كتَـــــاب الموقع

(الرئاسي) و(الحكومة) وموعد الانتخابات!

الحسين المسوري

انتهت عملية اختيار رئيسي السلطة التنفيذية في ملتقى الحوار السياسي الليبي، بفوز محمد المنفي برئاسة المجلس الرئاسي والذي يعتبر منصب (سيادي) أكثر منه تنفيذي، وفوز عبدالحميد الدبيبة برئاسة الحكومة الجديدة، ويحتاج الدبيبة إلى قرابة الشهر ليتسلم مهامه رسميا، باعتبار أنه أمام مجلس النواب 20 يومًا لمنح الثقة للحكومة، وفي حال عدم منحها الثقة من قبل مجلس النواب يعود الأمر إلى أعضاء ملتقى الحوار الوطني لمنحها الثقة.

والملاحظ أن ما قدمه الفائز برئاسة الحكومة عبدالحميد الدبيبة وغالبية المترشحين من وعود وبرامج وأفكار لا تتناسب مع المدة الزمنية المحددة لهذا المجلس وهذه الحكومة، التي تقدر بنحو 10 أشهر تقريبًا، باعتبار أن الانتخابات ستكون في 24 ديسمبر من نهاية العام الجاري.

من أهم وعود عبدالحميد الدبيبة (أن تكون هناك مؤسسات أمنية باحترافية واحتكار الدولة السلاح، ويمنع حمله خارجها، وعودة جميع المهجرين وإعادة إعمار المدن المتضررة واستكمالها، وإعادة الثقة في الدينار الليبي وتعزيز قوته الشرائية، وحل مشكلة الكهرباء في مدة لا تتجاوز ستة أشهر)، وهذه الوعود أعتقد أنه لا يستطيع تنفيذها حتى الرئيس الأميركي جو بايدن المنتخب لأربع سنوات كاملة لقيادة أقوى دولة في العالم، فما بالك بمن يريد إقناعنا أنه يستطيع تنفيذ ما وعد به وفي عشرة أشهر وفي دولة شبه مفككة وبلاد منقسمة!

أعتقد أن ما أعلنه الفائز برئاسة الحكومة عبدالحميد الدبيبة وأغلب المترشحين من وعود وهذا التزاحم، حيث وصل عدد المتقدمين لرئاسة المجلس الرئاسي إلى 24 مرشحا!، ولرئاسة الحكومة 21 مرشحا، وهذا الإصرار على تولي المنصب القصير المدة مؤشر على أمرين، إما أنهم يعلمون مسبقًا أن موعد الانتخابات المذكور هو غير واقعي ولن تحدث انتخابات وسوف يستمر في المنصب لسنوات أخرى كمن سبقه، وإما أن بعض المترشحين رأى أن مجرد الترشح فرصة ممتازة للظهور الإعلامي، من أجل إعلان الدخول للساحة السياسية والحصول على منصب وزير على أقل تقدير في مفاوضات الجولات الأخيرة، رغم أن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا، ستيفاني وليامز، أكدت أن المترشحين وقعوا تعهدا بالالتزام بخارطة الطريق وموعد الانتخابات ونتائج التصويت.

وهنا نرى أن المترشح الصادق الذي يحترم الشعب الليبي هو من حدد برنامجه بأن هذه الحكومة مهمتها الأولى وربما الوحيدة، نظرًا لضيق الوقت، هي إجراء الانتخابات فقط، فمدة عشرة أشهر قد لا تكفي حتى في إعداد البلاد بمختلف مناطقها لتكون جاهزة من الناحية اللوجستية والأمنية لإجراء الانتخابات، ومن أجل تجهيزها وحل كل العراقيل والصعوبات المتوقع مواجهتها تحتاج إلى بذل جهد كبير وعمل يومي شاق من قبل رئيسي المجلس والحكومة، قد يصل إلى 16 ساعة في اليوم، وذلك بسبب الانقسام السياسي الحاد والسيطرة المسلحة لأطراف الصراع على مناطق متداخلة ومختلفة من ليبيا، وهذا المرشح لم يكن موجودًا للأسف.

أما أسوأ ما صاحب الترشيحات لمناصب السلطة التنفيذية، فهو الزج بالمؤسسة القضائية في الصراع على السلطة، وترشح رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة العليا، المستشار محمد الحافي، لرئاسة المجلس الرئاسي دون أن يقدم استقالته، وهو ما طرح تساؤلا: كيف ستنظر الدائرة الدستورية في أي طعون قد تقدم في نتائج الانتخابات، في الوقت الذي يرأسها أحد المترشحين لهذه الانتخابات؟ ما يهدد وحدة المؤسسة القضائية وهيبتها و استقلاليتها وحيادها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى