كتَـــــاب الموقع

الغراب والذئب والكهرباء!

طفل يموت من البرد، لماذا؟ لأن الكهرباء مقطوعة، لماذا؟ لأن صمام الغاز المغذي لمحطة رئيسية في مدينة ما أغلق، لماذا؟ لأن مجموعة مسلحة ما خطفت مواطنين من تلك المدينة، لماذا؟ لأن مجموعة مسلحة أخرى صادرت تبغًا يجب أن يصل إليهم. وهكذا تدور الدائرة دون أن يسأل أحد عن الطفل.

تطابقت هذه القصة لدي مع أسطورة تباوية أخبرني بها صديقي، تحكي الأسطورة أن الذئب والغراب تلاسنا، فقال الذئب للغراب: سأجدك يوماً ما وأنت تبحث في القمامة، ضحك الغراب ورد عليه: سأجدك يوماً ما وأنت تتدفأ بضوء الشمس خوفاً من الصقيع.

وفي أحد الأيام بينما كان الذئب يستدفئ بضوء الشمس في الصحراء أخذ الغراب صخرة ورماها فوق رأس الذئب فسحن دماغه حتى طار جزء منه ودخل في عين الثعبان، قفز الثعبان في سروال الخادم الذي كان يغرف من البئر، خاف الخادم وخلع سرواله بينما كانت سبع فتيات عذراوات ينظرن إليه، ضحكت العذراوات على الخادم حتى تشققت أفكاكهن. عندما رأت السماء المشهد استاءت فأرسلت مطراً، أغرق المطر مخزون النملة وعندما عادت الشمس أخرجت النملة الحبوب ونشرتها لتجف، جاء نقار الخشب فأخذ حبة منها فتعلقت النملة في رقبته وصارت تقرصه، طار نقار الخشب وهو متألم وحط على شجرة فصار ينقرها حتى وقعت، وقعت الشجرة على رجل الأرنب فكسرتها، تألم الأرنب وشكا إلى الله.

قال الأرنب: يا ربي أنا لم أفعل شيئاً ووقعت الشجرة فكسرت رجلي، سأل الرب الشجرة لم وقعتِ على رجل الأرنب؟ قالت الشجرة: أنا لم أقصد، لكن ماذا أفعل إذا ما صار نقار الخشب ينقرني حتى وقعت، سأل الرب نقار الخشب: لم أوقعت الشجرة؟ قال نقار الخشب: أنا لم أقصد لكن ماذا أفعل إذا قرصتني النملة؟ سأل النملة لم فعلتِ ذلك؟ قالت: لم أقصد لكن ماذا أفعل عندما يأخذ من حبوبي التي نشرتها بعد أن أمطرت السماء؟ سأل السماء: لم أمطرت؟ قالت: لم أقصد لكن ماذا أفعل عندما تضحك العذراوات حتى تتشقق أفكاكهن، سأل الرب العذراوات لم حدث هذا؟ فقلن: لم نقصد لكن ماذا نفعل عندما يخلع الخادم سرواله؟ فسأل الخادم: لم خلعت سروالك؟ فقال: لم أقصد، لكن ماذا أفعل إذا دخل الثعبان إلى سروالي؟ فسأل الثعبان: لم دخلت سرواله؟ رد الثعبان: ماذا أفعل إذا طار جزء من دماغ الذئب إلى عيني عندما رمى الغراب فوقه الصخرة؟ فسأل الرب الغراب: لم رميت الصخرة فوق رأس الذئب؟ فضحك الغراب ورد مستهزئاً: “ادا كا نقودو كوهوتيري تيكي” الصياعة هذي نديروا فيها من زمان.

فلو شكا الطفل البرد، لوضع البرد اللوم على غياب الكهرباء، ولامت الكهرباء المحطات، ولامت المحطات الغاز، وسيلوم الغاز الخارجين عن القانون، وإذا سألناهم لم اختلفوا وأغلقوا متسببين في إغلاق الغاز وإطفاء الكهرباء فسيضحكون مستهزئين بنا: “الصياعة” هذي نديروا فيها من زمان.
___________________________________
محمد العجمي
خاص 218

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى