أخبار ليبيااخترنا لك

الصحافة الأوروبية تلاحق مليارات دبيبة

ترجمة خاصة | 218

نشر مشروع الصحافة الاستقصائية حول الجريمة والفساد، تقريراً حول شبكة عالمية لغسيل الأموال يديرها علي إبراهيم دبيبة، قال فيه إن ثروته تقدر بمليارات الدولارات.

ومشروع الصحافة الاستقصائية، هو مشروع تأسس عام 2006، وينتشر صحافيوه في أوروبا، أفريقيا، آسيا، وأميركا الجنوبية، تكشف تقاريره الجريمة المنظمة، والفساد حول العالم. في التالي نورد نص التقرير بالكامل:

تظهر سجلات مسربة حديثًا من قبرص كيف استخدم “مسؤول مشتريات” في عهد القذافي شركات خارجية وحسابات مصرفية متعددة لتوجيه وغسل الأموال في الخارج، بعد أن سرق الملايين من حكومة بلاده.

الرئيس السابق لمكتب التعاقد الليبي (مؤسسة تنمية المراكز الإدارية) الذي خدم في عهد “الديكتاتور السابق معمر القذافي”،يتم التحقيق حول “نشاطاته اليوم لأنه يعتقد أنه قد سرق 20 في المائة من قيمة العقود التي تعاملت بها المؤسسة.

يظهر مستند تم تسريبه حديثاً أن المسؤول السابق قد استخدم في الجرائم الموجهة إليه 16 حساباً مصرفيا على الأقل، وسبع شركات، في قبرص. وتشكل الطرق التي تم اكتشافها مؤخراً جزءاً من امبراطوريته العالمية المخفية، والتي تضم أكثر من 100 شركة، وعقارات فخمة، وممتلكات أخرى.

منذ عام 1989 إلى عام 2011، علي إبراهيم دبيبة، عميد بلدية مصراتة السابق، تحكم في (مؤسسة تنمية المراكز الإدارية) وهي مؤسسة عامة كبيرة، أوكل إليها تطوير البنية التحتية في البلاد، طوال فترة خدمته “تماماً مثل الديكتاتور”، حصل دبيبة على 3 آلاف و91 عقداً، بقيمة كلية بلغت 45.4 مليار دينار ليبي أي ما يعادل 33 مليار دولار، في مقابلة مع مجلة “مجموعة أوكسفورد للأعمال”، قال دبيبة إن ميزانية المؤسسة عام 2008 كانت تبلغ 6.8 مليار دولار

السلطات الليبية في طرابلس تعتقد أن دبيبة ربما أساء استخدام 6 إلى 7 مليار، من قيمة عقود “تنمية المراكز الإدارية” باستخدام أساليب مثل وضع عمولات كبيرة، وإيلاء أعمال إلى شركات مرتبطة به أو يمتلكها سراً. في 2013، أطلقت السلطات تحقيقاً حول نشاطاته، كذلك أخوه يوسف إبراهيم دبيبة، وابنيه إبراهيم علي دبيبة وأسامة علي دبيبة. كذلك جندت محققين دوليين، لمحاولة استرجاع هذه الممتلكات المنهوبة، كما عرضت نسبة مئوية من الأموال لمن يعثر عليها.

دبيبة كان يعرف “الخاسر عندما يراه”، لذلك خلال التسابق على إسقاط القذافي عام 2011، غير ولاءه، وناصر الثوار. عندما سقطت ليبيا في حرب أهلية أزهقت أرواح الآلاف، كانت إمبراطورية شركاته جاهزة، لخدمة حياته في المنفى. ويعتقد أن دبيبة يعيش في اسطنبول حالياً.

“مخزن” المستندات الاقتصادية المسربة إلى الصحفيين، وكذلك المقابلات مع المسؤولين الليبيين الذين يحققون حول دبيبة، وملفات ذلك التحقيق، تظهرأكثر حول طريقة عمله.

فقط بعض الصفقات التي أدارها دبيبة جرت في قبرص، لكن استخدام المسؤول الليبي السابق للنظام المالي في البلاد قد يكون كشفه “حساساً” نظراً لجهودها في تلميع صورتها كجنة لغاسلي الأموال والمجرمين الآخرين.

الصحفيون الذين شاركوا في مشروع إيطاليا للصحافة الاستقصائية “IRPI” والمشروع المستقل “OCCRP” أمضوا الشهور الستة الأخيرة في ملاحقة تلك الأموال المفقودة، وأين انتهى بها الحال، ولأي أغراض استخدمت.

صعود دبيبة كان سريعاً، ومربحاً. مدرس الجغرافيا السابق، يرجح أنه ولد عام 1945، وأصبح عميد بلدية مصراتة، المدينة الساحلية المهمة، بعد أعوام قليلة عقبت سيطرة القذافي على السلطة في 1969. وفي عام 1983، بدأ دبيبة العمل في مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، ليصبح “ديكتاتوره” منذ عام 1989 إلى 2011.

كان غرض مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، استخدام ثروة ليبية الناتجة عن النفط، لتنمية البنية التحتية للبلاد. ولعب رئيسها، دبيبة، دوراً خادعاً، بنقاش العقود، والإشراف على الدفعات. لكنه كان له ولاءات أخرى، حيث أظهرت المستندات أنه بينما كان على “جدول رواتب” مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، أدار دبيبة عدة شركات خارج البلاد، استفادت [الشركات] من دوره الرئيسي في المؤسسة.

اختلاس دبيبة من أموال مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، لم يكن غير معلوم، حتى في عهد القذافي، وفقاً لكتاب صدر عام 2016، عن تسريب “أوراق بنما”، من صحفيين عملا عليها. ويشير الكتاب إلى أن “مستشارا للقذافي”، قال للمحققين الليبيين إن التناقضات في دفاتر مؤسسة تنمية المراكز الإدارية لوحظت مبكراً، لكن لم يتم البحث وراءها، لأن القذافي وأبناؤه، كانوا يتدخلون أو “متورطين” في إدارة المؤسسة.

“حكام البلاد الجدد” لم يرغبوا في إعماء أعينهم عن ثروة دبيبة. في 2012، وضع الرجل في القائمة السوداء، من قبل المجلس الوطني الانتقالي، إلى جانب ليبيين آخرين اختلسوا أموال الدولة.

هروب دبيبة

طلبت السلطات من الانتربول إصدار مذكرة حمراء في محاولة للقبض على دبيبة، بتهم اختلاس الأموال العامة، غسل الأموال، سوء استخدام السلطة، والفساد، لكن لم تعد المذكرة فاعلة. ووفقاً “لموقع إخباري ليبي”، فقد تم اعتقال دبيبة نتيجة مذكرة الانتربول في سبتمبر 2014. (الانتربول لم يعلق حول أسباب سحبها، وكذلك السلطات الليبية، حسب صحفيين حاولوا التواصل معها)

وحسب المستندات المسربة إلى الصحفيين، فقد تم إصدار عشرات الفواتير لمؤسسة تنمية المراكز الإدارية، من شركات عديدة، تحت إشراف دبيبة، تظهر أنه أوكل العقود إلى شركائه، أو حصل على عمولات تصل إلى 20 في المائة من العقود الحكومية التي تفاوض حولها.

الملفات المسربة احتوت على تسجيلات رقمية، لـ16 حساباً مصرفياً يملكها دبيبة في قبرص، لبنوك قبرصية وأخرى خارجية. تظهر الملفات حقيبة من الاستثمارات، تساوي ملايين الدولارات، وهو رقم لا يقارن بما قال المحققون الليبيون إنه كان راتبه خلال توليه إدارة مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، والذي كان يبلغ “15,600” دولار في السنة.

في المجمل، المحققون الليبيون يدققون في عمل أكثر من 100 شركة حول العالم، مرتبطة بالدبيبة، بما فيها 65 في بريطانيا، 16 في جزر العذراء البريطانية، 22 في مالطا، 6 في الهند، 3 في ليخنشتاين. السلطات الليبية طلبت من وكالات “تطبيق القانون” التابعة للسلطات القضائية في كل هذه الدول المساعدة في التحقيقات.

لكن كل ذلك بدأ في شرق المتوسط، في جزيرة جمهورية قبرص، حيث عاش دبيبة لفترة.

الموظف وصاحب العمل

قبرص كانت موقعاً جذاباً للمسؤول الليبي ليؤسس شركاته بينما كانت بلاده تحت عقوبات الأمم المتحدة لدورها في تفجير طائرة بان آم عام 1988. وعرضت “الجزيرة” [قبرص] خدمات مصرفية سرية، لم يكن فيها إطار لمكافحة غسل الأموال، وتوفر معدل ضرائب منخفض.

ويبدو أن دبيبة استخدم على الأقل 7 شركات في قبرص، واثنتين في كندا، وثلاثة في ليخنشتاين، لإصدار فواتير مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، وليتحرك ويستثمر أمواله المسروقة.

دبيبة ملك بعض هذه الشركات، وكان شريكاً في أخرى، وكلها كانت مربوطة بصديق قديم، كان شريكه في الجريمة.

رجل أعمال ليبي يسمى أحمد لملوم، وهو صديق قديم لدبيبة توفي عام 2014، ساعده في تأسيس إمبراطوريته الدولية والحفاظ عليها، وشاركه في الغنائم.

علاقاتهما الوثيقة، تجلت في الثقة التي يوليها دبيبة لصديقه. حيث كتب كبير محاسبي لملوم مرة في عام 2000 رسالة إلى مدير بنك كريدي سويس، حسبما يظهر النائب العام الذي تولى ملف الحسابات المصرفية لدبيبة.

دبيبة ولملوم اشتريا ممتلكات في سويسرا سوية، واستخدما وكيل العقارات ذاته ليشتروا شققاً متجاورة في “مونترو” على بحيرة جنيف، كما استخدما ذات مهندس الديكور في 1995. بالإضافة إلى شراكتهما في الأعمال، كان لهما علاقات عائلية وثيقة، وفي عام 1998، تزوج ابن أخ لملوم “هاني لملوم” ابنة دبيبة “آمنة”.

واحدة من الشركات التي أسسها الرجلان سوية – ربما أهم شركة في مشروعهما – هي شركة استثمارات “فابولون” في قبرص، والتي سميت فيما بعد “شبكة الأعمال العالمية” الدولية.

وحسب موقعها، تتخصص هذه الشركة اليوم في تأثيث المكاتب، و”أتمتتها”، وتوفير أدواتها. لكن فابولون كان أكثر من ذلك، حيث لعبت دوراً رئيسياً في سرقة أموال الدولة الليبية عبر مؤسسة تنمية المراكز الإدارية. بالإضافة إلى تلقيها نصيباً كبيراً من هذه الأموال، كانت الشركة المقر الرئيسي لشركات دبيبة الأخرى.

سجل لملوم “المالك المستفيد” لشركة فابولون، ما يعني أن أرباح الشركة تعود إليه بشكل كامل، على الأقل على الورق. أما بالنسبة لدور دبيبة، فتظهر الوثائق المسربة أنه موظف لدى فابولون، ورئيسها، وصاحب التوقيع الوحيد، لمعظم حسابات الشركة في قبرص، سويسرا وإنجلترا. وتظهر وثائق حول حسابات فابولون في الفرع القبرصي لبنك “الهليني” أن موقع دبيبة في الشركة كان “المدير العام”.

بين أغسطس 1997، وسبتمبر 1998، الشركة وافقت على 9 فواتير على الأقل للمؤسسة الليبية، تتعلق بطلبيات مواد بناء وأثاث. وكان إجمالي الفواتير يفوق 5.4 مليون.

في عام 1994 ادعى دبيبة أنه مستشار أعمال لدى “نوفست للاستشارات”، وهي شركة أخرى في قبرص.

ليس معلوماً أي جزء من هذه الأموال وجدت طريقها إلى حسابات دبيبة الشخصية، أو إذا ما كان قد تلقى دفعات من عقود مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، ووجهها إلى فابولون. “من المعلوم أنه حتى عندما كان يحصل على 12 ألف جنيه استرليني في السنة من المؤسسة، كان يحصل على 90 ألف دولار من الشركة كمرتب سنوي.

رجل قبرص

بالإضافة إلى فابولون – والتي مازالت تعمل إلى الآن باسمها الجديد “شبكة الأعمال العالمية الدولية – فإن دبيبة ولملوم استخدما شركات قبرصية عديدة لتشغيل أموالهما.

هذه الأعمال تضمنت كلاً من: ميدكون المحدودة، بيرك هولدنغ المحدودة، أولكسو المحدودة، مورهيد المحدودة، وكلها كان لها تحويلات إلى مؤسسة تنمية المراكز الإدارية، أو أخفت الأموال المسروقة، أو الاثنين.

واحدة من هذه الشركات، أولكسو، أدارت عقارات دبيبة، حيث أجّرت عقاراً في بلدة “سوري” البريطانية، بـ3 آلاف استرليني في الشهر، في 2006. ومبنى آخر في ذات البلدة تديره “بيرك هولدينغ” بـ3 آلاف و500 استرليني شهرياً. (هذه العقارات، التي كانت تساوي 2 مليون استرليني في 2014، كانت تملكها شركة مرتبطة بالدبيبة).

المستندات المرتبطة بشركة “أولكسو” قدمت أدلة ثابتة لعلاقات عملية وثيقة بين لملوم ودبيبة، وعبر عمل العملاء القبارصة الذي ساعدوا في كشف “مخطط دبيبة كاملاً”.

برج أندرياس نيكولوس وشركاؤه

في 27 مايو 2004، لملوم وزوجته، والذين كانوا حتى ذلك الوقت مسجلين بأنهما “المالكان المستفيدان” لشركة أولكسو، استشارا شركة قانونية في قبرص، لتحويل 25 ألف سهم يملكانه إلى علي دبيبة أو أي شخص يسميه.

الشركة التي وفرت هذه الاستشارة القانونية كانت “أندرياس نيكولوس وشركاؤه”، وهي واحدة من أكبر شركات الاستشارات والخدمات القانونية في قبرص. وعملاؤها معظمهم من أصحاب الثروات، وتضمن ذلك الثري الروسي ديمتري ريبولوفليف، الذي استثمر أموالاً ضخمة في القطاع المصرفي في البلاد.

أندرياس نيكولوس وشركاؤه، لهم سمعة ملوثة، مؤسسها “أندرياس نيكولوس”، انسحب من الخدمة بعد أن أدين ابنه وشركته العام الماضي برشوة النائب العام القبرصي، ريكوس إروتوكريتو، في قضية فساد كبيرة، غير مرتبطة بقضية دبيبة. الحادثة هزت المؤسسة السياسية في الجزيرة، والشركة استبدلت بشركة أخرى تسمى “إلياس نيكولوس وشركاؤه”، والتي تحمل اسم ابن “أندرياس” الآخر.

لكن الشركة لم يكن لديها مشكلة في تنفيذ طلب لملوم في 2004، لتحويل 50 ألفاً من أسهم شركة أوليكسو إلى دبيبة كما طلب، ما جعله المستفيد الوحيد من أموال الشركة.

المستندات المسربة تؤكد أن اتصالات لملوم مع “نيكولوس وشركاؤه”، تظهر أنه دفع إلى الشركة من أجل خدماتها، واستلم إيصالات لمستندات تثبت تحويلات مالية.

الشركة تعاملت كذلك مع دبيبة نفسه.

مكاتب GBNI في ليماسول

مالكا أسهم أوليكسو الاثنين بقيا كما هما [لملوم وزوجته]، لست سنوات بعد نقل الأسهم، ويظهر أن “نيكولوس وشركاؤه” استمرت في تقديم الخدمات للشركة بعد نقل الملكية إلى دبيبة.

“نيكولوس وشركاؤه” وشركات أخرى تعاونت في إعطاء أسماء أشخاص يديرون أسهم شركات دبيبة الأخرى في قبرص. الشركات اشتركت مع الشركة القانونية في مقرها في العاصمة “ليماسول” – منزل نيكوليوس – وعنوانها البريدي. وإلى حين تنحي أندرياس نيكولوس، عمل هو نفسه كأحد مديري فابولون.

على الرغم من كل ما ذكر، عندما تحدث المراسل كيرياكي ستينغا، إلى “ضابطة الامتثال” في شركة “إلياس نيكولوس وشركاؤه”، والتي تحدثت بالنيابة عن سلفها، نفت بشدة أي علاقات تربطه بـ “دبيبة”.

ونفت بوضوح إن كانت الشركة قد تعاملت مطلقاً مع دبيبة، كعميل لها، لكنها أوضحت أنها وفرت خدمات لـ “شبكة الأعمال العالمية الدولية” المرتبطة بدبيبة، هذا على الرغم من حقيقة أن أنه لم يكن فقط على جدول رواتب الشركة، بل كان يستطيع الوصول إلى حساب الشركة في “البنك الهيليني”.

في تصريح تم إرساله عبر البريد الإلكتروني، المحامي أندرياس نيكولوس قال إن شركته القانونية التي أسسها لم تتورط في الأعمال اليومية لشركات عملائها، ولا في نشاطاتهم التجارية. حيث قال: “لم نكن نتوقع تفاصيل عملياته التجارية، أو شركاءه التجاريين، إن لم يكن هناك قضية قانونية مرتبطة بهم، مثل قضية ديون معقدة”.

وأضاف أندرياس نيكوليوس أنه لا يستطيع التعليق على مسائل محددة متعلقة بعملائه، مشيراً إلى قانون “محامي قبرص” الذي يمنع المحامين من مشاركة المعلومات السرية.

على كل، شدد على أن شركته “تعاملت باحترافية”، وأنه “لم ينم إلى علمه أي شيء يثير الشبهات لأي شخص عاقل بخصوص الشركات وحاملي أسهمها”. يأتي ذلك في وقت لم يكن يطبق فيه مبدأ معرفة الزبائن، على معظم هذه الشركات.

وقال “لم يكن هناك أي مشكلة في إجراءات القبول المقدمة من عملائنا لتمنعنا من التعامل معهم، لو رأينا مشكلة لرفضنا التعامل.

الصديق وقت الضيق

ولا ننسى صديق دبيبة المقرب “أحمد لملوم” فبعد كل ذلك، بالتأكيد لم ينسه دبيبة.

بعد أن قتل القذافي، وأسقط نظامه في 2011، لم يعد ممكناً أن يعمل الرجلان كما فعلاً سابقاً، لبيبة لم يعد في منصبه ليؤمن الاتصالات المربحة. لكن هناك دلائل، في قضية واحدة على الأقل، أن لملوم تمكن من متابعة الصفقات المربحة على حساب الدولة الليبية. عام 2013 شركة تتبع دبيبة باعت رفوفاً لشركة الاتصالات الليبية بأكثر من 182 ألف يورو بمساعدة وسيط حصل على عمولة بـ10 في المائة من دون أن يشارك في التحويل. وحصل الصحفيون على مراسلة داخلية تكشف حقيقة أن السعر تضخم بشكل كبير من أجل العمولات. ولم تجذب ممتلكات لملوم في قبرص الانتباه.

بعدما توفي لملوم في سبتمبر 2014، سلطات الضرائب القبرصية، استجوبت المسؤولين عن ممتلكاته، محامي شركة أندرياس نيكوليوس كريستوس فيزوفيوس وابن لملوم “سامي”، لتوضيح أصول 2.6 مليون تم تحويلها عبر حساباته البنكية في بنكين في قبرص بين 2008 و2013

أحمد لملوم

وكتب ضابط الضرائب “تاسوس كونستانتيو إلى المحامي فيزوفيوس و”سامي لملوم”، رسالة في 2015 قال فيها “كمقيم مسجل لدى ضرائب قبرص، فتفرض عليه ضرائب على دخله الدولي”، مضيفاً “دخله الذي يبلغ ما بين 40 إلى 45 ألفاً في العام غير كاف من وجهة نظري لتغطية المصاريف الحياتية المرتفعة لعائلة لملوم وصيانة منزلهم”.

والمنزل محل التساؤلات ربما يقصد به منزل أرملة أحمد لملوم، منيرة قدور، المؤجر من قبل شركات مرتبطة بدبيبة قرب ليماسول. وهذا ما أكدته المصادر التي سربت هذه الوثائق. ويحتوي على 6 غرف نوم، 7 حمامات، غرفة للخدم، مدفأة، سينما منزلية، ساونا، جاكوزي، أرضيات بتدفئة ذاتية، صالة رياضية، بركة سباحة وتشرف على البحر. وفي الوقت الذي أرسل فيه كونستانتينيو رسالته، كانت قيمة المنزل 3.5 مليون يورو.

أين ذهبت الأموال؟

دبيبة ولملوم ربما استغلا النظام المالي في قبرص للحصول على أموال من ليبيا، لكنهما لم ينفقاها فيها.

كما يتضح، عبر شبكة من الشركات الوهمية حول العالم، استثمر الاثنان في العقارات في كندا واسكتلندا ومناطق أخرى في أوروبا.

في كندا أسس دبيبة ولملوم شركتين على الأقل بما في ذلك شركة ويلاندز للتجارة الدولية التي تأسست في ديسمبر 1995 والتي لم تعد نشطة حالياً.

هذه الشركة يبدو أنها كانت وسيلة للثنائي لتحويل الأموال الليبية إلى كندا. ويلاندز التي يرأسها لملوم، ونائبه دبيبة، اقترضت مليون دولار كندي من “ترانس انفو”، وهي شركة أخرى لدبيبة في ليخنشتاين شاركت في تحويلات إلى مؤسسة تنمية المراكز الإدارية. حقيقة كان يقرض الأموال إلى نفسه، وبعدها يستعملها في العام اللاحق، ليحصل على عقار بقيمة 4.5 مليون دولار كندي في مونتريال.

علي دبيبة وزوجته يملكان شقة في مونتريال تعادل قيمتها 628 ألف دولار كندي في 2017.

(ويلاندز دفعت بطرق أخرى، أيضاً: في 1997 و1998، الشركة أصدرت فواتير لمؤسسة تنمية المراكز الإدارية في مناسبات عديدة لبيع إطارات، معدات طبية، وأثاث مكتبي بأكثر من 2.3 مليون دولار).

أموال الدبيبة وصلت إلى اسكتلندا. “قلعة تيموث” وهي واحدة من أهم المباني في اسكتلندا، أحد صروح العهد القوطي الجديد، زارته الملكة فيكتوريا ذات مرة.

بنيت القلعة عام 1552 تمتد على مساحة تبلغ 450 آكراً (180 هكتار)، وتحتوي على ملعب غولف يحتوي على 11 حفرة، ويعتبر المبنى أهم قلعة اسكتلندية يملكها شخص، وتظل خالية.

قلعة تايماوث واحدة من الممتلكات البريطانية التي يبدو أنها مرتبطة بإمبراطورية دبيبة البحرية

وتحذر لافتة خارج المبنى الزائرين من أن هناك إصلاحات تجري في المبنى، لكن سكان المنطقة يشككون في ذلك.

والقلعة مقصد للزوار الذين يتنزهون حول “شارع تيدي” وقرية كينمور القريبة. لكن بدلاً من الإعجاب بروعتها، يتم رؤيتها كما قال سائح إلى صحفي بأنها “العقار الغامض في قلب مؤامرة غسيل الأموال الليبية”.

للأسف، ليست هذه قصة خيالية، فإلى جانب عقارات أخرى في المملكة المتحدة، قلعة تيموث يشتبه في أن تكون ضمن شبكة معقدة من الشركات الاسكتلندية التي يزعم أن دبيبة استعملها لغسل أمواله غير المشروعة.

هذا الادعاء قدمه النائب العام الليبي، وضمنه في طلب سري للمساعدة القانونية أرسل إلى سلطات المملكة المتحدة في 2014.

القلعة ربما تكون ليست الوحيدة آخر حدود إمبراطورية دبيبة في المملكة المتحدة.

وكما نشرت صحيفة “غارديان”، استثمرت الشركات التي يملكها دبيبا وابنه وأخواه في 6 عقارات إنجليزية راقية، تبلغ قيمتها حاليا أكثر من 25 مليون استرليني. وذكرت صحيفة “صندي تايمز” أن علي دبيبة أضاف عقاراً ب3 مليون استرليني في إدنبرة.

فريق استعادة الممتلكات الذي عمل إلى جانب المحققين الليبيين اكتشف أيضاً عقارين ألمانيين في براندنبرغ وبرلين يملكهما آل الدبيبة، قيمتهما غير معروفة.

هذه اللائحة الضخمة من العقارات حول العالم تظهر أن ممتلكات علي دبيبة العقارية لم تصمد فقط عند هروبه من ليبيا، بل واصلت عائلة لملوم الاستفادة منها ماليا عبر علاقتها القوية.

تعليق أم لا تعليق

هذه الكشوفات حول آل دبيبة ولملوم، في قبرص، تأتي في وقت تحاول فيه سلطات الجزيرة تحسين سمعتها الدولية التي شوهتها التقارير حول غسل أموال أثرياء شرق أوروبا. وظهرت هذه الأشياء بعد أكثر من 5 سنوات على موافقة قبرص على اتفاقية إقراض في 2013 مع المفوضية الأوروبية، البنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، تتضمن تقديم تشريعات أكثر صرامة حول غسل الأموال.

MOKAS، وحدة مكافحة غسل الأموال في مكتب النائب العام في قبرص، قالت عبر البريد الإلكتروني إن السلطات القبرصية لا تستطيع كشف معلومات حول نشاطات مشبوهة محتملة تم التبليغ عنها إليهم، أو استقبلوها، من بلدان أخرى، وأضافت “لم تتخذ بعد أي إجراءات” بما في ذلك التنسيق مع الشرطة عندما يكون هناك حوجة إلى ذلك.

متحدث باسم البنك الهيليني، “المقرض” المحلي الذي وضع فيه كل من لملوم ودبيبة حساباتهما الشخصية وحسابات الشركات، قال إنه بينما تمنع سياسة البنك التعليق على تحويلات الزبائن، لكن لم يمنعه ذلك من اتخاذ “الإجراءات المناسبة والضرورية” عندما يكون هناك “أقل اشتباه حول قضايا غسل أموال”.

وأضاف المتحدث أن المقرضين كانوا يتعاونون مع المشرفين والمنظمين لتقليل خطر غسل الأموال.

وقال بنك كريدي سويس الذي كان لـ”لملوم” الأحقية القانونية لتمثيل دبيبة إنه “ملتزم بتسيير أعماله بالتزام صارم بالقوانين النافذة، وحسب القواعد والتشريعات المعمول بها في الأسواق التي يعمل فيها”.

بالإضافة إلى ذلك، أندرياس نيكوليوس قال إن البنك المركزي القبرصي، الذي واجع قضايا الموافقة على استثمارات أجنبية في البلاد قبل أن يصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، قد أجرى “تدقيقاً واستعلاماً مكثفاً” في كل الاستثمارات التي وافق عليها من قبل، بما يتضمن استثمارات دبيبة.

وأضاف، “كان يشترط للموافقة على فئات معينة من الاستثمارات وشراء مبان معينة في ذلك الوقت الحصول على موافقة مجلس الوزراء، ونجحت الشركات في الحصول على هذه الموافقة. علاقاتهم مع الأقسام الحكومية المعنية كانت ممتازة”.

تم التواصل مع آل لملوم عبر البريد الإلكتروني لشركة “الشبكة العالمية للأعمال”، وشركة نيكوليوس القانونية، ولم يعلقوا أو يستجيبوا لطلبات التعليق، كما لم نتمكن من الوصول إلى دبيبة للتعليق على الموضوع.

يعيش أفراد عائلة أحمد لملوم في قبرص إلى اليوم، بينما حاول مراسلون الوصول إلى دبيبة للتعليق على هذه القصة، لكن لم يتمكنوا من ذلك.

المصدر
occrp

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى