى لزاما علي من الجانب الاخلاقى والجانب الوطنى ان ابدى رأى فيما يتعرض له الاقتصا الليبي من ازمات .

الموضوع الذى اريد طرحه هو مشكلة السيولة التى لا ارى لها حلا قريبا ، لأن الانقسامات والتجاذبات السياسية يبدو انها ستستمر لسنة او سنتين او حتى اكثر من ذلك ، كما ان المواطن يعانى من هذه المشكلة التى ينفرد بها الاقتصاد الليبي دون غيره من اقتصادات الدول الاخرى ، لأكثر من ثلاث سنوات الآن .

لم تنفع ممارسة الاقناع الادبى على الذين يكتنزون الملايين بل عشرات الملايين واكثر من الدنانير فى خزائنهم ، ولم تمنعهم رؤيتهم لمواطنيهم وهم يتسولون جزء من مرتباهم نقدا امام المصارف ، وهم بحوزتهم الملايين التى سوف لن تنقص إن تم ايداع جزء منها فى الجهاز المصرفى .

لذلك لايستطيع المصرف المركزى فى طرابلس او البيضاء الاستمرار فى طبع النقود الورقية وتوزيعها على المصارف لسد طلب الزبائن على النقود ، ولا ترجع دورة النقود الى المصارف مرة اخرى ، ونحن نعلم ان النقود خارج المصارف الآن تفوق 36 مليار دينار ( النقود المصدرة من طرابلس والبيضاء ) .

لأن ذلك يعد دمارا للجهاز المصرفى بل وللاقتصاد ككل .

كما سبق وان قلت هذه المشكلة ينفرد بها الاقتصاد الليبي بسبب الاوضاع السياسية ، وردة فعل الاغنياء فى هذا البلد ، وهناك مثل اسوقه الآن وهو. ” اخر الدواء الكي ” يعنى ” الكوى ” .

وبذلك لانقاذ المساكين ، والبسطاء ، والذين لاوساطة لديهم ، والذين يحافظون على كرامتهم فى هذا البلد .

على المصرف المركزى فى طرابلس بالذات ، وهو من لديه الاحياطيات ، ومن لديه حسابات الحكومة التى تغذى من ايرادات بيع النفط ، عليه تغير العملة المتداولة الآن خارج المصارف كلها او جزء منها ، فيمكن مثلا ابطال الاصدار السادس والسبع من فئة العشرة دينار والخمسة دينار ، الذين تم اصدارهما فى النظام السابق ، وهذين الاصدارين يمثلان اكثر من 20 مليار دينار موجودة فى البيوت .

ويمكن للمصرف ابطال الفئات الاخرى ، ورقة العشرين ، وورقة الخمسين دينار .

هذا الحق مكفول للمصرف المركزى ومن حقه متى رأى ان ذلك فى مصلحة الاقتصاد ، وعليه فى هذه الحالة الاعلان عن ذلك واعطاء مهلة شهرين على الاقل قبل ابطال اى فئة نقدية ، وذلك طبقا لنص المادة 34 من القانون رقم ( 1 ) لسنة 2005 بشان المصارف المعدل بالقانون رقم (46) لسنة 2013 .

لماذا لا يمارس المصرف المركزى فى طرابلس هذا الواجب عليه ، لتخليص اكثر من 6 مليون مواطن من هذه المشكلة . قد يكون ذلك بالتعاون من مركزى البيضاء ، فهو لن يمانع فى ذلك ، بل سبق له اتخاذ هذا الاجراء فى بداية عام 2017 ، الا ان عدم تعاون مركزى طرابلس افشل القرار .

لو اتخذ هذا القرار سترى طوابير المودعين ومئات الملايين من الدنانير التى يتم ايداعها يوميا فى المصارف . وهنا يمكن السماح بالسحب النقدى لأى شخص من حسابه فى حدود 5000 او حتى 10000 دينار شهريا ، وفيما بعد عند استقرار الامور تتم ازالة سقف السحب .

هذا لا يعنى مصادرة اموال الناس فالاموال محفوظة لهم ، ولكنه اجراء لحل مشكلة المجتمع ، ونحن دائما فى الاقتصاد نغلب مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد ، ونرى ذلك فى فلسفة الضرائب التصاعدية ، والدعم بجميع انواعه ، وبرامج اعادة توزيع الدخل …الخ .

بعض الناس قد لا يتفقون معى فى ذلك ولكنهم اقلية وهم من يخزنون الملايين فى بيوتهم ، ومن يملك الملايين خارج البلاد للمتاجرة بها بعيدا عن القانون ، ومن يتعامل بغسيل الاموال ، ومحتكرى الاسواق ، كلهم سيعارضون ذلك لأن هذا الاجراء لا يصب فى مصلحتهم بل هو من اجل اكثر من 95% من المجتمع .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى