اهم الاخباركتَـــــاب الموقع

الربيع العربي.. كلاكيت ثاني مرة

براء عادل
قبل ما يقارب الشهرين وقبل بدء احتجاجات السودان بأيام قليلة، كنت منطلقاً نحو العمل صباحاً، وكعادة كلّ صباح تطاردني لعنة السياسة والبحث عن جديد الأخبار كعادة يومية لا أستطيع الفكاك منها، وبينما أنا أستمع لإذاعة “البي بي سي” البريطانية طالعتني مجموعة من الأخبار والأفكار التي كانت على الشكل الآتي: لقاء الرئيس السوداني عمر البشير بالرئيس السوري بشار الأسد وإعادة افتتاح بعض السفارات العربية في دمشق، الجدل الحاصل في تونس والصراع القديم على أنظمة وقوانين جدلية، سيف الإسلام القذافي يتجهز لخوض الانتخابات الليبية القادمة، إشاعات حول احتمالية ترشح الرئيس الجزائري بوتفليقة لولاية خامسة، وليس انتهاءً بفقدان القضية الفلسطينية لزخمها المعهود وجولات جديدة للمصالحة بين الأشقاء، والتطبيع الذي بدأ بالظهور على السطح وكانت بداياته قبل الربيع العربي لكن مع قدوم الثورات كُبح جماحه بشكل قوي خصوصاً في السنوات الأولى للموجة.
 
للوهلة الأولى وأنا أستمع لتلك الأخبار وتراودني تلك الأفكار ظننت أن الزمن قد رجع بي إلى الوراء ما بين عامي 2009-2010؛ بشار الأسد زعيم مُرحّب به عربياً وقليلا من العالمية، معمر القذافي يستعد لتوريث ابنه سيف الإسلام، الجدل الديني والقانوني في تونس، فتح وحماس…. إلخ، فالأحداث تبدو للمتابع مشابهة كثيراً إلى حد التطابق لما نعيشه اليوم بعد الفشل النسبي للجولة الأولى من ثورات الربيع العربي التي كان سبب فشلها حسب رأيي وربما يوافقني الكثير هو عدم جاهزية الشعوب العربية للديموقراطية والحرية وتقاسم السلطة، فوجدنا التصارع والتناحر عليها والاستئثار بها من بعض الأطراف قد أوصلنا لما نحن عليه، وحتى لا نبالغ في جلد ذواتنا فهو نتيجة حتمية لتجهيل متعمد للشعوب عبر عقود طويلة من حكم أنظمة مستبدة.
 
وبرأيي أن السودان هو انطلاقة جديدة للموجة الثانية من الربيع العربي، فمجرد سقوط البشير ستكون الشرارة التي ستشعل المحيط من جديد كما فعلت تونس من قبل عندما أسقطت بن علي، والمأمول من الشعوب أن فترة الثماني سنوات السابقة كانت كفيلة بخلق وعي كافٍ لتفادي أخطاء وكوارث ما حدث في الفترة السابقة، وأن الشعوب قد باتت جاهزة لفهم أعمق وأشمل لمفاهيم دولة القانون والحريات، لا دولة السلاح والميليشيات.
 
الأيام القادمة مليئة بالأحداث المتسارعة، وعلى الأكثرية المسحوقة التي تشكل الكتلة الحرجة في أي تحرك أن تكون لها الكلمة العليا والدور الأكبر، وأن لا تسمح لأحد بالتسلق عليها وسرقة مكتسباتها سواء بالقوة أو باسم الدين أو باسم المثقفين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى